تنتقل العديد من الأمراض الوراثية بصمت من الآباء الذين لا تظهر عليهم أي أعراض أو مضاعفات. ومع ذلك، يمكن أن تنتقل هذه الأمراض إلى أبنائهم، مما يؤدي إلى أمراض مزمنة وموهنة وإعاقات تؤثر بشدة على جودة الحياة وقد تؤدي حتى إلى تقصير متوسط العمر المتوقع.
تنتج الاضطرابات الوراثية عن طفرات أو عيوب في الميراث الجيني. وعندما تنتقل هذه الحالات وراثيًا، يتم تصنيفها على أنها أمراض وراثية. وقد نفذت وزارة الصحة برنامج فحص ما قبل الزواج كإجراء وقائي للحد من انتشار الأمراض المعدية والعيوب الخلقية وتقليل وفيات الأطفال والأمهات. ويولي البرنامج اهتمامًا خاصًا بأمراض الدم الوراثية، والتي تنتشر بشكل ملحوظ في عُمان.
وبحسب وزارة الصحة، فإن أمراض الدم الوراثية مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا منتشرة على نطاق واسع في سلطنة عمان. ويحمل حوالي 6% من السكان جين فقر الدم المنجلي، في حين أن 2% منهم يحملون الثلاسيميا. وتسلط هذه الإحصائيات، وخاصة بين الأطفال دون سن الخامسة، الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير وقائية مثل الفحوصات الطبية قبل الزواج والاستشارة الوراثية، كما توصي منظمة الصحة العالمية.
في عُمان، تتوفر خدمات الفحص قبل الزواج لجميع المواطنين الراغبين في الخضوع للفحص. ورغم أن هذه الخدمات اختيارية، إلا أنها تقدم مجانًا للعمانيين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا من خلال مؤسسات صحية مختلفة في جميع أنحاء البلاد. وتتضمن عملية الفحص استشارة سرية من قبل أطباء مدربين يقومون بتفسير النتائج وضمان الخصوصية.
وأكد الدكتور مسلم بن سعيد العريمي استشاري الطب الوراثي بالمركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني أهمية توعية الآباء والأمهات حول الفحص قبل الزواج، وحث الآباء والأمهات على توجيه أبنائهم لإجراء هذا الفحص قبل الزواج للوقاية من انتقال الأمراض الوراثية وحماية صحة الأجيال القادمة.
تشير الدراسات باستمرار إلى أن انتشار أمراض الدم الوراثية يشكل تحديًا صحيًا واجتماعيًا كبيرًا، ويفرض عبئًا ثقيلًا على كل من الأسر ونظام الرعاية الصحية. يعد الفحص الطبي قبل الزواج أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الاستقرار الأسري والاجتماعي، حيث تنتقل هذه الأمراض من الآباء إلى الأبناء. وفي حين يزيد الزواج بين الأقارب من المخاطر، فإن الزيجات غير المرتبطة بالأقارب ليست معفاة من احتمالية نقل الاضطرابات الوراثية.
إن الفحص الطبي قبل الزواج يشكل جزءًا أساسيًا من الاستعداد للزواج، وهو أمر حيوي مثل ترتيب المسكن أو ترتيبات الزفاف. وعلى الرغم من بعض التردد أو الأفكار المسبقة ضده، فإن هذا الفحص يشكل أهمية أساسية لضمان حياة صحية وسعيدة لكلا الشريكين وأسرتيهما في المستقبل.