تقع منح في محافظة الداخلية، وتبعد عن مسقط حوالي 160 كيلومتراً، وتحدها ولاية أدم من الجنوب، وإزكي من الشرق والشمال، ونزوى من الغرب.
وتشتهر المدينة بتراثها الغني، وهندستها المعمارية التقليدية المميزة، وحكاياتها الأسطورية التي يعود تاريخها إلى قرون مضت والمنسجة مع النسيج التاريخي لعُمان.
ويعني اسم “منح” “منحة أو هبة أو قربان”، إذ كانت ذات يوم ملجأ للباحثين عن المساكن والأرزاق. وترمز المنطقة إلى شجرة المتك النادرة التي لا تنمو إلا في قرية العين في المعرة.
تحمل هذه الشجرة المهددة بالانقراض خصائص طبية، حيث تستخدم جذورها لعلاج أمراض مثل الربو والحموضة وحتى لدغات الثعابين والعقارب.
تضم منح العديد من الأحياء التاريخية، بما في ذلك الفيقين والمعري والمعمد والعز والمحيول. ومن بين هذه الأماكن، يبرز حي البلاد الشهير بأهميته القديمة التي يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.
تعد منطقة البلاد، التي تضم 376 منزلاً و250 بئراً، شاهداً على التراث المعماري العماني الفريد. عندما يمر الزوار من باب الصباح إلى حارة البلاد، تحيط بهم أصداء الأجيال الماضية، ويمرون عبر الأزقة الضيقة والبيوت الطينية التي يعود تاريخها إلى قرون.
تحمل هذه الهياكل، الغارقة في التاريخ، قصصًا لا حصر لها من الحياة اليومية لأولئك الذين أقاموا هناك ذات يوم.
على الرغم من قيمتها التاريخية، إلا أن انتعاش صحيفة البلاد كان بطيئاً. أهالي منح التي تديرها شركة عمران يعربون عن مخاوفهم من تأخر ترميم الحي.
واقترح الدكتور هيثم العبري مسؤول مشروع الترميم تحويل حارة البلاد إلى وجهة سياحية تضم متحفا ونزلا تراثية ومقهى ومركزا للحرفيين.
ومع ذلك، فإن التحديات المالية وقضايا السيولة أعاقت التقدم. كما اقترح مستثمرون آخرون، مثل يحيى بن سالم العزري، أحداثًا وحلولًا تقليدية لمشاكل البنية التحتية. ومع ذلك، تظل حارة البلاد منارة للتاريخ العماني، حيث يأمل السكان المحليون في إحيائها كموقع ثقافي وسياحي رئيسي.
ومن حارة البلاد، يمكن للزوار الانطلاق في رحلة عبر الزمن إلى قلعة الفقيين القريبة. وتعرض القلعة، التي تقع على قمة مناظر خلابة، تألق العمارة العمانية التقليدية. تاريخيًا، لم يكن من الممكن الوصول إلى القلعة إلا عن طريق حبل يتدلى من فتحة في الطابق الثاني، مما يضفي جوًا من الغموض والإثارة.
كما تضم منح أيضًا متحف عمان عبر العصور، الذي يسلط الضوء على رحلة السلطنة عبر الزمن، حيث يربط بين ماضيها المجيد وحاضرها ومستقبلها الديناميكي. توفر هذه التجربة التفاعلية للزوار رحلة غوص متعددة الحواس في التراث الثقافي والتاريخي العماني.
أحد الجوانب المهمة لهوية منح هو مشهدها الزراعي، الذي تثريه شبكة من الأفلاج (قنوات الري). وتضم منح أكثر من 36 فلجا، أكبرها فلج الفقيين الذي يبلغ طوله 20 كيلومترا، والذي حفره الإمام سيف بن سلطان لمعالجة نقص المياه في المنطقة. لا تدعم هذه الأفلاج المزارع الخصبة في المنطقة فحسب، بل تخلق أيضًا واحة من المساحات الخضراء توفر للزوار ملاذًا هادئًا وهادئًا.
بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى تجربة التاريخ والطبيعة، تقدم منح مزيجًا متناغمًا من الهندسة المعمارية القديمة والمعالم الثقافية والجمال الطبيعي. الأفلاج والمزارع الخضراء والمواقع التاريخية تجعلها وجهة فريدة حقًا حيث يلتقي الماضي والحاضر، مما يوفر تجربة لا تُنسى لكل من يزورها.