اخبار

لا تصدقوا الشائعات – عمان أوبزرفر



مسقط: الشائعات ظاهرة اجتماعية قديمة تكيفت بسلاسة مع المجتمع الحديث، وانتشارها السريع يؤثر على الأفراد والمجتمعات على حد سواء. وسواء كانت الشائعات للترفيه أو كأداة للتأثير على الرأي العام، فإنها تمارس نفوذاً هائلاً وغالباً ما تكون لها عواقب سلبية، وخاصة عندما تستخدم للتلاعب بالمعلومات أو إثارة الفتنة.

الشائعة بحكم التعريف هي “معلومات غير مؤكدة تنتشر بسرعة بين الناس دون التحقق من صحتها بشكل صحيح”.

وتزدهر الشائعات في عالم رقمي، حيث يمكن لقطعة واحدة من المعلومات أن تنتشر على مستوى العالم في غضون دقائق، وغالبًا ما يُنظر إليها على أنها حقيقة. وقد أدى صعود التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي إلى تسهيل انتشار الشائعات أكثر من أي وقت مضى، مما أدى إلى طمس الخط الفاصل بين الواقع والتكهنات.

على المستوى الشخصي، يمكن أن تؤدي الشائعات إلى إثارة الخوف والقلق، مما يؤثر بشدة على الصحة العقلية. يمكن أن يكون للمعلومات المضللة، وخاصة في المواقف الحرجة مثل أزمات الصحة العامة، آثار مدمرة. خلال جائحة كوفيد، على سبيل المثال، دفعت الشائعات حول العلاجات غير العلمية الناس إلى اتخاذ قرارات صحية خطيرة، مما أدى إلى تأخير العلاج المناسب.

يوضح الدكتور محمد الغيلاني، استشاري الصحة النفسية، أن “الشائعات لا تزيد من القلق والتوتر فحسب، بل يمكنها أيضًا تصعيد الأزمات الصحية من خلال نشر معلومات مضللة تعوق الجهود المبذولة لمكافحة الأوبئة”. إن الضرر الناجم عن الشائعات يتجاوز الأفراد ويمتد إلى جميع أنحاء المجتمع. يمكن أن تتآكل الثقة بين المواطنين والمؤسسات، مما يهدد الاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي. في أوقات الصراع السياسي أو الانتخابات، تُستخدم الشائعات غالبًا كأدوات في الحرب النفسية، بهدف تشويه سمعة الشخصيات العامة أو المؤسسات. يمكن أن يؤدي هذا السرد الكاذب إلى تشويه الرأي العام، وتغيير وجهات نظر الناس بناءً على الأكاذيب بدلاً من الحقائق.

ويسلط عبد الله الرواحي، وهو عامل اجتماعي، الضوء على خطر آخر: “يمكن للشائعات أن تفكك النسيج الاجتماعي من خلال تعزيز الانقسامات في المجتمع. وعندما تستهدف قضايا حساسة مثل الطائفية أو الفساد، يمكن أن تتصاعد التوترات، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إشعال فتيل الصراعات”. وتوفر منصات التواصل الاجتماعي، مع نشرها السريع للمعلومات غير المؤكدة، أرضًا خصبة للشائعات. وفي العصر الرقمي، يمكن لأي شخص تقريبًا أن يصبح مصدرًا للمعلومات، سواء كانت دقيقة أو غير ذلك. وتزداد المشكلة حدة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على التلاعب بالصور ومقاطع الفيديو، مما يجعل من الصعب تحديد ما هو حقيقي.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها بعض منصات التواصل الاجتماعي للحد من الأخبار المزيفة ــ من خلال أدوات التحقق من الحقائق والشراكات مع المنظمات المتخصصة ــ فإن الشائعات لا تزال تنتشر بشكل أسرع مما يمكن دحضه.

إن الأزمات وفترات عدم الاستقرار، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، كثيراً ما تخلق الظروف المثالية لازدهار الشائعات. على سبيل المثال، يؤدي عدم اليقين الاقتصادي إلى انتشار الشائعات حول إغلاق البنوك أو انهيار العملة، مما يدفع الأفراد إلى الذعر واتخاذ قرارات تؤدي إلى تفاقم الوضع.

إن معالجة الآثار الضارة للشائعات تتطلب نهجا متعدد الجوانب. أولا، يجب رفع مستوى الوعي العام حول أهمية التحقق من المعلومات قبل مشاركتها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تثقيف الأفراد حول كيفية استخدام الأدوات المتاحة للتحقق من صحة الأخبار. ثانيا، تحتاج المؤسسات الرسمية إلى التصرف بسرعة وشفافية لتوفير معلومات دقيقة، وملء الفراغ الذي تشغله الشائعات عادة. ثالثا، يجب أن تستمر وسائل الإعلام التقليدية في العمل كمصدر موثوق، وتقديم تقارير مدروسة جيدا وموثقة.

وكما يؤكد الدكتور الغيلاني، “إن تثقيف المجتمع هو المفتاح لأي استراتيجية ضد الشائعات. وفي حين قد يكون من المستحيل منع انتشارها تمامًا، إلا أنه يمكن تقليل تأثيرها إلى أدنى حد إذا تعلم الناس التحقق من المعلومات بدلاً من التأثير عليها بالقصص المثيرة”. وفي هذا العصر الرقمي، حيث تتحرك المعلومات بسرعة أكبر من أي وقت مضى، من الضروري أن يكون الأفراد أكثر تمييزًا، وأن تكثف وسائل الإعلام جهودها في التحقق من الحقائق. ومن خلال تعزيز ثقافة الحقيقة والشفافية، يمكن للمجتمع أن يحمي نفسه بشكل أفضل من القوة الشاملة والمدمرة للشائعات.

مواضيع مشابهة

وزير المكتب السلطاني يستقبل رئيس أركان القوات البحرية السعودية

bayanelm

الاتحاد الأوروبي يعيد فرض قيود على الأمتعة اليدوية التي لا تتعدى 100 مل

bayanelm

وفاة شخصين وإصابة آخر بإصابات بالغة في حريق منزل بالسيب

bayanelm