اقتصاد

المدينة المستدامة – يتي: مزج التراث مع الابتكار من أجل مستقبل أكثر خضرة



مسقط: لقرون عديدة، عاش شعب عمان في وئام مع الطبيعة، ولم يأخذوا إلا ما يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة مع ترك تأثير ضئيل على البيئة. وقد انعكس أسلوب الحياة المستدام هذا في كل شيء بدءًا من الهندسة المعمارية وحتى ممارسات المجتمع. واليوم، يأخذ المطورون ذوو التطلعات المستقبلية ورقة من كتاب أسلافنا لإنشاء عروض معيشية مستدامة تلبي متطلبات سكانها مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأجيال القادمة.

إحداها هي شركة Diamond Developers، وهي إحدى أقسام شركة SEE القابضة، والتي تعمل حاليًا على تطوير المدينة المستدامة – يتي في شاطئ يتي الساحر على ساحل خليج عمان بالقرب من مسقط بالشراكة مع الشركة العمانية للتنمية السياحية (عمران).

تم تصميم هذا المشروع الطموح مع مراعاة أعلى معايير الاستدامة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، ويطمح إلى أن يصبح أكبر مجتمع تشغيلي مستدام في المنطقة وأول مدينة خالية من الانبعاثات في العالم بحلول عام 2040.

هناك المزيد من القصة. سوف ينعكس تراث عمان الغني كأقدم دولة مستقلة في العالم العربي وواحدة من أقدم الدول المأهولة بالسكان على وجه الأرض في كل جانب من جوانب المدينة المستدامة – يتي. ونتيجة لذلك، سيكون شكل ومظهر المدينة بأكملها في انسجام تام مع البيئة.

تنسج المدينة نسيجًا غنيًا من التصميم المعماري والحضري المستوحى من ماضي المنطقة بينما تحتضن مستقبلًا مستدامًا. وفي قلب مخططها توجد مجموعات خالية من السيارات، مستوحاة من مفهوم “الفريج” التقليدي، وهو السمة المميزة للأحياء العربية القديمة. في هذه التجمعات، كان الإحساس بالانتماء للمجتمع أمرًا أساسيًا، حيث كان الجيران متصلين عبر ممرات ضيقة للمشاة، تسمى سيكاس، وكان الأطفال يلعبون بأمان خارج منازلهم. وينعكس هذا الجوهر في المدينة المستدامة – شوارع يتي المخصصة للمشاة، حيث يشجع غياب السيارات السكان على المشي، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويخلق مساحة للأطفال للاستكشاف بحرية، تمامًا كما كان الحال في أيام “الفريج” القديمة.

من الناحية المعمارية، تعرض الفلل والمباني تفسيرًا حديثًا للجماليات المحلية. تم دمج هيكل يشبه الشبكة، يذكرنا بالأنماط المعقدة الموجودة في الشبك الخشبي التقليدي، والمعروف باسم المشربية، في التصاميم. وهذا لا يشيد بالهندسة المعمارية العمانية فحسب، بل يخدم أيضًا غرضًا وظيفيًا، حيث يسمح بالإضاءة والتهوية مع الحفاظ على الخصوصية – وهو جانب رئيسي من التراث المعماري للمنطقة.

يعكس تصميم الفلل أيضًا الأهمية الثقافية للخصوصية والآداب الاجتماعية في المنازل العمانية. تم فصل المجلس، وهو مساحة تقليدية لاستضافة الضيوف، بعناية عن مناطق المعيشة العائلية والمطبخ، مما يضمن التوازن بين الضيافة والخصوصية – وهو عنصر أساسي في الثقافة العربية والذي يظل أساسيًا في الحياة العصرية.

كان على أسلافنا أن يواجهوا تحدي الحرارة بالوسائل التي منحتهم إياها الطبيعة. تعمل هذه المنهجية، التي تسمى التصميم السلبي، بما يتماشى مع المناخ المحلي للحفاظ على درجة حرارة داخلية مريحة من خلال تحسين تخطيط المبنى واختيار المواد التي تصرف حرارة الشمس.

المدينة المستدامة – استخدمت يتي تصميمات تعتمد على الهندسة المعمارية العربية العامية لتعظيم إمكانات التبريد الطبيعية للمباني. ويمتد هذا النهج إلى الأماكن الخارجية، حيث تعمل السيكا المظللة والأرصفة المسامية على تقليل الجزر الحرارية، بينما تعمل ممرات الرياح على تعزيز الراحة الحرارية.

لن يحافظ المجتمع على الطبيعة فحسب، بل سيساعد أيضًا في استعادة التراث الطبيعي لمدينة يتي. وستكون المناظر الطبيعية الحضرية الواسعة في الغالب جافة، وذلك باستخدام نباتات مستوطنة تتحمل الحرارة والجفاف وتتطلب صيانة أقل ومياه أقل.

تعتبر الزراعة جزءا لا يتجزأ من الثقافة العمانية، حيث تعتبر زراعة التمور حجر الزاوية في اقتصاد البلاد. تاريخيًا، اعتمدت المجتمعات المحلية على الزراعة ليس فقط من أجل لقمة العيش، ولكن أيضًا كوسيلة للتواصل مع الأرض ودعم أسلوب حياة الاكتفاء الذاتي. في المدينة المستدامة – يتي، يعكس التكامل بين الزراعة الحضرية والحدائق المجتمعية هذا التقليد. ومن خلال دمج الممارسات الزراعية المستدامة بمشاركة السكان، تكرم المدينة هذا الإرث مع الترويج لأسلوب حياة أكثر خضرة وصحة. علاوة على ذلك، ستكون مزرعتها بمثابة العمود الفقري الأخضر للمجتمع، مما يعزز المناخ المحلي، ويقلل درجة الحرارة المحيطة، ويحسن جودة الهواء.

بالإضافة إلى احتضانها للاستدامة وتعزيز الارتباط العميق بالطبيعة، ستحافظ المدينة المستدامة – يتي على التقاليد العمانية والتراث الثقافي على قيد الحياة من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة. وسيحتوي المجتمع على مركز موسيقي يقدم الدروس وينظم الحفلات الموسيقية وغيرها من الفعاليات الموسيقية، بالإضافة إلى مركز للفنون يضم دروسًا لجميع الأعمار. بالإضافة إلى ذلك، سيحتوي مركز الترحيب على متحف صغير، يتم تقديمه بالتعاون مع وزارة السياحة، حيث يمكن للناس التعرف على الثقافة العمانية. كما يمكن للمقيمين والزوار أيضًا قضاء يوم مع الصيادين المحليين على متن المراكب الشراعية التقليدية ليتعرفوا بشكل مباشر على كيفية كسب أسلافنا لقمة عيشهم.

من خلال الاعتماد على التراث المحلي لإنشاء نموذج عمل مرن وقابل للتكرار للحياة المستدامة، تهدف المدينة المستدامة – يتي إلى إحداث تغيير سلوكي حقيقي، وضمان تأثير إيجابي دائم على الأجيال القادمة.



Source link

مواضيع مشابهة

النفط يهبط مع ضعف توقعات الطلب

bayanelm

الطاقة حياة العالم

bayanelm

ورشة عمل تناقش كود البناء العماني المقترح

bayanelm