تطور الاستشعار عن بعد
ساهمت الثورة الكمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في تغيير الأساليب المستخدمة في الدراسات الجغرافية،
وتطوير التقنيات الجغرافية بشكل ملحوظ مما ساعد على ظهور العديد من العلوم الحديثة، ومن أبر هذه العلوم الاستشعار عن بُعْد (Remote Sensing) وهو علم يُعنى بالحصول على بيانات ومعلومات عن سطح الأرض، بما عليه من ظواهر طبيعية وبشرية، باستخدام أجهزة تصوير خاصة لا تلامس الظاهرة مباشرة، بل تعتمد على التقاط موجات الطاقة الكهرومغناطيسية المنعكسة أو المنبعثة من الظواهر المختلفة، ويوضح الشكل نطاقات الطيف الكهرومغناطيسي.
يتكون الطيف الكهرومغناطيسي من اشعة جاما والاشعة السينية والاشعة فوق البنفسجية واشعة المجال المرئي والاشعة تحت الحمراء واشعة الميكرويف واشعة الراديو
أضف إلى معلوماتك
تنتقل الطاقة الكهرومغناطيسية (Electromagnetism) على شكل موجات كهربائية ومغناطيسية، وتنتشر في الفراغ بسرعة الضوء (٣×١٠°م/ث) في موجات مختلفة الأطوال، وتعد الشمس المصدر الرئيسي للطاقة الكهرومغناطيسية.
مراحل تطور الاستشعار عن بُعد
يعد تصوير سطح الأرض أهم استخدامات الاستشعار عن بُعْد؛ لذلك ارتبطت البدايات التاريخية لظهور الاستشعار عن بُعْد بالتصوير الفوتوغرافي الذي بدأ في القرن التاسع عشر،ويمكن تتبع مراحل تطور هذا العلم على النحو الآتي:
المرحلة الأولى
بدأت هذه المرحلة سنة ١٩٠٩م حينما التُقطت أول صورة جوية للأراضي الإيطالية، وتُعَدّ فترة الحرب العالمية الأولى (١٩١٤-١٩١٨م) البداية الحقيقية للتصوير الجوي المنظم، الذي اعتمد على معالجة الصور الجوية وتفسيرها لإنتاج الخرائط منها،كما أسهمت الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩- ١٩٤٥م) في تطور علم الاستشعار عن بُعْد للأغراض العسكرية، وکان لاستخدام التصوير الجوي دور کبیر في تحديد مسار الحرب من خلال توفير بيئة مناسبة لتطوير أساليب الاستكشاف، التي تم الاحتفاظ بها كأسرار عسكرية لفترة طويلة، كما بدأ في هذه المرحلة أيضا إنشاء العديد من المعاهد والمراكز للدراسة الأكاديمية في مجال الاستشعار عن بُعْد.
المرحلة الثانية
بدأت هذه المرحلة في ستينات القرن العشرين بإطلاق أول قمر صناعي في عام ١٩٦٠م لأغراض الطقس والمناخ وأطلق عليه تيروس ١ (1-TIROS) واستمر في العمل لمدة ٧٨ يومًا فقط، إلا أنه حقق إنجازات علمية في مجال دراسة الأحوال الجوية.
وفي هذه المرحلة بدأت الاستخدامات المدنية لبعض أجهزة الاستشعار عن بُعد العسكرية، وظهر مصطلح الاستشعار عن بُعد (Remote Sensing) لأول مرة.
المرحلة الثالثة
ارتبط الاستشعار عن بُعْد في هذه المرحلة بتطور أنواع الأقمار الصناعية، فقد أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) أول قمر صناعي في عام ١٩٧٢م، بهدف مراقبة سطح الأرض ودراسة التغيرات التي تنشأ بسبب العوامل الطبيعية والبشرية، وسُمِّي بقمر تكنولوجيا الموارد الأرضية (1-ERTS)، وأُطلقَ عليه لاحقاً لاندسات ١ (1-LANDSAT)، ويعد نظام لاندسات أحد العلامات البارزة في تاريخ الاستشعار عن بُعْد.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك كثيراً من أنظمة الأقمار الصناعية الحديثة مثل : القمر الصناعي الفرنسي سبوت (SPOT)، والقمر الصناعي الياباني (JERS)، والقمر الصناعي الروسي (RESURS)، والقمر الصناعي الكندي (RADARSAT) بالإضافة إلى الأقمار التجارية مثل إيكونوس(IKONOS) وكويك بيرد (QuickBird) والورد فيو.(WorldView).
وتتميز هذه المرحلة بتطور كبير في الاعتماد على مصادر بيانات الاستشعار عن بُعد غير فوتوغرافية واستخدام برمجيات تحليل الصور الفضائیة، إضافة إلى زيادة عدد الكوادر البشرية الخبيرة في التحليل الرقمي للصور.
محطة الفضاء الدولية (International Space Station)
يتم التعاون مع محطة الفضاء الدولية فيما يتعلق بإطلاق أقمار الاستشعار عن بُعْد وعدد من المجالات الأخرى.
وتعدّ هذه المحطة أكبر جسم صناعي يدور على ارتفاع ٣٩٠ كم من كوكب الأرض، لذا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. وتعتبر
هذه المحطة أهم مشروع علمي في تاريخ استكشاف الفضاء، حيث تعاونت خمس وكالات فضاء من (١٦) دولة لإنشائها، وهي مأهولة بطاقم من رواد الفضاء يتم استبدالهم من فترة لأخرى. وهي تبث صوراً مباشرة عن كوكب الأرض تساهم في العديد من الأبحاث العلمية في مختلف المجالات.
مميزات الاستشعار عن بُعد
تساعد تقنية الاستشعار عن بُعد على تقليل الكلفة المادية في الحصول على البيانات مقارنة بالمساحات الشاسعة التي يتم تغطيتها ، كما توفر هذه التقنية أرشيفا هائلا من البيانات والمعلومات تجعل إجراء الدراسات أمرا متیسِرا ومتاحا.
وللاستشعار عن بُعْد مميزات أخرى عديدة تتمثل فيما يآتي:
١- قلة تأثرها بالظروف المناخية.
٢- مراقبة الظواهر الأرضية على نطاق مكاني واسع يتسم بالشمولية والوضوح مما يساعد على إجراء الدراسات على مستوى الدولة أو العالم.
٣- دراسة الظواهر الطبيعية والبشرية التي تتميز بالتغير والاستمرارية، مثل الفيضانات والنمو العمراني واستخدامات الأراضي، حيث تقدم الأقمار الصناعية تصويرًا متتابعا ومنظما للظواهر جمیعها.
٤- تعد مصدرًا للبيانات والصور الفضائية مع إمكانية ربطها بنظم المعلومات الجغرافية.
٥- إنتاج الخرائط في وقت قصير وإمكانية تحديثها لاحقا تبعا للمستجدات المختلفة.
أضف إلى معلوماتك
يعد مركز نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بُعْد في جامعة السلطان قابوس مؤسسة وطنية تعمل على توفير المعلومات الجغرافية والخدمات الاستراتيجية وتنظيم الدورات التدريبية والمساهمة في تعزيز التعاون الدولي في مجال
الاستشعار عن بُعْد والرصد الجوي.
طرائق الاستشعار عن بُعد
تتعرض الأشعة الكهرومغناطيسية لتأثير عدد من العوامل التي تؤدي إلى إحداث تغيير في طبيعة هذه الأشعة، ويُعد الغلاف الجوي والمواد المكونة له من أهم هذه العوامل، وكذلك فإن لسطح الأرض واختلاف خصائص الظواهر الأرضية تأثير على أنواع الإشعاعات . وتقوم أجهزة الاستشعار عن بُعد بتسجيل الأشعة المنعكسة والمنبعثة عن الظواهر الطبيعية والبشرية.
تنقسم طرائق الاستشعار عن بُعْد إلى نوعين :
الاستشعار الإيجابي (Active Remote Sensing )
يقوم جهاز الاستشعار بإرسال أشعة إلى الأهداف الأرضية، التي تعكس هذه الأشعة مرة أخرى إلى جهاز الاستشعار، الذي يقوم بتسجيلها مكونا صورة فضائية، ويتميز هذا النوع بعدم تأثره بالظروف الجوية والقدرة العالية على اختراق الأهداف.
الاستشعار السلبي (Passive Remote Sensing)
يقوم جهاز الاستشعار باستقبال وتسجيل الأشعة الصادرة أو المنعكسة من الأهداف الأرضية، ويصدر الإشعاع من خارج
جهاز الاستشعار مثل الإشعاع الشمسي الأمر الذي يجعل هذا النوع أكثر تآثراً بالظروف الجوية.
أضف إلى معلوماتك
إن آلة التصوير العادية يمكن أن تقدم مثالا جيدا لكل من طرائق الاستشعار السلبية والإيجابية كما يأتي :
فعندما تقوم بالتقاط صور مستخدما ضوء الشمس فإن هذا الضوء ينعكس على الأشياء التي تريد تصويرها ، ثم يرتد إلى عدسة آلة التصوير، ومن ثم تقوم الآلة بتسجيل هذا الإشعاع وهذا يكون استشعارا سلبيا عن بُعْد.
وعندما تريد التقاط صورة أثناء الليل فإنك تقوم باستخدام فلاش آلة التصوير الذي ينعكس على الأشياء التي تريد تصويرها، ثم يرتد إلى عدسة الآلة، ثم تقوم الآلة بتسجيل هذا الإشعاع وهذا يكون استشعارا إيجابيًا عن بُعْد.