عمان الموقع ومظاهر السطح
تتميز سلطنة عُمان بموقعها الاستراتيجي المفتوح على العالم الخارجي، المشرف على أهم معابر التجارة منذ القِدم، وقد مرَّت عُمان عبر تاريخها الطويل بالعديد من التغيرات الجيولوجية والجغرافية التي أسهمت في تشكيل تضاريسها وتنوع بيئاتها.
الموقع الجغرافي والفلكي
تقع سلطنة عُمان جُغرافيًا في أقصى الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وتطل أجزاؤها الشمالية والشرقية والجنوبية على
البحر، إذ يصل طول السواحل العُمانية حوالي (٣١٦٥ كم)، في حين تُشرف أجزاؤها الغربية على أراض صحراوية جافة، أمَّا
فلكيا فتقع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، حيث يمر مدار السرطان (٢٣,٥) على عدد من محافظات شمال السلطنة، ونظرا للامتداد الطولي الذي تتميز به سلطنة عُمان في ١٠ درجات عرضية تنوعت تضاريسها وبيئاتها الطبيعية .
وقد أكسب الموقع الجغرافي عُمان أهمية حضارية واقتصادية منذ القِدم، يمكن تلخيصها في الآتي:
١. سهولة التواصل مع الحضارات والأقاليم المجاورة، إذ أسهم موقع عُمان الجغرافي وانفتاحه على المحيط الهندي في تعزيز التواصل مع الأقاليم الحضارية المختلفة منذ القِدم (الشكل٢)، وما زال دور عُمان الحضاري في التواصل مع الدول الأخرى مستمرًّا حتى اليوم، حيث تقوم السلطنة بدور فعَّال في تعزيز التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب.
٢. التحكم في شبكة التجارة والملاحة في المحيط الهندي منذ القِدم، إذ أسهمت العوامل الطبيعية في جعل السواحل العُمانية مناسبة للقيام بهذا الدور، لا سيما حركة التيارات البحرية، واتجاهات الرياح الموسمية، مما هيأ لعُمان القيام بدور بارز في التبادل التجاري بين أقاليم وموانئ وجزر المحيط الهندي من جهة، وموانئ البحر الأحمر والخليج العربي من جهة أخرى (الشكل٣).
وما تزال عُمان اليوم محطة استراتيجية للسفن القادمة من الغرب والمتجهة شرقًا، كما أنَّ موقع السلطنة المشرف على مضيق هرمز أكسبها أهمية كبيرة للتجارة الدولية.
٣. طول السواحل العُمانية وإشرافها على بحار مفتوحة ساعد على تطوير الأنظمة الملاحية البحرية والخبرات التجارية لدى العُمانيين، فبرعوا في صناعة السفن وقيادتها، وبنوا أساطيل بحرية عبروا بها بحار العالم منذ القِدم، وأقاموا إمبراطورية امتدت من سواحل الخليج العربي شمالاً وحتى سواحل شرقي إفریقیا جنوبًا.
الجيولوجيا
منذ نحو (٨٠٠) مليون سنة أسهمت العوامل الأرضية (الداخلية) والطبيعية (الخارجية) في تشكيل الأرض العُمانية التي تُعدُّ متحفًا جيولوجيًّا رائعًا لا يتوفر في الكثير من دول العالم، فقد مرَّت عُمان بالعديد من التغيرات الجيولوجية نتيجة تغير موقعها عبر العصور الجيولوجية المختلفة (الشكل ٤).
إن التنوع الجيولوجي في عُمان والمتمثل في تنوع الصخور واختلاف تركيبها أكسبها العديد من الممیزات، منها:
١. تنوع الموارد الطبيعية، مثل: المعادن كالنحاس والكروم، وموارد الطاقة كالنفط والفحم الحجري والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى المياه الجوفية في الطبقات الجيولوجية العميقة.
٢. اعتبارها بيئة مناسبة لدراسة العمليات الجيولوجية التي تُسهم في تشكيل سطح الأرض؛ وذلك بسبب وجود العديد من المواقع التي تبرز فيها الصخور القديمة على السطح، مثل: صخور أفيوليت سمائل (الشكل ٥) التي تُعدُّ أكبر مجموعة قاع محيطي في العالم تظهر على السطح، وقد وفرت الكثير من المعلومات حول العمليات الجيولوجية التي حدثت وما زالت تحدث في أعماق المحيطات.
معلومة: كتشف علماء الجيولوجيا أن صخور (الأفيوليت) المعروفة في عُمان باسم (أفيوليت سمائل) يمكنها امتصاص غاز
ثاني أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، وتغطي هذه الصخور جزءًا كبيرًا من جبال حجر عُمان ، وهي عبارة عن صخور بركانية ظهرت على السطح نتيجة للحركات التكتونية المختلفة.
٣. السياحة الجيولوجية في مناطق كثيرة من عُمان؛ نتيجة التنوع الفريد الذي تتميز به المناظر الطبيعية العُمانية والتميز الجيولوجي للصخور السطحية (الشكل٦).
تُعد حديقة الصخور في ولاية الدقم بمحافظة الوسطى من أبرز المعالم السياحية الطبيعية في عُمان، وتتميز بتكويناتها الصخرية من الحجر الجيري التي تشكلت منذ حوالي (٤٠) مليون سنة، وقد أسهمت عوامل التعرية المختلفة في نحتها بأشكال غريبة وفريدة.
مظاهر سطح الأرض
تتنوع مظاهر السطح في سلطنة عُمان تنوعًا كبيرًا (الشكل٧)؛ وذلك بسبب تعدد العوامل الجيولوجية والجيومورفولوجية التي أسهمت في تشكيلها.
ومن أبرز مظاهر السطح في سلطنة عُمان ما يلي:
أولا: السلاسل الجبلية
تشغل السلاسل الجبلية حوالي ١٥٪ من مساحة السلطنة، ويمكن تمييز سلسلتين جبليتين رئيسيتين فیها، هما:
سلسلة جبال حجر عمان :
تمتد بمحاذاة بحر عُمان على شكل قوس منحن من رأس مسندم في الشمال (الشكل٨) إلى رأس الحد في الشرق، ويُقسّمها وادي سمائل بمحافظة الداخلية إلى قسمين:
الحجر الغربي التي توجد بها أعلى قمة في عُمان وهي قمة جبل شمس، حيث يصل ارتفاعها حوالي (٣٠٠٩م) فوق مستوى سطح البحر، والحجر الشرقي التي تقترب من بحر عُمان؛ مما أدى إلى تأثرها بالتعرية البحرية وانتشار العديد من الأرصفة البحرية والأقواس والكهوف فيها.
سلسة جبال ظفار:
تمتد حوالي (٢٩٠كم) بمحاذاة بحر العرب في جنوب عُمان، وتتكون من ثلاث كتل: كتلة جبال القراوهي الكتلة الرئيسية، وجبل سمحان إلى الشرق منها، وجبل القمر إلى الغرب منها، ويقطع السلسلة باتجاه بحر العرب العديد من الأودية، مثل: وادي دربات، كما تنتشر فيها العديد من العيون المائية مثل:
عين أرزات، وعين حمران.
أضف إلى معلوماتك
أُعلنت منطقة جبل سمحان محمية طبيعية حسب المرسوم السلطاني رقم (٩٧/٤٨)، وتضم المحمية نباتات نادرة
مثل: نبات المشط الظفاري، وحيوانات برية معرضة للانقراض، مثل: النمر العربى.
ثانيًا: السهول الساحلية
هي إرسابات فيضية كونتها الأودية المنحدرة باتجاه بحر عُمان وبحر العرب، ومن أبرز السهول الساحلية في عُمان:
سهل الباطنة:
يمتد من رأس الحمراء في محافظة مسقط وحتى خطمة ملاحة في محافظة شمال الباطنة، ويبلغ طوله حوالي (٢٣٧ كم)، وتُعدُّ أراضيه من أخصب الأراضي الزراعية في عُمان؛ لذلك اشتهر سكانه بالزراعة منذ القدم، بالإضافة إلى اشتغالهم بالتجارة وصيد الأسماك، وفي الوقت الحاضر يضم سهل الباطنة العديد من المدن والولايات المزدهرة مثل: صحار والسيب، وتتركز فيه نسبة عالية من السكان (الشكل ١٠).
سهل صلالة :
يمثل المنطقة المحصورة بين بحر العرب وجبال ظفار، ويمتد لحوالي (٧٠ كم)، ويتميز بطقسه المعتدل في فصل الصيف نتيجة تأثير الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهندي.
وتجري في سهل صلالة العديد من العيون المائية، ومن أهم المدن التي تقع فيه: صلالة ومرباط وطاقة (الشكل ١٠).
ثالثا: الواحات الداخلية
هي عبارة عن إرسابات خصبة تكونت بفعل التعرية المائية أو التعرية الريحية، ويمكن تقسيم الواحات الداخلية في سلطنة عُمان حسب العمليات التي أسهمت في تكوينها إلى عدة أنواع يوضِّحها الشكل (١١).
المصاطب الصخرية على الحافات الجبلية: مثل مسفاة العبريين و قرى جبال حجر عمان
الواحات الناتجة عن الإرسابات الفيضية في مناطق الأودية: مثل الرستاق ونزوى
الواحات الصحراوية على أطراف السبخات: مثل جدة الحراسيس وهيما
ما معنى المسفاة: مصطلح أطلقه العُمانيون على الواحات الجبلية التي تم إنشاؤها على المصاطب الصخرية بالقرب من العيون المائية، وتوجد في عُمان حوالي (١٦) واحة تُسمى بالمسفاة.
ما هي المصاطب الصخرية: الأراضي المرتفعة عن مستوى سطح البحر التي تكونت نتيجة تفاوت عمليات التعرية.
رابعًا: المناطق الرملية
تظهر الكثبان الرملية بأنواعها المختلفة في مناطق متفرقة من سلطنة عُمان (الشكل١٣)، حيث نجدها في الغرب والشمال الغربي وهو ما يمثل الحافة الشرقية لصحراء الربع الخالي، كما تنتشر الكثبان الرملية في صحراء الحقف بمحافظة الوسطى، بالإضافة إلى رمال الشرقية ورملة آل وهيبة بمحافظتي شمال وجنوب الشرقية.
تُعد منطقة الحقف من المناطق الجيولوجية التي قلما نجد لها مثيلاً في العالم، حيث تتميز بتنوع سطحها بين السهول
الحصوية والكثبان الرملية بالإضافة إلى المرتفعات الجبيلة المعروفة جيولوجيا باسم الحقف (Hugf)، في ضوء ذلك:
اقترح ومجموعتك خطة لتطوير السياحة البيئية في المنطقة، ثم اعرضوها في الصف.
خامسًا: السَّبْخات
هي أراض ملحية منخفضة المنسوب يغطي سطحها رواسب رملية طينية ناعمة وترسبات ملحية، مثل: كبريتاتً وكلوريد الماغنيسيوم والصوديوم.
وتوجد في عُمان عدة أنواع من السبخات تختلف من حيث موقعها وطريقة تكونها، أهمهما:
السبخات الداخلية التي تكونت نتيجة تصريف الأودية الصحراوية، مثل سبخة أم السميم التي تُعدُّ أكبر السبخات في شبه الجزيرة العربية (الشكل١٤).
أما السبخات الساحلية فهي ناتجة عن ارتفاع مستوى المد البحري وتنتشر بشكل واسع في عُمان، مثل: سبخات السوادي على ساحل الباطنة، والسبخات المحصورة بين بحر العرب وجبال ظفار.
تقع سبخة أم السميم في محافظة الوسطى وتبلغ مساحتها حوالي (٢٠٠٠كم٢)، وتتكون من طمي وأملاح ناتجة عن تصريف الأودية الهابطة من جبال الحجر الغربي باتجاه الجنوب، والأودية الهابطة من جبال ظفار باتجاه الشمال.
سادسا: الأخوار
هي عبارة عن خلجان مائية صغيرة متصلة عادة بمياه البحر، ويمكن تمييز نوعين من الأخوار في سلطنة عُمان، هما:
الأخوار الدائمة: هي الأخوار المفتوحة
دائمًا على البحر، مثل: خور جراما في محافظة جنوب الشرقیة، وخور شم في محافظة مسندم، وخور المغسيل في
محافظة ظفار (الشكل١٥).
الأخوار المؤقتة (الموسمية): تُمثِّل مصبات الأودية التي تكسر الحاجز الرملي وتصل إلى البحر مما يؤدي إلى تدفق مياه المد خلالها، ومن الأمثلة عليها: خور وادي الجزي، و خور السوادي، وخور أرزات، وتتميز الأخوار المؤقتة بقلة ملوحة المياه ونمو أشجار المانجروف (القرم) فيها (الشكل١٦).
خور شم
يقع بولاية خصب في محافظة مسندم، وتطل عليه العديد من القرى، ويمكن الوصول إليه بحرًا فقط، ويُعدُّ خور شم
مقصِدًا سياحيًا للتنزه والتخييم ومشاهدة الدلافين، وتتوسطه جزيرة صغيرة تُدعى جزيرة التلغراف.
سابعًا: الكهوف
تنتشر الكهوف في سلطنة عُمان، وتتميز بتباين أنواعها وأطوالها وتكويناتها الجغرافية، وقد استخدمها سكان المناطق الجبلية كمساكن وملاجئ آمنة لهم من تقلبات الطقس.
وتأتي محافظة ظفار في المرتبة الأولى على مستوى السلطنة من حيث عدد الكهوف التي يتميز بعضها بوجود عيون مائية بالقرب منها، ومن أبرز الكهوف في عُمان: كهف الهوته في محافظة الداخلية (الشكل ١٧)، وكهف المرنيف في محافظة ظفار (الشكل١٨).
ثامنا: الجزر
يبلغ عدد جزر سلطنة عُمان حوالي (٢٩٣) جزيرة معظمها نتوءات صخرية في عرض البحر لا تصلح للاستقرار البشري، مثل: جزر الديمانيات وجزر السوادي، في حين توجد بعض الجزر مأهولة بالسكان، مثل: جزيرة مصيرة وجزيرة الحلانية وهي أكبر جزر الحلانيات الموجودة في بحر العرب.
وأكبر مجموعة جزر في عُمان هي الجزر الموجودة حول شبه جزيرة مسندم، ومن الأمثلة عليها:
جزر أم الغنم، والخيل، وسلامة وبناتها، أما أكبر الجزر مساحة فهي جزيرة مصيرة (الشكل١٩) وتبلغ مساحتها حوالي (٦٤٠كم٢)، وهي إحدى ولايات محافظة جنوب الشرقية، وتتميز بوجود العيون المائية وبشواطئها المناسبة لتعشيش السلاحف البحرية.
أُعلنت جزر الديمانيات كمحمية طبيعية بموجب المرسوم السلطاني رقم(٩٦/٢٣)، وتُعدُّ مركزًا مهمًّا لتكاثر أنواع من الطيور المهاجرة والمستوطنة، كما تتميز بوجود العديد من أنواع المرجان وأسماك الشعاب المرجانية.
