ويتم حصاد اللبان في مواسم تحددها المهنة من شهر مارس إلى يونيو، مع مرحلة أخرى من الحصاد تبدأ بعد موسم الخريف حتى الشتاء، وتقاس جودة اللبان بلونه النقي الخالي من الشوائب، وترتفع أسعاره حسب مستويات جودته.
وتحتل منتجات اللبان اليوم مساحة كبيرة على رفوف الأسواق سواء الأسواق التقليدية أو مراكز التسوق الحديثة، ومن أهم الأسواق التي تعرض هذا المنتج سوق الحافة في صلالة وسوق مطرح وسوق نزوى، وكثيراً ما يتم تغليف منتجات اللبان بأكياس بلاستيكية وعرضها بجوار المجمر وهي الأداة المستخدمة لوضع اللبان حتى تنتشر رائحته في أرجاء المنزل أو المنطقة خاصة في المناسبات الاجتماعية والدينية.
اللبان: سفير عُمان للحضارات القديمة
وتختلف أسعار اللبان حسب النوع والجودة، حيث تتراوح أسعاره ما بين 3 ريالات عمانية إلى أكثر من 50 ريالا عمانيا للكيلوغرام، ومن أشهر وأجود أنواع اللبان هو اللبان الحوجري، الذي لا يزال يحظى بطلب كبير بين المواطنين والمقيمين في السلطنة، ولا يقتصر استخدام اللبان في المناسبات الاجتماعية والدينية، بل يشتريه بعض الأشخاص لعلاج أمراض مثل التهاب المفاصل، وتحسين وظائف المعدة، وعلاج الربو، وحساسية الجلد، لذلك يقوم بعض العاملين في هذا المجال باستخراج أنواع مختلفة من زيوت اللبان حسب طلب الزبائن.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن تجارة اللبان والخيول والتمور لعبت دوراً حيوياً في تعميق العلاقات بين ظفار ومناطق مثل بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين ومصر وروما والهند والصين لآلاف السنين. وكان اللبان الذي تنتجه ظفار طفرة اقتصادية مهمة، حيث كان يستخدم في الطقوس الدينية والجنائزية في المعابد والأديرة القديمة حتى وقت قريب.
تؤكد العديد من الدراسات أن اللبان منتج مقدس، ويعتقد بعض المجتمعات أنه يطرد الأرواح ويشكل مصدرًا موثوقًا للتفاؤل والسعادة والشفاء، كما استخدمه المصريون أيضًا في التحنيط والعلاج.
اللبان: سفير عُمان للحضارات القديمة
وقد عثرت الحفريات على آثار للبخور في ميناء سمهرم ومنطقة حانون وواحة أندور، مما يدل على وجود اتصالات تجارية بين سكان جنوب الجزيرة العربية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط في ذلك الوقت. وكانت هذه المناطق مشهورة بشكل خاص بجمع أجود أنواع البخور في شبه الجزيرة العربية.
وتبذل الجهات الحكومية جهوداً للحفاظ على أشجار اللبان نظراً لأهميتها التاريخية والمستقبلية من خلال زيادة المساحة المزروعة وعدد الأشجار، وتستمر المسوحات البيئية للتعرف على الكثافة النباتية لهذا النوع ودراسة الوضع الحالي للأشجار، وتواصل الجهات البيئية في السلطنة اهتمامها بشجرة اللبان، حيث تراقب نموها في محمية جبل سمحان.
ولضمان انتشار هذه الشجرة في بيئتها الطبيعية تم إنشاء محمية وادي دوكة التي تحتوي على عدد كبير من أشجار اللبان المزروعة إلى جانب الأشجار المعمرة المحلية، ووادي دوكة مدرج على قائمة التراث الثقافي والطبيعي العالمي، حيث تمتد كثافة أشجار اللبان على مساحة تقدر بخمسة كيلومترات مربعة، وتحتوي على أكثر من خمسة آلاف شجرة لبان، كما تشرف بلدية ظفار على متنزه اللبان الواقع في وادي أدونيب والذي يحتوي على أكثر من 1200 شجرة لبان.
النص والصور بقلم يحيى السلماني