تعد محافظة ظفار من أهم المناطق التي تزدهر فيها التنوع البيولوجي، حيث تضم نحو 800 نوع من النباتات من بين 1200 نوع معروف في عُمان. ويسمح موسم الخريف لعلماء الزراعة بدراسة هذه الأنواع في بيئتها الطبيعية، وخاصة تلك التي تزدهر حصريًا خلال أشهر الرياح الموسمية.
إن هطول الأمطار المستمر يرطب الأشجار، مما يجعلها تزدهر بشكل طبيعي دون أي تدخل يدوي. وبالنسبة للعلماء، يعد هذا الوقت مثاليًا لمراقبة وتوثيق سلوكيات النباتات وأنماط النمو والتفاعلات البيئية الفريدة لهذا الموسم.
الدكتور أحمد الشنفري مدير دائرة البحوث الزراعية والحيوانية بظفار يسلط الضوء على مميزات الخريف للزراعة: “تتمتع محافظة ظفار بالعديد من المميزات خلال موسم الخريف خاصة للقطاع الزراعي.
وأضاف أن “المناخ الذي يتميز بدرجات حرارة منخفضة ورطوبة معتدلة مصحوبة برذاذ المطر يزيد من وفرة المياه ويقلل من معدل النتح والتبخر، مما يوفر مناخاً مناسباً للنمو النباتي، مما يسمح للمحاصيل وجميع النباتات بالنمو بسرعة وإنتاج ثمار وفيرة”.
وبحسب قوله فإن “المزارعين يستغلون هذا الموسم لزراعة المحاصيل المحلية مثل الخيار والفاصوليا والذرة، وحصاد الفطر البري من الوديان والمنحدرات الجبلية لبيعه في الأسواق المحلية. كما تساعد الأمطار في تقليل الملوحة في المزارع والمياه الجوفية، مما يعود بالنفع على الزراعة على مدار العام”. ومن يوليو إلى سبتمبر، تجلب رياح الرياح الموسمية ضبابًا خفيفًا إلى ظفار، يغطي المنحدرات الجبلية والمناطق الساحلية. هذه الظاهرة الطبيعية توقظ الأرض من سباتها الجاف، وتغطي المنطقة بسجادة خضراء رقيقة من العشب المزين بالزهور النابضة بالحياة.
لمدة ثلاثة أشهر، تمتلئ الأودية الجافة بالمياه، مما يغذي النباتات المحلية لفترة طويلة بعد انتهاء موسم الرياح الموسمية. كما توفر هذه الفترة للعلماء فرصة فريدة لدراسة التنوع البيولوجي الغني في المنطقة في أوج ازدهارها.
تعد إدارة الضباب مجالاً آخر للبحث خلال فصل الخريف. فالضباب الذي يلف المنطقة يشكل مصدراً حيوياً للمياه في ظل مناخ جاف.
يؤكد الدكتور نديم فرج الله، الأستاذ المشارك في علم المياه البيئية في الجامعة الأميركية في بيروت، في بحثه على أهمية حصاد الضباب كمصدر للمياه قابل للاستمرار في المناطق القاحلة. ويستكشف العلماء في ظفار كيفية إدارة الضباب بشكل فعال للحفاظ على المياه ودعم الزراعة المستدامة.
ورغم أن الخريف يُنظَر إليه في كثير من الأحيان باعتباره عامل جذب سياحي، فإن أهميته بالنسبة للبحوث الزراعية عميقة. فهو يوفر فرصة فريدة لدراسة النباتات الغنية في ظفار، وفهم الديناميكيات البيئية في المنطقة، واستكشاف تقنيات إدارة المياه المبتكرة. وبالتالي، فإن الخريف ليس مجرد موسم للجمال الطبيعي؛ بل هو وقت للاكتشاف العلمي والتقدم الزراعي الذي يعود بالنفع على المنطقة وخارجها.