الطاقة المتجددة رؤية مستقبلية
يطلق مصطلح الطاقة المتجددة على تلك الطاقة التي تنتج من مصادر متجددة أي التي ليس لها مخزون محدد على سطح الأرض أو في باطنها، وينتهي بمجرد استهلاكه، بل إنها تتجدد بصورة مستمرة مثل الطاقة المائية، وطاقة الرياح، وطاقة الهيدروجين.
الطاقة المتجددة .. لماذا؟
لقد عرفنا في الدرس السابق أن مستقبل الوقود الأحفوري غير مضمون للاستمرار في إمداد العالم بالطاقة اللازمة، ولذلك اندفعت سوق الطاقة العالمية نحو البحث عن موارد أخرى أكثر ضمانًا وأكثر استدامة. ويمكن توضيح بعض الأسباب التي دفعت إلى هذا الاتجاه كما يأتي :
١ – أمن الطاقة الوطني والعالمي :
إن كثيرًا من الدول تعتمد على استيراد النفط والغاز من الخارج ما يجعل اقتصادها عرضه للتأثر بأي انقطاع في واردات النفط
والتضرر منها. ويمكن للطاقة المتجددة أن تساعد هذه الدول في الاعتماد على مصادر الطاقة المحلية فيها، مما يقلص حاجتها للنفط أو یقلل من معدل تزاید استهلاکه.
٢ – القلق من تغير المناخ (الاحتباس الحراري):
إن استعمال موارد الطاقة المتجددة يمكن أن يسهم ولو جزئيًا في تأمين احتياجات العالم من الطاقة، ويقلص في الوقت نفسه انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، الذي قد يتسبب بنتائج سلبية على مناخ الكرة الأرضية وبالتالي على الحياة فيها.
٣- كلفة الطاقة المتجددة :
على الرغم من ارتفاع كلفة الطاقة المتجددة إلا أنها آخذة في التراجع ومن المتوقع أن تستمر تكلفة أنواع معينة من الطاقة
المتجددة في الانخفاض كما يوضحها الشكل المقابل، ويمكن إرجاع سبب انخفاض تكاليفالطاقة المتجددة إلى تحسن تقنيات إنتاجها، وقد يستمر تقلص التكلفة أثناء نضوج هذه الصناعة .
التحديات والطاقة المتجددة : إلى أي مدى يمكن أن نتخيل سهولة أو صعوبة توفير مصادر طاقة رخيصة ونظيفة ومتجددة؟ وأين يكمن التحدي الحقيقي للحصول على مثل هذه الطاقة ؟ وكيف يمكن مواجهة هذه التحديات على المستوى العالمي؟
هذه الأسئلة قد تحتاج إلى بحث مطول للإجابة عنها، لكننا سنختصر ذلك ونقول: إن تغييرا جذريا في نظام الطاقة العالمي –
السائد حاليا – سيكون أمرا بالغ الصعوبة لأن البحث ما زال مستمرًا لتوفير مصادر طاقة رخيصة ونظيفة حيث تتوجه الكثير من دول العالم – اليوم – إلى تنويع مواردها من الطاقة، وتقوم شركاتها بصناعة بعض السيارات التي يمكنها العمل بوقود من غير منتجات النفط، وتحقق في الوقت نفسه كفاءة عالية في الأداء حتى تستطيع أن تنافس السيارات الأخرى التي تعمل بإحدى مشتقات النفط. كما تقوم هذه الدول بإنشاء الكثير من مرافق البنية التحتية للطاقة المتجددة.
غير أن التحدي الحقيقي لمستقبل الطاقة المتجددة يتوقف على مدى التعاون الدولي (الدول ومؤسسات ومراكز بحوث الطاقة) ومدى توافر الموارد المالية والاستثمارية اللازمة لتغطية النفقات الكبيرة للبحوث والتجارب، يضاف إلى ذلك مدی وجود استراتيجيات وخطط تعتمد على معطيات واضحة فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة، والمحافظة على البيئة الطبيعية، حيث أن هذه الاستراتيجيات والخطط تحدد الكثير من الجوانب، من أبرزها:
– الأعمال المستقبلية للإنسان التي قد تؤثر على البيئة. – اكتشاف التأثير المحتمل من جراء تطبيق هذه الاستراتيجيات
واختيار المناسب منها، من حيث توفير كمية الطاقة المطلوبة لحاجة مجتمعات العالم دون المساس بالتوازن البيئي.
ومن الأمور الواجب إيضاحها هنا بالنسبة لمستقبل الطاقة المتجددة، ما يتعلق بالاستثمار والتمويل وتقييم المخاطر، وهي أمور لابد من التفكير فيها جديًا عند التخطيط لأي مشروع، فعلى صعيد الاستثمار، نجد مبالغ ضخمة تضخ من شركات عالمية لإقامة مشاريع الطاقة المتجددة، ويطلق على أصحاب هذه الشركات ((أصحاب رؤوس الأموال المغامرين)) وغالبا ما تكون مغامرة هؤلاء في مشاريع كبرى قائمة على تكنولوجيا معروفة مثل طاقة الرياح.
أما المشاريع ذات الحجم الأصغر أو التي تستخدم تكنولوجيا جديدة مثل الطاقة الشمسية أو الوقود الحيوي، فإنها لا تجذب
الشركات الكبرى، لماتتضنمه من مخاطر تقنية واقتصادية، ويتم تمويل هذه المشروعات عن طريق المساهمة المباشرة في رأس المال (امتلاك الأسهم) .
إن مقابلة احتياجات الطاقة في الدول النامية بما يدعم استدامة البيئة يعد تحديا عاجلا بالغ الأهمية نظرا لدور الطاقة في التنمية الاقتصادية المستدامة، وتقليل مستويات الفقر في الدول ذات الدخل المنخفض.
كما أن تحسن نوعية خدمات الطاقة والتوسع فيها سيكون ضروريا لمساندة تحقيق أهداف تلك الدول المتعلقة بتوفير فرص
العمل والخدمات الصحية والتعليمية.
وقد زاد من مستوى هذا التحدي ارتفاع اسعار النفط فيما بعد عام ٢٠٠٤م، الأمر الذي يصعب من مهمة توفير خدمات الطاقة
خاصة في الدول الأفقر في العالم والواقعة في أطراف الصحارى الأفريقية. وهذا بدوره قد يصعب من مهمة تلك الدول في الالتزام بتحقيق أهداف الألفية الإنمائية (Milennum Development Goals) (MDG) التي اقترحتها الأمم المتحدة عام ٢٠٠٠م والمفترض إنجازها بحلول عام ٢٠١٥م.
طاقة المستقبل … من أين ؟
لم يتوقف تفكير الإنسان يوما بحثا عن موارد متنوعة للطاقة … كل ذلك من أجل استمرار الحياة والحفاظ على نوعيتها التي وصل إلیها.
ونعرف اليوم العديد من أشكال الموارد التي يمكن أن تنتج الطاقة سواء كانت حرارية أم كهربائية، وقد أنعم الله (عزوجل) على
الإنسان بكثير من الموارد والظواهر الطبيعية التي استغلها ويستغلها إما على مستوى محلي أو على مستوى عالمي.
فهناك اليوم الطاقة النووية (Nuclear Energy) والطاقة الشمسية (Wind Power) والطاقة الهوائية أو طاقة الرياح (Solar Energy) والطاقة المولدة من المخلفات وطاقة الهيدروجين ( خلايا وقود الهيدروجين) (Biomass).
وهناك الطاقة الكهرومائية المولدة من المساقط المائية والسدود، وطاقة المد والجزر والأمواج، ونسمع اليوم كذلك عن الفحم
منزوع الكربون، ورمال النفط أو رمال القار وهو ما يطلق عليه النفط غير التقليدي، وهناك أشكال وأنواع متعددة من الطاقة ولكن سنركز على بعض هذه الأشكال التي يتوقع أن يكون لها دورا مستقبلیا مهما.
الوقود الحيوي :
يقصد بالوقود الحيوي (الإيثانول والديزل الحيوي أو البيوديزل) واللذان يمكن الحصول عليهما من بعض النباتات والمحاصيل الزراعية حيث يتم الحصول على الإيثانول من الذرة وقصب السكر بإحدى طريقتين أولهما تعتمد على عمليات حرارية كيميائية، حيث يتم تسخين النباتات ببخار عند حرارة (٨٠٠ سليزية) فتتفكك البنية النباتية على هيئة جزئيات هيدروجين وثاني أكسيد الكربون، وفي مفاعل كيمائي يتم تجميع هذه الجزئيات لتكوين (الإيثانول)، أما الطريقة الثانية فيطلق عليها الطريقة العضوية الباردة وتعتمد على التحلل المائي للنباتات المحولة إلى عجين بواسطة فطريات مجهرية (دقيقة جدًا) ويتم من خلال هذه الطريقة الحصول على سكريات عضوية يتم تخميرها للحصول على الإيثانول.
أما الديزل الحيوي فيتم الحصول عليه من النباتات التي يستخرج منها الزيت النباتي كالصويا مثلاً، وكذلك يمكن إعادة تصنيع زيوت الطهي بعد استخدامها للحصول على هذا الديزل.
ويمكن بهذا الوقود تشغيل السيارات المختلفة بإضافته إلى الوقود المستخرج من النفط بنسبة معينة. ويتميز الوقود الحيوي خاصة الإيثانول بأن كمية الغازات المنبعثة منه والمسببة للاحتباس الحراري أقل بنسبة بين (١٥٪ – ٢٠٪) من الكمية التي يولدها البنزين.
ولكن في مقابل بعض المميزات التي يوفرها الوقود الحيوي، فهناك بعض التحديات والصعوبات والعوامل غير المشجعة لإنتاجه على نطاق تجاري عالمي .
هناك اهتمام متزايد من قبل كثير من دول العالم في مختلف القارات بتطوير برامج لإنتاج الوقود الحيوي وتتصدر البرازيل قائمة دول العالم في إنتاج وقود الإيثانول بنسبه (٤٥,٢٪) لعام ٢٠٠٥م وتليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبه (٤٤,٢٪) وفي
المقابل استأثرت أوروبا بنحو (٩٠٪) من السوق العالمي للبيوديزل عام ٢٠٠٥م، وجاءت ألمانيا في الطليعة حيث انتجت نصف الحجم الإجمالي تليها أسبانيا وإيطاليا.
وقود الهيدروجين … الثورة الخامسة :
يُعد الهيدروجين العنصر الأخف وزنا والأكثر توافرا في الكون وهو مرشح لأن يقود الثورة العالمية المقبلة في مجال الطاقة، وذلك لكونه عنصرا متجددا وقابلاً للاستدامة. ويتميز الهيدروجين المستخدم لإنتاج الطاقة بأنه لا يخلف مواد ضارة بالإنسان فهو يخلف الماء والحرارة فقط. ويدخل الهيدروجين ضمن مكونات كثيرة في الطبيعة مثل الماء، والوقود الأحفوري (الفحم مثلاً) وجميع الكائنات الحية.
وللحصول عليه نقيا لابد من عمليات كيميائية لفصله عن هذه المكونات، وهذه العمليات معروفة وتقوم بها الآن مصانع كبيرة في هولندا وأمریکا مثلاً.
ولكن هل فكرنا في المعوقات التقنية التي قد تواجه التحول من استخدام الوقود الأحفوري، إلى وقود الهيدروجين .. ؟
للإجابة عن هذا التساؤل ناقش مع معلمك وزملائك أولاً هذه المعوقات.
هل تعلم؟
يوجد اختراع يسمى ((خلايا الوقود الهيدروجيني)) وهو اختراع تستطيع تشبيهه بالبطارية، وهذه الخلايا عبارة عن وحدات
صغيرة جدا تنتج فولطًا كهربائيا واحدا توضع داخل الجهاز المراد تشغيله، حيث يمكنها أن تزود بالبطاقة كل شيء بدءا من
الهاتف النقال وانتهاء بالطائرات النفاثة.
طاقة الهيدروجين … نحو مجتمع إنساني أفضل :
يتوقع مستشرفو المستقبل أن بداية عصر طاقة الهيدروجين ستكون مكلفة إلى أن تكتمل البنية التحتية اللازمة للتحول إلى هذه الطاقة، ولكن مجتمعات العالم ستنعم بعد ذلك بحياة أفضل خاصة بالنسبة للمجتمعات الفقيرة التي ستكون قادرة على استعمال طاقة الهيدروجين في كافة مجالات الحياة من تشغيل معدات المزارع والمصانع والشركات وإضاءة المنازل والمدارس وغيرها من المرافق الحيوية.
وقد يتخيل البعض أن الحصول على هذه الطاقة سيكون في غاية الصعوبة، ولكن حينما نفكر في الأجيال التي سبقتنا فإننا نتساءل هل كانوا يتوقعون استخدام تقنيات العصر الحديث من سيارات وأجهزة الإذاعة والتلفاز والحواسب والهواتف النقالة.
وهل كان أجدادنا يتوقعون استخدام مثل هذه المعدات في يوم من الأيام؟ هل كانوا يتوقعون ما يحدث اليوم من تطورات متلاحقه في مختلف مجالات الحياة؟ إذن الهدف واضح أمامنا الآن وعلينا أن نسعى ونشارك في تحقيق هذا الهدف … فماذا علينا أن نفعل ؟
المياه … طاقة لا تنضب :
نعرف أن حوالي (٧١٪) من مساحة الكرة الأرضية تغطيها المياه (البحار والمحيطات)، وأن هناك ظواهر جغرافية تعمل على تحريك الأجزاء السطحية من هذه المياه فيما يعرف بالمد والجزر، والأمواج، والتيارات البحرية.
وبذلك تقدم هذه المياه مصدرا للطاقة لا ينضب، ولكن ما مدى استغلال العالم لهذا المصدر؟ .. وما نسبة مساهمة الطاقة الناتجة من هذا المصدر من الإنتاج العالمي للطاقة ؟ .. ما السر في صعوبة السيطرة على هذه المياه وحسن استغلالها؟
لقد تنبه الإنسان إلى أهمية البحار والمحيطات في حياته اليومية، وبدأ باستغلال خيراتها وثرواتها من الأحياء المائية، وتنقل عبرها مئات الآلاف من الأميال، حاملاً أثقل الحمولات التي قد لا يمكن تصورها. وكان التحدي هو السمة البارزة بين البحار والمحيطات العاتية وبين الإنسان، فتارة يتفوق الإنسان بقدرته وذكائه وما وصل إليه من تقنيات وتجهيزات متطورة وتارة أخرى تكون البحار والمحيطات بمثابة الصخرة التي تنكسر أمامها هذه التجهيزات.
وفي ميدان الطاقة بدأ الإنسان بإقامة طواحين تعمل على المد والجزر منذ القرن الثاني عشر الميلادي ، ولك أن تتصور كيف يتم ذلك .
كما اكتشف الإنسان إمكانية توليد الكهرباء عن طريق هاتين الظاهرتين.
وبعد أن عرفت المؤثرات التي تتحكم في المد والجزر نستنتج أن إنتاج الطاقة (الكهرباء) يستوجب إيجاد موقع ملائم وليكن مثلاً في الأخوار أو عند مصبات الأنهار . فمثلاً : في فرنسا أُقيمت أول منشأة صناعية على نطاق واسع بالقرب من سان مالو تدعى معمل الرانس يعمل بقوة المد والجزر عند مصب نهر الرانس الصغير منذ عام ١٩٦٦م. حيث يحوي هذا المصب أكبر مدى بین المد والجزر (١٣,٥ متر).
ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، استخدمت طاقة المد والجزر في مشاريع عديدة في كل من أمريكا الشمالية وأستراليا والأرجنتين وإنجلترا والصين والهند والیابان وروسیا.
ما هو معمل الرانس؟
مساحة الحوض: ٢٢ كلم ٢.
السعة: ١٨٠ مليوم متر ٣ من الماء.
سعة المد والجزر: ١٣٫٥ مترا (ارتفاع).
طول السد الحاجز للماء = ٣٣٠ مترا.
عدد التوربينات المولدة للكهرباء : ٢٤ توربينًا.
يحوى سدًا متحركًا لتسريع تفريغ الحوض وتعبئته.
الكهرباء المولدة: ٥٥٠ مليون كيلو واط / ساعة.
عدد المنازل التي يزودها بالكهرباء: ٢٥٠,٠٠٠ منزل.