
نظام تحديد المواقع العالمي
بدأت حاجة الإنسان في التعرف على الاتجاهات والمواقع على سطح الأرض منذ القدم، وقد اعتمد في بداية الأمر على
رصد حركة النجوم بالعين المجردة، ثم اخترع آدوات وأجهزة تعينه على الرصد والقياس مثل الإسطرلاب، ومع ازدياد الحاجة
إلى تحديد المواقع بدقة، سواء على اليابسة أم في البحار والمحيطات وللتغلب على الصعوبات التي كانت تقلل من
دقة الرصد وبالاستفادة من التطورات في جميع المجالات تم استحداث عدد من الأنظمة المتخصصة في تحديد المواقع
على الكرة الأرضية أكثرها شيوعًا هو نظام تحديد المواقع العالمي (Global Positioning System (GPS .
مفهوم نظام تحديد المواقع العالمي
هو نظام يُستخدم في الملاحة وتحديد المواقع على سطح الأرض، إذ يتم تحديد إحداثيات الموقع من خلال استقبال إشارات لاسلكية من الأقمار الصناعية، في أي مكان من العالم، وفي أي وقت، وتحت أي ظروف جوية على مدار أيام السنة، ويُعد النظام الأمريكي (GPS) الذي أطلقته وزارة الدفاع الأمريكية عام ١٩٧٣م من أكثر الأنظمة استخدامًا حول العالم، وقد كان هذا النظام في بداية الأمر مقتصرًا على الاستخدامات العسكرية فقط إلا أنه فى عام ١٩٨٤م تم السماح باستخدامه للأغراض المدنیة.
أضف إلى معلوماتك
توجد أنظمة أخرى لتحديد المواقع على سطح الأرض، منها:
جلونس (Glonass): وهو نظام مملوك لجمهورية روسيا الاتحادية، ويتكون من حوالي ٢٤ قمرًا تدور في ثلاثة مدارات حول الأرض.
جاليليو (Galileo): وهو نظام مدني يطوّره الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يضم ٣٠ قمرًا صناعيًا عند اكتمال منظومته.
مكونات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)
يتكون نظام تحديد المواقع العالمي الأمريكي (GPS) من ثلاثة قطاعات رئيسية يوضّحها الشكل ، هي:

قطاع الأقمار الصناعية الفضائية (Space Segment)
يتكون من منظومة تضم حوالي (٢٧) قمرًا صناعيًا، المستخدم منها (٢٤) قمرًا وثلاثة أقمار احتياطية في حال تعطل أي من الأقمار الرئيسية، وتدور تلك الأقمار في ستة مدارات حول الكرة الأرضية على ارتفاع (٢٠٢٠٠) كيلومتر وبزاوية انحراف (ooدرجة) عن مستوى دائرة الاستواء؛ مما يساعد في وجود أربعة أقمار صناعية على الأقل تغطي كل منطقة من سطح الأرض في آن واحد، ويستغرق القمر الصناعي الواحد لإكمال دورته حول الأرض حوالي (١١) ساعة و(٥٨) دقيقة، آي أن القمر الصناعي يُكمل دورتین حول الأرض يومياً.
قطاع التحكم الأرضي (Control Segment)
يضم شبكة من المحطات الأرضية موزعة حول العالم، وظيفتها متابعة حركة الأقمار الصناعية، واستقبال الإشارات التي تبثها أثناء دو انها حول الأرض، كما يختص بعضها برصد عناصر الغلاف الجوي، وجميعها ترسل بياناتها إلى محطة التحكم الرئيسية الموجودة في قاعدة كولوىادو سبرينغ العسكرية الأمريكية التي تقوم بدورها بتصحيح مسار الأقمار الصناعية في مداراتها حول الأرض.
قطاع المستخدمين (User Segment)
يشمل أجهزة الاستقبال الأرضية المستخدمة في تحديد المواقع، إذ تستقبل تلك الأجهزة إشارات الأقمار الصناعية، وتحللها للحصول على المعلومات المطلوبة عن إحداثيات الموقع والارتفاع عن مستوى سطح البحر (X,Y,Z) والزمن، كما توجد في تلك الأجهزة بعض التطبيقات التي توفر معلومات أخرى للمستخدم، مثل: التوقيت والاتجاه أو المسافة وهذا يعتمد حسب نوع الجهاز المستخدم والغرض من استخدامه.
فكرة عمل نظام تحديد المواقع العالمي
تعتمد فكرة عمل نظام تحديد المواقع العالمي على مبدأ قياس المسافة بين الأقمار الصناعية (ذات المواقع المعلومة)، والنقاط المجهولة (أجهزة الاستقبال) المراد معرفة موقعها، ويتم ذلك عن طريق قياس الزمن الذي تستغرقه الإشارة في الوصول من القمر الصناعي إلى جهاز الاستقبال، ولتحديد إحداثيات موقع أي نقطة على الكرة الأرضية بدقة باستخدام
جهاز تحديد المواقع لابد من استقبال إشارات من ثلاثة أقمار صناعية على الأقل ، كما يؤثر التوزيع الهندسي للأقمار الصناعية على دقة المعلومات المرصودة عن سطح الأرض.

وهنا نطرح التساؤل الآتي: لماذا يُفضِّل استقبال إشارات من ثلاثة أقمار صناعية على الأقل لتحديد المواقع على سطح الأرض؟
للإجابة عن هذا التساؤل تخيل أنك فقدت الاتجاهات يومًا في منطقة صحراوية ووجدت شخصا أخبرك بآنك على بعد (١٠٠) كيلومتر من المدينة (١) فهذا يعني أنك في مكان ما داخل دائرة نصف قطرها (١٠٠) كيلومتر، وهي بالطبع مساحة كبيرة (انظر الشكل )

ولكن إذا وجدت شخصًا آخر وأخبرك بأنك على بعد (١٥٠) كيلومتر مثلاً من المدينة(٢) فحينها يصبح تحديد موقعك أسهل؛ لأنك ستكون في منطقة تقاطع الدائرتين (انظر الشكل )

وفي حال عرفت معلومة من شخص ثالث فإنك سوف تستطيع تحديد موقعك بدقة أكثر، وذلك في منطقة تقاطع الدوائر الثلاث (انظر الشكل).

وهذا ينطبق على نظام تحديد المواقع العالمي، فكلما زاد عدد الأقمار الصناعية التي يلتقط جهاز تحديد المواقع إشاراتها زادت دقة المعلومات التي نحصل عليها.
ويوفر جها تحديد المواقع بيانات متنوعة عن النقطة المرصودة

أهمها:
١- إحداثيات الموقع: دوائر العرض وخطوط الطول.
٢- الارتفاع عن مستوى سطح البحر.
٣- مخطط الأقمار الصناعية التي يستقبل الجهاز منها الإشارة.
وتوجد تطبيقات أخرى لجهاز تحدید المواقع، من أهمها: إمكانية التوجيه لمكان معيِّن، وذلك عن طريق إدخال
إحداثيات الموقع المراد الوصول إليه.
وسيوفر الجها بيانات حول الاتجاه الذي يجب آن تسلكه للوصول إلى ذلك الموقع والمسافة التي تفصلك عنه.

العوامل المؤثرة في دقة نظام تحديد المواقع العالمي
تطورت أجهزة تحديد المواقع (GPS) في السنوات الأخيرة، وأصبحت أكثر دقة، إلا أنه توجد بعض العوامل التي تؤثر في دقة نتائج الرصد، أهمها:
١- انحناء الغلاف الجوي مما يؤثر في بطء الإشارة القادمة من القمر الصناعي، وعادة تكون أجهزة الاستقبال مزودة بنظام يقوم بحساب معدل التأخير من أجل تصحيح هذا الخطأ.
٢- القرب من المساكن والأشجار وغيرها من العوائق التي قد تصطدم بها الإشارة قبل وصولها إلى جهاز الاستقبال.
٣- أخطاء في الساعة الداخلية لجهاز الاستقبال، حيث أنها ليست بدقة الساعة الموجودة في القمر الصناعي، مما يؤدي إلى حدوث بعض الأخطاء نتيجة اختلاف التوقيت.
٤- أخطاء ناتجة عن ضعف دقة المعلومات التي يرسلها القمر الصناعي عن موقعه في الفضاء نتيجة الإزاحات التي تحدث أحيانًا أثناء سير القمر في مداره.
٥- المؤثرات المتعمّدة على الإشارة، منها سياسة (تقييد الاستفادة) بحيث يتم تقليل دقة الإشارة قبل وصولها لأجهزة الاستقبال.
أضف إلى معلوماتك
يمكن التغلب على بعض العوامل التي تقلل من دقة نتائج الرصد باستخدام جهاز تحديد المواقع عن طريق استخدام ما
يُعرف بالطريقة التفاضلية في الرصد، وذلك بالاعتماد على أكثر من جهاز استقبال، حيث يوضع الجها الرئيسي على نقطة معلومة الإحداثيات بينما يكون الجهاز الآخر متحركاً لرصد إحداثيات النقاط الأخرى المجهولة.