تاريخ

المنجزات الحضارية لدولة البوسعيد

المنجزات الحضارية لدولة البوسعيد

ستتعلم في هذا الدرس :
١- أهم المنجزات السياسية والعسكرية لدولة البوسعيد .
٢- أهم الأنشطة الاقتصادية للدولة .

٣- مدى اهتمام البوسعيديين بالحركة الثقافية والعمرانية.

مفاهيم أتعلّمها من الدرس :
المطبعة السلطانية ، الجمارك، الكتاتيب، الأسطول ، الصاروج

حققت دولة البوسعيد على أرض عمان منجزات عدّة، وصلت من خلالها إلى مستوى الدول الكبرى في تلك الفترة ، ومازالت
آثارها مائلة إلى وقتنا الحاضر ، ومنها :

أولاً : المجال السياسي والعسكري:

أرست دولة البوسعيد دعائم الوحدة الوطنية، حيث تمكَّن الإمام أحمد بن سعيد من توحيد الشعب العماني تحت راية واحدة
عن طريق الحكمة والتسامح والمساواة، وترسخت هذه الوحدة في عهد السيد سعيد بن سلطان الذي عمل على بناء إمبراطورية عمانية امتدت لتشمل مناطق عدة في شرقي أفريقيا.
ونظراً لما تتمتع به السلطنة من موقع استراتيجي متميز ، وتقدير واحترام عربي وعالمي، فقد ارتبطت بعلاقات تجارية
واقتصادية وسياسية حسنة مع كل من الصين ، والهند ، وإيران ، والدولة العثمانية ، وشرقي أفريقيا، وإنجلترا ، وفرنسا ، وألمانيا وهولندا ، وأمريكا .

وعزَّز هذه العلاقات ، قوة الدولة العمانية وارتفاع شأنها بين الدول الكبرى. التي تمثلت في الأسطول البحري القوي الذي أسهم في تثبيت أركان الدولة ، ومحاربة المعتدين وتعزيز مكانة السلطنة بين الدول .

الأسطول العماني في عهد السيد سعيد بن سلطان :
وصف الأسطول العماني في عهده بالقوة ، حيث يتكون من مائة سفينة متعددة الحمولة مزود كل منها ما بين
عشرة مدافع إلى أربعة وسبعين مدفعاً بالإضافة إلى مئات المراكب التجارية الصغيرة .

رسم لاحدى السفن العمانية القديمة

ثانياً: المجال الاقتصادي والاجتماعي:
تمكنت دولة البوسعيد من بناء قوة اقتصادية قوامها الاهتمام بالزراعة والري ، وصيد الأسماك والموانئ، وطرق التجارة الداخلية والخارجية، وقد أدى ذلك إلى تحسُّن الأوضاع الاجتماعية، وارتفاع مستوى المعيشة، وشعور الناس بالأمن والاستقرار. وتتمثل أهم الإنجازات في هذا المجال بما يأتي :

١- الزراعة وصيد الأسماك:
أوْلى السيد سعيد بن سلطان اهتماما كبيراً بالزراعة، فهو أوَّل من أدخل زراعة القرنفل والبُن والسمسم إلى زنجبار ، وقد أحدث ذلك الإنجاز تغيرات بعيدة المدى في الوضع الاقتصادي في شرقي أفريقيا، كما اهتم بزراعة جوز الهند ، والحبوب ، والمطاط ، والأرز ، والشعير ، والفول ، وقصب السكر ، والمانجو ، والجوّافة.
ونتيجة لموقع عمان البحري المطلّ على خليج عمان وبحر العرب ، فقد عمل العمانيون في صيد الأسماك ، واستخراج اللؤلؤ.

٢. الصناعة:

كان لأهل عمان إسهامات عدّة في مجال الصناعة، وقد بدأوا بالصناعات الحرفية مثل صناعة الحبال والحُصر والنسيج والسفن، والصناعات الحديدية والنحاسية مثل الفؤوس والسلاسل الحديدية والرماح والسيوف والخناجر، وكذلك صناعة الفخار التي تمثّلت بالأواني والأدوات الفخارية، وقد ترتب على ذلك ظهور طبقة جديدة من الحرَفيين كالحدّادين والبنَاءين والخيّاطين والفخّارين وصنَاع الحبال ، حيث ارتفعت أجورهم ومستوى معيشتهم. ومن المنجزات الصناعية التي قام بها الروّاد من أهل عمان: تطوير صناعة استخراج الزيوت مثل زيت النخيل، وكان لهم الفضل في إدخال صناعة جديدة لأوُّل مرة في الكونغو وهي صناعة الصابون.

٣- التجارة :
تمكن الأمام أحمد بن سعيد من جعل منطقة الخليج العربي والساحل العماني منطقة تجارية حرة ، عندما قام بتنظيم الحسابات المالية في الموانئ التجارية، كما أعيد ترتيب النظام الجمركي على السفن والبضائع الداخلية والخارجية ، واستطاع السيد سعيد بن سلطان أن يوزع المراكز التجارية للدولة العمانية ، ولم يكرسها في مدينة مسقط ، بل امتدت إلى زنجبار التي أصبحت سوقاً تجارياً ضخماً جذب اهتمام الدول الأجنبية، ويكفي دليلاً على ذلك أن زنجبار تحولت في عهده من مجرد ميناء صغير إلى أعظم ميناء في شرق أفريقيا، كما أصبحت المستودع الرئيس للتجارة الأفريقية والآسيوية بصفة عامة، وقد أدّى هذا إلى زيادة التبادل التجاري بين زنجبار والهند وأمريكا وبريطانيا. وكانت أهم السلع التجارية المتبادلة بينها : اللؤلؤ والملح والنحاس والزعفران والبخور والفواكه المجففة ، والأنسجة القطنية وخشب الصندل والفلفل والزنجبيل والهيل والقرفة والتمر والقرنفل والحديد والسمن والأرز. وقد شجَّع هذا على التجارة الداخلية في شرقي أفريقيا فكثر عدد القوافل التي تتردد على زنجبار لجلب العاج والصمغ.
ومن أهم الطرق التي سلكتها القوافل التجارية البرية العمانية في شرقي أفريقيا:

الطريق الشمالي
يمتد من ممباسا وماليندي إلى هضبة البحيرات الاستوائية.

الطريق الأوسط
يبدأ من الموانئ المواجهة (تانغة وبنغاني وبغمايو) إلى وسط تنجانيقا ، يتفرع شمالاً إلى البحيرات الاستوائية، وجنوباً إلى
حوض نهر الكونغو .

الطريق الجنوبي
يمتد من كلوة عبر جنوبي تنجانيقيا وشمالي موز مبيق إلى بحيرة نياسا .

أسهمت العلاقات التجارية في شرقي أفريقيا في نشر الإسلام واللغة العربية فيها بوصفها لغة التجارة والاقتصاد والإدارة والحكم ، فأصبحت زنجبار بمبانيها وشوارعها وثقافتها نتاجاً عربياً إسلاميا خالصاً تحمل نفس العادات والتقاليد من حيث الزي وأسلوب الحياة والآداب العامة.

ثالثاً : المجال الثقافي :
يمثل المجال الثقافي أهمية خاصة في حياة الأمم ، لذلك اهتمت دولة البوسعيد بهذا المجال الذي
يتمثل في الآتي :

مؤسسات التعليم :
يمثل المسجد ركيزة أساسية في حياة المسلمين لكونه داراً للعبادة ومؤسسة للتعليم ، وقد أنتشر التعليم في عمان في عصر دولة البوسعيد في المساجد، ومن أمثلة ذلك المسجد المسمَّى بـ «مسجد الوكيل» بمسقط. وقد كانت العلوم الدينية في مقدمة العلوم التي تدرس في المساجد، ولا زالت المساجد تؤدي دورها التعليمي والثقافي .
وكانت مدارس تعليم القران منتشرة في ربوع عمان لتعليم النشء القرآن الكريم واللغة العربية، ومبادئ الحساب المبسَّطة، كما انتشرت المجالس الأدبية العامة والخاصة في عصر دولة البوسعيد، وكانت بمثابة ديوان مفتوح للأدباء والشعراء لعرض نتاجهم في الأدب والشعر ، كما تناقش في هذه المجالس بعض العلوم الأخرى كالفقه والتاريخ .
وقد برز في عصر دولة البوسعيد العديد من العلماء العمانيين الذين برعوا في الفقه والشعر والأدب والتاريخ وغيرها من العلوم الأخرى ، ومن هؤلاء العلماء :
١- العلامة سعيد بن خلفان الخليلي .
٢- الشيخ ناصر بن خميس الخروصي.
٣- أبو مسلم ناصر بن سالم ابن عديم.
٤- حميد بن محمد بن رزيق .
كما اهتمت دولة البوسعيد بالمجال الثقافي في شرقيّ أفريقيا،
وتمثل ذلك في :

١- تأسيس المطبعة السلطانية في عهد السلطان برغش بن سعيد، وقد عملت هذه المطبعة على نشر العشرات من
الكتب العمانية ، ولاسيما الدينية منها .
٢- ظهور الصحافة لأول مرة في تاريخ شرقيّ أفريقيا، حيث صحيفة (الفلق) و(النهضة) و(الإصلاح).

رابعاً : المجال العمراني :
ازدهرت العمارة العمانية من قلاع وحصون وأبراج وقصور ومساجد في عهد دولة البوسعيد، وجاءت هذه العمارة استجابة لطبيعة البيئة العمانية ومكوّناتها ، فقد استخدم العمانيون الحجارة والجص والصاروج العماني (الطين المحروق) في تشييد التحصينات والمباني وامتازت العمارة العمانية بهندستها الرائعة وبتصميماتها وزخارفها التي تظهر على الجدران والسقوف.
ومن الأمثلة على العمارة العمانية في عصر دولة البوسعيد ما يأتي :

١- قلعة بيت الفلج في روي التي بناها الإمام أحمد بن سعيد التي تميزت باللمسات المعمارية العربية وبالزخرفة المجصصة والأسقف المزينة بالطلاء الجميل، وقد اتخذ السيد سعيد بن سلطان هذه القلعة منزلاً ريفياً له.

٢- قلعة بركاء التي بناها الإمام أحمد بن سعيد.
٣- حصن البريمي الذي شيَده السيد سعيد بن سلطان وزوده بالمدافع عام ١٨٤٢م.

واهتم السادة البوسعيديون بالعمارة، القائمة وعملوا على ترميمها والمحافظة عليها والإضافة إليها، فقد أضافوا إلى قلعة الرستاق وحصن نخل الأبراج والأسوار وبعض التحصينات الأخرى.
ومن القصور التي شُيَّدت في عهد دولة البوسعيد، قصر بيت العلم بمسقط الذي بناه السيد سلطان بن أحمد وجعله مقرّه الخاص . وأعيد بناؤه في عهد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه – أما القصور التي شيدت في زنجبار فهي

١- قصر المتوني وبيت الساحل اللذان بناهما السيد سعيد بن سلطان.

٢- قصر العجائب الذي بناه السيد برغش بن سعيد.

صورة لقلعة بركا وصورة لقلعة البريمي
صورة لقصر العلم في مسقط وصورة لقصر متوني في زنجبار

مواضيع مشابهة

مظاهر تأثر الحضارات الأوروبية بالحضارة الإسلامية في مجالات العلوم والعمارة والحياة الإجتماعية والصناعة

bayanelm

النظم السياسية في الحضارة الاسلامية

bayanelm

نبذة تاريخية عن الولايات المتحدة الامريكية

bayanelm