الحارة القديمة بولاية الحمراء على وشك التحول مع إطلاق مشروع التجديد الحضري الشامل بقيادة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني.
تعد هذه المبادرة، التي تقودها المديرية العامة للإسكان والتخطيط العمراني بمحافظة الداخلية، جزءًا من رؤية عمان 2040، والتي تهدف إلى تنشيط المناطق الحضرية المتدهورة وتحويلها إلى مجتمعات مستدامة ومزدهرة مع الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للبلاد.
تشتهر الحارة القديمة ببيوتها الطينية المميزة وأزقتها الضيقة ومحيطها الطبيعي المذهل، وقد تم تصميمها بشكل فريد حول نظام ري الأفلاج، حيث تمتزج الهندسة المعمارية العمانية التقليدية بسلاسة مع سفح الجبل الوعر.
تخلق بساتين النخيل وحقول الحبوب وبقع الخضروات في القرية تباينًا رائعًا مع المباني القديمة. ومع ذلك، تواجه منطقة الحارة القديمة الآن تحديات خطيرة، بما في ذلك تآكل الأساسات وإهمال الهياكل التاريخية وتأثير تغير المناخ على هندستها المعمارية الهشة.
ويهدف المشروع إلى معالجة هذه التحديات من خلال خطة تطوير متكاملة توازن بين الحفاظ والتحديث. بالإضافة إلى ترميم البيوت الطينية وتحصين الهياكل القديمة، ستعمل المبادرة على تعزيز الأماكن العامة وإدخال البنية التحتية الذكية وتحسين المسارات الداخلية.
وسيتم إيلاء اهتمام خاص لإحياء سوق الخضار التقليدي والمراكز التجارية الأخرى، مما يضمن احتفاظ المنطقة بوظيفتها التاريخية مع جعل الوصول إليها أكثر سهولة للمقيمين والزوار.
أحد الجوانب الرئيسية لخطة التجديد هو تركيزها على الاستدامة. وسيتم إدخال البنية التحتية الحديثة، مثل إنارة الشوارع الموفرة للطاقة، وأنظمة إدارة النفايات وطرق الحفاظ على المياه لتلبية الاحتياجات البيئية المتزايدة للمجتمع. إن هذا التركيز على الاستدامة البيئية لن يحمي الموقع التاريخي فحسب، بل سيضمن أيضًا رفاهية الأجيال القادمة.
وأكد سعود بن حمد البحري مدير عام الإسكان والتخطيط العمراني بمحافظة الداخلية، قدرة المشروع على تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال جذب الاستثمارات وتعزيز السياحة الثقافية وخلق فرص عمل للسكان. إن إدراج المشاريع المتعلقة بالسياحة مثل دور الضيافة والمقاهي التقليدية وورش الحرف اليدوية سوف يبث حياة جديدة في الاقتصاد المحلي، مما يجعل الحمراء وجهة لا بد من زيارتها للسياحة الثقافية.
بالإضافة إلى ذلك، تقترح خطة التجديد إنشاء مساحات تعليمية وثقافية، مثل مراكز لتعليم الحرف العمانية التقليدية مثل الفخار والنسيج والأعمال النحاسية، والتي كانت جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للحمراء. كما سيتم تشجيع استوديوهات التصوير الفوتوغرافي والمعارض الفنية والمهرجانات الثقافية لتعزيز المشهد الفني النابض بالحياة في المنطقة.
ومن الميزات الجديدة والمثيرة للمشروع إنشاء منطقة مخصصة لأنشطة السياحة البيئية. وسيشمل ذلك معارض ركوب الخيل، وسباقات الفروسية العمانية التقليدية، والفعاليات الخارجية التي تحتفي بالتاريخ الغني والجمال الطبيعي للمنطقة. ومن المتوقع أن تجتذب هذه الأنشطة الزوار المحليين والدوليين، مما يعزز مكانة الحمراء كمركز ثقافي وسياحة بيئية.
وأضاف سعود البحري: “تتميز الحارة القديمة ليس فقط بقيمتها التاريخية والمعمارية، ولكن أيضًا بموقعها الاستراتيجي بالقرب من المعالم السياحية الأخرى مثل مسفاة العبريين، وجبل شمس، والعقر. وهذا ما يجعلها مثالية للاندماج في الدائرة السياحية الأوسع لمحافظة الداخلية.
الهدف العام لهذا المشروع الطموح هو المزج بسلاسة بين تاريخ الحمراء الغني واحتياجات الاقتصاد الحديث، مما يضمن الحفاظ على التراث المعماري الفريد لسلطنة عمان مع إرساء الأساس للنمو المستقبلي. من المتوقع أن تصبح منطقة هارا القديمة نموذجًا للتجديد الحضري المستدام، حيث تعرض كيف يمكن أن يتعايش التراث والتقدم لتعزيز رفاهية المجتمع والمساهمة في الازدهار الثقافي والاقتصادي للبلاد.