شارك حارث السيفي، الباحث في المناخ والمتخصص في أرشيف المناخ العماني، مؤخرًا بآرائه حول خريف هذا العام عبر منصة “X” (تويتر سابقًا). وبحسب السيفي، تفوق خريف 2024 على موسم 2022 وأصبح الخريف الأكثر تميزًا الذي شهدته صلالة منذ 28 عامًا. وقال السيفي: “لقد اخترت أفضل مواسم الخريف لمدينة صلالة، وحتى أمس، تجاوز خريف 2024 موسم 2022 ليصبح الأفضل منذ عام 1996”.
وأشار الصيفي إلى أنه على الرغم من وجود مواسم خريف قوية أخرى، خاصة في الخمسينيات والستينيات، فإن موسم 2024 يتميز بخصائص استثنائية. ورغم أن الصيفي يفتقر إلى بيانات يومية كاملة لعامي 1995 و1996، إلا أنه أقر بأن هذه الأعوام كانت قريبة في الجودة من الموسم الحالي، مما يؤكد الطبيعة الاستثنائية لخريف 2024.
وقد شهدت محافظة ظفار هذا العام ضبابًا كثيفًا ورذاذًا مستمرًا غطى المناطق الجبلية والسهول الساحلية، مما أدى إلى نمو سريع وكثيف للنباتات، وتحويل المناظر الطبيعية إلى ملاذ أخضر مورق.
ولم تساهم الظروف المثالية في تعزيز الجمال الطبيعي للمحافظة فحسب، بل كان لها أيضًا تأثير إيجابي على الزراعة والثروة الحيوانية، حيث حصد المزارعون والرعاة فوائد المياه الوفيرة والمراعي الغنية، مما ضمن لهم موسمًا مثمرًا.
شهدت السياحة، وهي قطاع حيوي في محافظة ظفار، طفرة غير مسبوقة بسبب موسم الخريف الاستثنائي. فقد توافد السياح المحليون والدوليون إلى المحافظة بأعداد كبيرة، راغبين في تجربة المناخ الفريد والمناظر الطبيعية الخلابة. وقال أحمد المعشني، مدير أحد المنتجعات الرائدة في صلالة: “لم نشهد مثل هذا الطلب المرتفع على أماكن الإقامة خلال موسم الخريف من قبل. لقد كان هذا العام نقطة تحول لصناعة السياحة، ونحن نشهد بالفعل الفوائد الاقتصادية في جميع المجالات”.
وقد أدى تدفق الزوار إلى تعزيز الاقتصاد المحلي بشكل كبير، حيث شهدت الفنادق والمنتجعات والأسواق ارتفاعًا في الطلب. ويتوقع خبراء السياحة أن الفوائد المالية لهذا الموسم سوف تستمر لفترة طويلة بعد انقشاع الضباب الأخير.
وقال سالم بن علي العامري، أحد أصحاب المحلات التجارية المحلية: “لقد استقطب موسم الخريف 2024 عددًا أكبر من العملاء مقارنة بالسنوات الماضية. ليس فقط الجمال الطبيعي ولكن أيضًا الشعور بالمجتمع والتقاليد التي تجعل الناس يعودون مرة أخرى”.
إن تأثير هذا الخريف الاستثنائي يتجاوز المجالات الطبيعية والاقتصادية، حيث احتضن المجتمع المحلي هذا الموسم من خلال تنظيم مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية والتراثية، التي تعرض التقاليد الغنية لمحافظة ظفار وتعزز العلاقة العميقة بين السكان والزوار. لم تثري هذه الاحتفالات النسيج الثقافي للمحافظة فحسب، بل سلطت الضوء أيضًا على التراث العميق الجذور الذي يزدهر جنبًا إلى جنب مع عجائب ظفار الطبيعية.
وفي تعليقه على الأهمية البيئية لخريف هذا العام، قال أحمد، الباحث البيئي: “يعتبر الخريف تذكيراً قوياً بالتوازن الدقيق بين الطبيعة والنشاط البشري. كما أنه بمثابة دراسة حالة لأهمية الحفاظ على مثل هذه الظواهر الطبيعية للأجيال القادمة”.
لا شك أن موسم خريف ظفار 2024 سيظل في الأذهان باعتباره موسمًا لا مثيل له من الجمال والأهمية. فهو لم يضع معيارًا جديدًا لما يمكن أن يقدمه موسم الخريف فحسب، بل أكد أيضًا على أهمية رعاية البيئة في الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي للمحافظة. ومع انقشاع الضباب، ستظل ذكريات هذا الموسم الاستثنائي باقية في الأذهان، مما يلهم الأجيال القادمة لتقدير وحماية عجائب ظفار الفريدة.