تاريخ

عالمنا نحو مستقبل مشرق للانسانية

عالمنا نحو مستقبل مشرق للانسانية

عندما وجد الإنسان الأرض الخصبة زرعها بشتى أنواع البذور، وسقاها بماء عذب ، وحافظ على كل ما وهبه له الله في الطبيعة، وتفاءل بمستقبل زاهر وواعد لذلك الزرع ، كما أن الجيل الذي حصد ثمار هذه الأرض رحل سعيدا تاركا إكمال المسير لأبنائها حالمين بمستقبل كبير لهم ، هكذا كان أجدادنا في الماضي، ولكن ..
هل استطاع الجيل اللاحق أن يكمل مسيرة الأجداد ؟ وهل حافظوا على الزرع وسقوه؟ .. إن استخدام الإنسان لوسائل مبتكرة
ومتنوعة في زيادة عطاء الأرض وتوفير ما يلزم للأجيال المتزايدة استدعى استهلاكا أكبر للبيئة واستخداما لوسائل أكثر قدرة على توفير ما تحتاج إليه البشرية .

على أبواب الألفية الثالثة :
مع دخول الإنسانية الألفية الثالثة من تاريخها ، أخذت شعوب العالم والمنظمات الدولية والإقليمية تستعد لملاقاة هذا الحدث المهم، نظرا لأن حلوله يعتبر محطة مهمة لإجراء مراجعة لفترة مضت من تاريخ الإنسانية ووضع تصورات لمرحلة تذر قرنها ، بهدف تعميق التعاون والتفاهم الدوليين ، من جهة وإطفاء بؤر التوتر والنزاعات وإحلال السلام والأمن والاستقرار في العالم أجمع ، من جهة أخرى، وتجنب الأخطار الأخرى المحدقة بالبشرية من أمراض وأوبئة وما يتعلق بمشكلات البيئة .

ويتطلب الدخول في الألفية الثالثة عناصر وأدوات أبرزها ما يأتي :
١- تعامل الإنسان مع ما حوله بشكل حداثي مهيأ للتفاعل بشكل إيجابي بين الأصالة والمعاصرة ، واحترام ما تركه السلف، و
القدرة على التغيير والتعديل فيما يتعلق بالمكان والزمان.
٢- ابتكار ما يقتضي الاستجابة لحياة متكاملة بما لا يتعارض والقيم الدینیة.

٣ – استخدام التكنولوجيا بما يعين على إيجاد الحلول الملائمة للمشكلات التي يواجهها العالم وأهمها ( التلوث ، الفقر، قلة
المياه ، ارتفاع درجة الحرارة، الانفجار السكاني ، النفايات بأنواعها ، الأمراض مثل الإيدز، الحروب … )، وقد كان ذلك
من أهم عناصر الدخول في الألفية الثالثة .

٤ -التحكم التام في تقنيات عالم المعلوماتية السريع والمتطور بسائر إفرازاته الإعلامية والاتصالية الأرضية والفضائية.

الألفية الثالثة … بين القمة والمشروع :
يعد مؤتمر قمة الألفية الذي عقد في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في ٦-٨ سبتمبر ٢٠٠٠م، من أكبر المؤتمرات في
التاريخ، حيث شارك فيه زعماء ورؤساء حكومات مائة وخمسين دولة ، وكان موضوعه العام هو دور الأمم المتحدة في القرن الحادي والعشرين ، وبحث التحديات التي تواجه العالم خلال العقود المقبلة.

كما تم إطلاق مشروع الألفية عام ٢٠٠٢م، بهدف وضع خطة عالمية للتخفيف من حدة الفقر وتحسين حياة العديد من سكان
العالم. وفي عام ٢٠٠٥م تم وضع تقرير رسمي من قبل الأمم المتحدة يتناول الكيفية التي سيتم بها تحقيق أهداف الألفية ، وبما يتضمنه ذلك من تحديات وحاجات خاصة ببعض الدول ، وحلول مقترحة لتحقيق بعض الأهداف في موعدها المحدد ، وكان من ضمن توصيات المشروع ضرورة التعاون بين الدول الغنية والفقيرة لتحقيق أهداف الألفية ، وعلى الدول الغنية أن تخطو خطوات كبيرة في سبيل المساعدات الإنمائية كخفض أو إلغاء الديون وإزالة حواجز الحماية الجمركية خاصة للسلع الزراعية .

الأهداف الإنمائية للألفية :
وهي الأهداف المحددة كميا من حيث محتواها والملزمة زمنيا من حيث الفترة التي يتوجب على الدول تحقيقها ، حيث إنها تمثل الحقوق الأساسية التي وردت في إعلان الأمم المتحدة للألفية.
وتكمن أهمية هذه الأهداف في أنها الأكثر شمولا وتحدیدا وتلقی نطاقا واسعا من التأييد، كما أنها تمثل السبيل إلى حياة منتجة للفقراء الذين يزيد عددهم على بليون شخص في العالم ، كما تعتمد عليها الدول في التخطيط للتنمية البشرية، والاهتمام بتوفير الموارد الأساسية، وتشجيع الاستثمارات والاستراتيجيات اللازمة لتحقیقها.

وتمثل الأهداف الإنمائية للألفية نسيجا متكاملا بحيث لايمكن تحقيق غاية بمعزل عن الأخرى ، كما يتضح ذلك من الشكل الآتي :

الهدف ١
القضاء على الفقر والجوع

الهدف ٢
تحقيق التعليم الابتدائي

الهدف٣
التنمية المستدامة للبيئة

الهدف ٤
مكافحة فيروس نقص المناعة
المكتسبة ( الايدز) والملاريا

الهدف ٥
تحسين الصحة النفسية
(صحة الأم)

الهدف٦
تخفيض معدل
وفيات الأطفال

الهدف ٧
تحقيق المساواة بين الجنسين

وتمثل الترابطات والعلاقات الوظيفية ، بين الغايات من الألفية ومؤشراتها ، عاملا مساعدا للمخططين على تصميم البرامج اللازمة للوصول إلى النتائج المستهدفة خلال مراحل زمنية ووضع استراتيجيات وأنشطة مناسبة . وتأتي الغايات اللازم تنفيذها في عام ٢٠١٥م على قمة الهرم، حيث لابد من وضع الاحتياجات الاستثمارية وتحديدها وصولا إلى تلك الغايات وما يتطلبه ذلك من سياسات وخطط وبرامج تنموية متناسقة . ومن أجل ذلك تم وضع برمجيات إلكترونية خاصة لحساب التكاليف اللازمة لتحقيق تلك الغايات .

وحيث إنه لا بد من متابعة مدى تنفيذ الأهداف وتقييم ما تقوم به الدول الأعضاء فإنه يتم التحقق من بعض البلدان والمناطق النامية التي نفذت قدرا بسيطا من التقدم نحو تحقيق أهداف الألفية، مع ملاحظة أن دولا أخرى أحرزت إنجازات كبيرة. ويتم تقييم ما تقدمه الدول من تقدم بتحديد الغاية ، والهدف ، والمؤشرات ؛ مثال ذلك :

الهدف : القضاء على الفقر المدقع والجوع .
ويتوقع من خلال ذلك أن يتم :

تخفيض نسبة السكان الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد إلى النصف في الفترة ما بين سنة ١٩٩٠م وسنة ٢٠١٥م.

تخفيض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع إلى النصف في الفترة من ١٩٩٠ إلى ٢٠١٥م.
المؤشرات : نسبة السكان الذين يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم ، ويتم ذلك بمعادلات وقوانين رياضية ، مثل :

نسبة فجوة الفقر (حالات الفقر × عمق الفقر ).

عدد الأطفال ناقصي الوزن (الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات).

نسبة السكان الذين لا يحصلون على الحد الأدنى لاستهلاك الطاقة الغذائية .

خطوات في طريق المستقبل :
تشترك برامج الأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية
والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية ، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وغيرها في تقديم الاقتراحات وإنشاء فرق خاصة لإصدار بعض التوصيات متى تطلب الأمر ذلك، مثل التوصية بإدماج الاستدامة البيئية في تنفيذ الأهداف بصورة أكبر .
كما يعد موضوع الحرب على الفقر من القضايا الجوهرية ، حيث إنه ، ولأول مرة منذ قرون، أمكن لبعض البلدان مضاعفة
مستويات الإنتاج أو زيادتها إلى ثلاثة أمثالها في إطار جيل واحد ، فمن الممكن تخفيض أعداد الفقراء سريعاً وعلى نطاق واسع ، ومثال على ذلك ما تم في الصين في عام ١٩٩٦م من تنفيذ مشروعات قام بها آلاف الأشخاص مستخدمين أداوت بسيطة لتحويل الأراضي الجبلية إلى تربة صالحة للزراعة. ولم تعد تلك المنطقة جافة ومتوعدة بالأخطار، بل أصبحت مُخضرّة وحافلة بالمحاصيل والحيوانات.

ومن أولئك المستفيدين من مثل هذا المشاريع امرأة كانت تعيش خلال تلك الفترة في مغارة بلا كهرباء أو مياه جارية ودون احتمال القدرة على تحسين حياتها، وفي عام ٢٠٠٤م، عبرت هذه المرأة عن مدی التحشن في حياتها وعن أنه أصبحت لديها میاه وتدفئة، وترغب في شراء دراجة نارية لابنها، وتتطلَّع إلى إرسال ابنتها إلى المدرسة . كانت تلك السيدة واحدة من ثلاثة ملايين شخص مثلها وجدوا الأمل خلال بضع سنوات فقط ومن خلال سلسلة من ٣٢ مشروعًا مماثلاً في تلك المنطقة. وبفضل مثل هذه المشاريع سيفي العالم بواحد من الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة وهو الهدف العالمي الخاص بتخفيض أعداد الفقراء بنسبة النصف بحلول عام ٢٠١٥ م. كما أن هذه المشاريع ستكون الدافع للازدهار والنمو العالمي في السنوات المقبلة.

مشاريع غيرت مجرى حياتي:
هناك الكثيرون ممن يتطلعون إلى الحصول على قطرة من المياه العذبة، أو امتلاك قطعة أرض صغيرة يعيشون على ما يزرعونه منها، والبعض الآخر يحلم ببيت صغير، والآخر بأطفال يذهبون إلى المدارس، وغيرهم الكثير، ولكن .. مع كل هذه المشاكل التي يعاني منها العالم ، هل هناك من يلتفت إلى هؤلاء الحالمين؟ ، هل هناك من يخطو خطوة واحدة تجاه تحقيق أحلامهم البسيطة ؟
نعم! هناك العديد من المنظمات والبرامج والمشاريع الحكومية و الخاصة التي تجعل من هؤلاء شغلها الشاغل ، سنروي الآن بعضا من تجارب أولئك الذين تحقق لهم الكثير بفضل هذه المشاريع البسيطة.

مرحبا : أنا ” فاتو ديوب” رئيسة جماعة نسائية في ” فندان ولوف” بالسنغال :
“لقد كان الماء هو أكبر مشاكلنا، فالوصول إليه كان عسيرا ولم تكن المياه كافية لري الحدائق لأغراض التسويق أو لتلبية
احتياجات مشاتل الاشجار. كانت مياهنا مالحة لدرجة أننا لم نكن بحاجة إلى إضافة أي ملح في أثناء طهي الطعام. ولعدم
وجود مراحيض كانت المياه الجوفية معرّضة لخطر التلوث. أما الآن، بفضل الدعم الذي حصلنا عليه من الحكومة ومن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ، فقد أصبح لدى القرية كل ما تحتاج إليه من مياه الشرب الغسل وفلاحة الحدائق لأغراض التسويق وتربية الماشية، وأصبحت لدينا كذلك المراحيض التي تحمي احتياطياتنا من المياه الجوفية. ولدينا الآن أيضا مطحنة تطحن لنا الدخن فنحصل على الدقيق على نحو يوفر لنا وقتا كثيرا. وتدفع النسوة سنتات معدودات لاستخدام هذه المطحنة، على أن كل ما يُحَصّل من المال يوجه لأغراض التصليحات والادخار لحساب شراء مطحنة جديدة وكذلك لتمويل نظامنا الائتماني الذي يتيح للمرأة منا الحصول على قروض لمشاريع صغيرة مثل إعداد عجينة الفول السوداني للبيع في السوق، وذلك لأن تمكّننا من الوصول الميسور إلى المياه قد وفّر لنا الوقت اللازم للإقدام على
مشاريع تجارية”.

أما “أنطونيو بالديزون” المزارع والعضو في الاتحاد المحلي للتعاونيات في ليون في منطقة نيكاراغوا الشمالية الغربية الواقعة
على المحيط الهادي فيقول : ” كان أعضاء تعاونية ألتو ديلا كروز” على وشك تبادل اللكمات بسبب نزاع على أرض، إذ نشأ خلاف حول كيفية توزيع قطع الأرض على أعضاء التعاونية البالغ عددهم ١٠٠ تقريبا. وقد طلبت مني عضوة التعاونية “ماريا إليا أورزو” أن أتدخل لأنها كانت تعرف أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد دربني على التوسط في المنازعات على الأرض في نيكاراغوا، فنظَّمت اجتماعا مع كل أعضاء التعاونية. وبعد أخذ ورد داما ثلاثة أيام مرهقة اتفقنا آخر الأمر على أن تحصل كل أسرة على ١٢٫٥ منزانه (أي ما يعادل ٨,٨ هكتار). والآن بوسع “ماريا” وبقية أعضاء التعاونية أن يعيشوا ويعملوا معا في سلام”.

وتحكي “هوانغ تاي ماي” التي تعيش مع زوجها وأطفالها الأربعة وحمويها بالقرب من دين بيّن فو في شمال فيتنام تجربتها بقولها:
“عندما كنا نزرع الأرز كان يستحيل علينا أن ننتج ما يكفينا من الغذاء ولم نكن نحقق سوى دخل نقدي تافه جدا ، فجعلت أقنع
أسرتي بأن نمارس الزراعة المائية لكي يجد الأطفال سمكا يأكلونه. وبعد دعوتي لحضور البرنامج التدريبي، الذي نظم برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأغذية والزراعة، أصبحت أنا المسؤولة عن بركة أسرتنا. وقد تمكنّا بتطبيق التقنيات التي تعلمتها من جني محصول بلغ ٤٠٠ كيلوغرام من السمك في العام الماضي، فوفر لنا ذلك قدرا أكبر من البروتين لوجباتنا،
فضلا عن كسب ٣٣٠ دولارا من بيع السمك الفائض. وقد استخدمنا هذا المبلغ لشراء ماشية وإجراء إصلاحات في البيت واقتناء بعض الأثاث ودفع مصروفات لتعليم الأطفال ولتوفير رعاية صحية للوالدين بل وأيضا لتجديد رصيد البركة السمكي “.
www.un.org/arabic/publications/ourlives/undp/htm

مواضيع مشابهة

التواجد العماني في شرق افريقيا

bayanelm

صعوبات الملاحة البحرية العمانية في الماضي

bayanelm

عمان بين القرنين الثاني والسادس الهجريين

bayanelm