تنوع الثقافات العالمية بين التعارف والحوار

تنوع الثقافات العالمية بين التعارف والحوار

تنوع الثقافات العالمية بين التعارف والحوار

تحتاج ثقافات العالم اليوم إلى الحوار المباشر؛ من أجل التفاعل والتواصل الحضاري بینها.

وبطبيعة الحال فإن تنوع ثقافات الشعوب والمجتمعات سوف يسهم في بناء ثقافة الحوار والتواصل الحضاري بين الأفراد؛ لتحقيق استمرارية الإنسان في تطوير علاقاته الإنسانية نحو الأفضل.

أهمية تنوع الثقافات :
إن تعدد المجتمعات البشرية، التي يتمتع كل منها بذاتية معينة، يؤدي إلى تنوع الثقافات وتعددها، وبالتالي يتحقق الحوار والتواصل والتطور والتقدم لأفرادها ومجتمعاتها. وينبغي التذكير هنا بأن المطلوب أن تتعارف الثقافات وتتحاور فيما بينها، والمشاركة في بناء مستقبل أكثر أمنا واستقرارا وتطورا، مع الالتزام بما يناسب ثقافة كل شعب؛ لأن تنوع الثقافات الإنسانية
لا يعني المزيد من التشتت والتدهور والحروب، وإنما المزيد من التقدم والتطور للحاضر والمستقبل.

كذلك إذا أردنا أن نتعرف أكثر ثقافة أي شعب من الشعوب في العالم فإنه علينا أن نضع أنفسنا في إطار الثقافة التي يمتلكها وعدم تجاهلها، لأنه في النهاية ندرك أن الشعوب على تنوع ثقافاتها ومجتمعاتها تختلف في تفكيرها وطرق حياتها، وهو ما يعني الإفادة من هذا الاختلاف في صالح المجتمعات الإنسانية وشعوبها .

و((الحوار الثقافي هو أفضل السبل، ولعله السبيل الأوحد، المفضي إلى عالم أكثر إنسانية وتضامنا، وخاصة على أيامنا هذه التي يصدع فيها بعض الناس بالحديث عن صدام الحضارات بالتوازي مع ازدهار العولمة)).

(ماغالهایش،خوليو، ٢٠٠٢، ص١٧٨)

حوار الحضارات والثقافات …. تقارب وتعاون :
عند الحديث عن حوار الحضارات والثقافات لا بد من النظر إلى العالم من زاوية اختلاف الثقافات والمجتمعات وتنوعها، وهي في ذات الوقت مجال خصب للحوار المشترك والتفاعل الحضاري فيما بينها.
كما أن مفاهيم حوار الحضارات وحوار الثقافات والتفاعل الحضاري من المفاهيم المهمة التي تسعى دول العالم الآن إلى استخدامها في المؤتمرات والندوات واللقاءات التي تتم بين المجتمعات في العالم، والاستفادة الممكنة والسريعة من التطورات الاتصالية وتبادل المعلوماتية التي تقرب الشعوب إلى بعضها بعضا ضمن قرية معلوماتية واحدة.

وقد ظهر مفهوم حوار الحضارات كردة فعل ضد مقولة (صدام الحضارات) التي روج لها الكاتب الأمريكي صامويل هنتنجتون في المقال الذي نشره عام ١٩٩٣م. (جيدل، ٢٠٠٣،ص٧٣).

ولذلك فإن حوار الحضارات والثقافات له أهمية كبيرة في الآتي :
١- الإفادة من منجزات الثقافات والحضارات في تحديد معالم الطريق إلى الوحدة والتعارف والتعاون بينها.
٢- يساعدنا الحوار على تمييز دور الثقافة والحضارة في الصراعات المعاصرة، وتحديد الأسباب الحقيقية للحروب، والوصول بعد ذلك إلى ثقافة السلام .

وتعكس نظرية حوار الحضارات رغبة متبادلة في التعايش والتعاون والتفاهم بين مختلف الشعوب والثقافات لإيجاد بيئة دولية سليمة وفضاء مستقر يقوم على ضرورة الاتفاق على الحد الأدنى المشترك من القيم الإنسانية الكونية والسلوكيات الأساسية التي تشترك فيها مختلف الحضارات والثقافات؛ لتحقيق قيم العدل والحرية والمساواة دون إلغاء مبادئ الاختلاف والتعدد.

ولقد أصبح حوار الحضارات من بين القضايا التي تأخذ اهتمام دول العالم في الوقت الحاضر، وهناك تساؤلات شتى تدور حول السبب الذي جعل من هذه القضية مشكلة تنشغل بها مراكز الأبحاث العالمية والدوائر السياسية، والمثقفون في مختلف أرجاء المعمورة.

وهناك دائما رغبة كبيرة في أن يكون الآخرون مشابهين لنا في سلوكهم، وإذا اختلفوا عنا فهم إما ((يعانون من خلل أو عيب معين)) وإما أنهم أعلى منا مستوى ودرجة، ولكن بالمقابل لا توجد ثقافة عليا وثقافة دنيا، بل هناك ثقافة تختلف عن ثقافة أخرى فقط. وفى كل الثقافات تقريبا هناك مجموعات ثقافية ((صغرى)) أو ((فرعية)) قد تكون قائمة على التباين العرقي أو الديني أو الجغرافي أو الجنسي، بالإضافة إلى أن هناك اختلافات فردية داخل المجموعات الثقافية نفسها مبنية على عوامل عدة مثل: نوع التعليم ومستواه، ومدى اتصال الفرد بثقافات اخری.

وأسهل ما يلاحظ هو الاختلافات في المظاهر الخارجية للثقافة، وعلى سبيل المثال لا الحصر الزي والأطعمة والعادات والأنماط المعمارية المختلفة. (http://www.ccccentre.com/Arab/info.asp)

إن الحضارات والثقافات ليست مصطلحات تاريخية ثابتة أو غير قابلة للتغيير، بل إنها دوما تتغير وتنمو وتتطور وتكيف نفسها مع الأزمنة الحديثة والحقائق الجديدة من خلال التفاعل فيما بينها.

حوار الثقافة العربية والإسلامية مع الثقافات الأخرى:
((إن العالم الذي نعيش فيه اليوم يتطلب منا الحوار مع أنفسنا أولاً، والحوار مع الآخر ثانيا لكي نصل إلى رؤية إنسانية مشتركة، قادرة على نقل سماحة ديننا، وإيصال عظمة حضارتنا اللذين تأسسا على مبادئ الحق والعدل والمساواة)). (الصقهان وزميله، ٢٠٠٧، ص٧).

وتنطلق الثقافة العربية والإسلامية في حوارها مع ثقافات العالم من مجموعة من المبادئ والقيم الحضارية أهمها:

أن الثقافة العربية الإسلامية هي أساسا ثقافة حوار وتفاعل مع الثقافات الأخری.

أن هذه الثقافة ترفض جميع أشكال التعصب والانغلاق والتطرف والعنف ونزاعات الهيمنة والانفرادية والإقصاء.

أنها ثقافة تؤمن بالاختلاف والتعدد والتنوع التي ترتبط بالطبيعة الإنسانية نفسها، وهي أساس تطورها وثرائها وتجددها المستمر.
http://www.alecso.org.tn/index.php?o … id=395&lang=ar
ويتحتم على الثقافة العربية والإسلامية أن تتجانس في مضامينها، وتتكامل في مواقفها، وتتحرك من منطلق هويتها المعبرة عن حقيقة انتمائها ونبل مقاصدها، لتتمكن من الصمود في ميدان التنافس الثقافي الدولي، وتتفاعل مع ثقافات العالم من حولها، من موقع الندية والاقتدار لا من موقع التبعية والانبهار.

ولا بد أن تقوم العلاقة ، بين الثقافة العربية والإسلامية والثقافات الأخرى، على أساس متين من الحوار والتعايش الحضاري والثقافي، والإفادة من کل ما هو جدید ونافع.

الحوار الحضاري العماني … تفاعل ومشاركة:
يتميز المجتمع العماني بالتماسك والترابط والتكافل بين أبنائه في إطار أسرة واحدة تربطها علاقات الأخوة والصداقة والود مع
مختلف الدول والشعوب منذ قرون عديدة ، حيث مارس العمانيون التجارة وتفاعلوا مع العديد من شعوب العالم، من الصين شرقا حتى أمريكا غربا، وأسهموا بنصيب وافر في الحضارة الإنسانية عبر الاحتكاك والحوار اللذين تعزَّزا من خلال قيم الدين الإسلامي الحنيف ، خاصة العدل والمساواة وحرية المعتقد، ودعوته إلى الحوار بالحكمة والعقلانية والواقعية وكذلك الموعظة الحسنة.

كما اتسمت الحضارة العمانية منذ القدم بقدرتها الواعية على ترسيخ مفاهيم جديدة تؤسس لمتمع واع يأخذ بكافة أساليب التقدم في مختلف مناحي الحياة، وذلك من خلال الأدوار التي لعبها العمانيون على امتداد تاريخهم والتي اتسمت بالإيجابية والتفرد والإبداع حتى أضحت عمان ، وعبر تواصلها الدائم مع الحضارات المختلفة ، حلقة الوصل بين العديد من الثقافات ، فحملت على عاتقها مشعل الحضارة والثقافة والريادة في نواحي الحياة كافة.

كراسي السلطان قابوس (العلمية) : تؤدي كراسي السلطان قابوس دورا علميّا وثقافيا في إثراء الحوار الثقافي بين الحضارات والثقافات في عدة مجالات مختلفة في العالم. (وزارة الاعلام . ( www.moi.gov.om

وهذه الكراسي هي :

كرسي السلطان قابوس للأستاذية في مجال إدارة المياه والتنوع الاقتصادي في أكاديمية روزفلت التابعة لجامعة اترخت في لاهاي بهولندا ، والذي قررت الحكومة الهولندية إقامته عام ٢٠٠٥م عرفانا منها بالجهود الخيرة لجلالته وإسهاماته فى ترسيخ دعائم السلام والتعاون الدولي ، ودوره البنّاء في إرساء أسس التنمية ودولة القانون والمؤسسات العصرية في السلطنة ، والتقدير الدولي واسع النطاق الذي يحظى به جراء سياساته الحكيمة ، وتتويجا للعلاقات الطيبة التي تربط بين البلدين.

كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية المعاصرة بجامعة كامبريدج البريطانية، أنشىء عام ٢٠٠٥م ويشرف عليه مكتب
مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية.

زمالة سلطان عمان الدولية في مجال الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بمركز أكسفورد للدراسات الإسلامية بجامعة
أكسفورد ببريطانيا، وأنشىء عام ٢٠٠٥م، وتشرف عليه وزارة الخارجية.

كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية والإسلامية بجامعة ملبورن الأسترالية، أنشىء عام ٢٠٠٣م، وتشرف عليه وزارة
التعليم العالي.

كرسي السلطان قابوس لتقنية المعلومات بجامعة الهندسة والتكنولوجيا الباكستانية، أنشىء عام ٢٠٠١م، ويشرف علية
مكتب مستشار جلالة السلطان للاتصالات الخارجية.

كرسي السلطان قابوس لتقنية المعلومات بجامعة الهندسة والتكنولوجيا الباكستانية، أنشىء عام ٢٠٠١م، ويشرف علية
مكتب مستشار جلالة السلطان للاتصالات الخارجية.

كرسي السلطان قابوس في العلاقات الدولية بجامعة هارفارد الأمريكية ، أنشئ عام ١٩٩٩م، وتشرف عليه وزارة الخارجية.

كرسي السلطان قابوس في مجال الاستزراع الصحراوي بجامعة الخليج العربي بمملكة البحرين، أنشىء في عام ١٩٩٤م،
وتشرف عليه وزارة التعليم العالي.

كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية والإسلامية بجامعة جورج تاون الأمريكية، أنشىء عام ١٩٩٣م، ويشرف عليه
مكتب مستشار جلالة السلطان للاتصالات الخارجية.

كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية بجامعة بكين الصينية، أنشئ عام ٢٠٠٧م، وتشرف عليه جامعة السلطان قابوس.

مشروع طريق الحرير ٠٠.طريق الحوار بين الحضارات
تبنت منظمة اليونسكو فكرة مشروع طريق الحرير في عام ١٩٨٨م في نطاق العقد العالمي للتنمية الثقافية بهدف الدراسة
المتكاملة والشاملة لمختلف التفاعلات التي حدثت بين الشعوب، وأيضًا لمعرفة إلى أي مدى تفاعلت وتأثرت الأمم ببعضها بعضا ، وأبعاد هذا التفاعل والتأثر في واقع عالمنا اليوم.

وتأكيدا لحرص السلطنة على المشاركة في هذا المشروع، وخلال زيارة جلالة السلطان قابوس المعظم (حفظه الله ورعاه) لمقر
اليونسكو في الأول من يونيو عام ١٩٨٩م، أعلن تخصيص السفينة العمانية (فلك السلامة) لتنفيذ الرحلة البحرية لمشروع طريق الحرير، حيث قال: ((وانطلاقا من إدراكنا لأهمية البرامج التي تقوم اليونسكو على تنفيذها ضمن عقد الأمم المتحدة للتنمية الثقافية، فإن بلادنا قد حرصت على المشاركة في المشروع الكبير والخاص بإجراء دراسة شاملة لطرق تجارة الحرير أو الذي أطلق عليه: طريق الحوار بين الحضارات، ومن هنا كان اهتمامنا بتخصيص اليخت السلطاني (فلك السلامة) لتنفيذ الرحلة البحرية للمشروع، وإننا لنأمل لهذا العمل الحضاري الكبير كل النجاح في تحقيق الأهداف المرجوة منه لتوعية الأجيال بأهمية الحوار وحفزها للاطلاع على السجل التاريخي للتفاهم البشري)).

مواضيع مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *