تاريخعمان

الحضارات القديمة في عمان

سنجيب هنا عن عدة اسئلة عن الحضارات القديمة في عمان ومنها

١- ما المكتشفاتُ الأثريةُ التي وُجِدتْ في عُمانَ في العصرِ الحجريِّ الأوسطِ ؟
٢- ما المواقعُ الأثريةَُ التى تعودُ لعصرِ ما قبلَ الكتابة في عُمانَ ؟
٣- ما الأَهميةُ الحضاريةُ لمَجانَ؟

عُمانُ خلالَ العصورِ الحجريةِ المختلفةِ
لم يتمَّ العثورُ حتّى الآنِ على أدواتٍ تنتمي إلى مرحلةِ العصرِ الحجريِّ القديمِ في عُمانَ، ولقدْ تمَّ العثورُ على كميّاتٍ من
الشظايا تضَّمنتِ المكاشِطِ والأدواتِ المتميّزةِ بأطرافِها الدقيقةِ ، وتُنْسَبُ هذهِ الأدواتُ إلى العصرِ الحجريِّ الأوسطِ.

أما في العصرِ الحجريِّ الأعلى، فقدْ عُثِرَ على مجموعةٍ منَ الأدواتِ النَّصْليةِ، وبدَأ إنسانُ هذا العصرِ بالتعبير عن ذاتهِ بالرسمِ على الصخورِ وجدرانِ الكهوفِ .

يُعَدُّ توافُرُ معدِن النحاسِ على نطاقِ واسعٍ في عُمانَ القدريمةِ عنصرًا حضارَيًا مهماً في تاريخِها الحضاريِّ، فقدْ ظهرتْ صناعةُ الأسلحةِ والحُليِّ بصورةٍ متطوّرةٍ عمّا سبقتْها، وذلك بعدَ أن تمكنَ الإنسانُ العُمانيُّ في العصرِ الحجريِّ الحديثِ منَ التوصّلِ الى تقنيةِ صهرِ النحاسِ،
فأصبحَ النحاسُ المادَةَ الأساسيةَ لصنعِ أدواتِ الإنسانِ القديمِ.
وَوُجِدَتْ في عُمانَ أنواعٌ متعددةٌ منْ كبريتاتِ النحاسِ الَّتي تحتاجُ إلى مهارةٍ فنيَّةٍ فائقةٍ لصهرِها . ولقد تمكنتْ فِرَقُ التنقيبِ من العثورِ على العديدِ من المواقعِ الأثريةِ الدالةِ على استخراج النحاسِ وتصنيعهِ ، بلغتْ اثنينِ وثلاثينَ موقعاً . ومنْ أهمِّ هذهِ المواقع:
عَرجا، والأصيلُ، والواسطُ .
كما تمكّنت من العثورِ علی بقایا فضلاتِ عملياتِ الصهرِ في تلكَ المواقعِ، ويُلاحَظُ أنَّ الوقودَ المستخدمَ لهذا الغرضِ هوَ فحمُ الخشبِ الذي كانَ يُجْلَبُ من مناطقَ أُخرى إلى موقع الصهر.

أما بالنسبةِ للتجمعاتِ السكنيةِ في عُمانَ في تلكَ الفترةِ ، فقد دلَّتِ الحفرياتُ على أنَّ الأهاليَ أقاموا مجتمعًا كبيرًا ومنظمًا، فقد استقرَّ الإنسانُ واعتمدَ في زراعتهِ على مياهِ الأمطارِ ، وأقام الخزانَاتِ للتحكّمُ في المياهِ، كما عَرَفَ زراعةَ النخيلِ في تلكَ الفترةِ ، بدليلِ وجودِ بعضِ ثمارِها متحجِّرَةً في مواقعِ الحفرِ .

خريطة المواقع الاثرية في سلطنة عمان

عُمانُ في عصرِ ما قبلَ الكتابةِ

تمثِّلُ هذهِ الفترةُ مرحلةً حضاريةً مهمةً في تاريخ عمانَ ومنطقةِ الخليجِ العربيِّ. وقد بدأتْ معالمُها الحضاريةُ تتشكَّلُ في الأَلِفِ الرابعةِ ق.م. وتأتي أهميتُها منْ أَنَّها مهَّدتْ لانتقالِ الإنسانِ إلى مرحلةِ الاستقرارِ التي تميّزتْ بتقدَّم الزراعة وبناءِ المدُنِ ، ومعرفة الكتابةِ .
ويُعَدُّ مَوْقعُ باتَ في ولايةِ عبرى (محافظة الظاهرةِ) منْ أهمِّ المواقعِ التي يمكنُ دراستُها والتوصُلُ إلى حضارةِ الإنسانِ في تلكَ الفترةِ، فقد عُثِرَ على حوالي مئةِ مقبرةٍ مبنيَّةٍ مِنَ الحجرِ المحليِّ. فوقَ سطحِ الأرضِ ، يتَضِحُ فيها تطورُ العمارةِ المستخدمَةِ في بناءِ المقابرِ. كما عُثِرَ بالقربِ منَ الموقعِ على قريةِ الأحياءِ ، التي اعتمدت في حياتِها على الإنتاجِ الزراعيِّ لوَفْرَةِ المياهِ.
وعثر في مقابر ((باتَ)) شكل (١٠) على بعضِ الجِرارِ المصنوعةِ منَ الفخّارِ، وهو ما يشيرٌ إلى وجودِ نوعٍ منَ الاعتقادِ لدى الإنسانِ العمانيِّ القديمِ باستمرارِ الحياةِ في العالمِ الآخرِ، ويتضّحُ في هذهِ المقبرةِ تطوّرُ عمارةِ المقابرِ التي اتخذتْ شكلَ خليةِ النحلِ .

ومِنْ خلال التنقيبِ والترميمِ الذي تقومُ به وزارةُ التراثِ والثقافةِ عُثِرَ في جَامعِ قلعةِ ولايةِ بُهلاء على (٢٧٠) قطعةً فضيةً تعودُ إلى الألفِ الثالثةِ قبلَ الميلادِ. وتؤكدُ هذهِ الآثارُ معَ غيرِها منَ المكتشفاتِ الأثْريَّةِ على أنَّ الإنسانَ العمانيَّ يضربُ بجذورِهِ عميقاً في الحضارةِ الإنسانيةِ .

حضارةُ مجانَ

تُعَدُّ المعلوماتُ التي وردتْ في اللوحاتِ السومريَّهِ والأكاديَّهِ في بلادِ مابَيْنَ النهرينِ منَ الأدلّةِ على وجودِ تجارةٍ معَ المناطقِ المجاورةِ لَها. فقد وَردَ فيها ذكرٌ لوجودِ تجارةٍ بحريةٍ معَ مناطقَ تُسمَّى دلمونَ ومجانَ ( البحرين وعمان).
ويتَّضِحُ مِنْ دراسةِ النصوصِ أنْ بلادَ مَجانَ كانت ملازمةً لدلمونَ ، كما كانَ لهذهِ البلادِ علاقاتٌ وطيدَةٌ معَ بلادِ الرافدينِ لاسيما في المجالِ الاقتصاديِّ ، فكانتْ مجانُ تصدّرُ النحاسَ وحجرَ الديوْريتِ (صخور نارية سوداء شديدة الصلابة)، عنْ طريقٍ دلمونَ . وهذا دليلٌ على ارتباطِ دلمونَ ومجانَ، وتقاربهما، حيثُ لا تفصلُ بينهُما حواجزُ أو موانعُ كبيرةٌ .

مَجانُ في النقوشِ والنصوصِ السومريةِ :

أطْلقَ السومريونَ اسمَ مجانَ على عُمانَ ، وكانتْ مجانُ تصدِّرُ النحاسَ إلى بلادِ السومريينَ ، كما كانتْ إحدى السفنِ السومريةِ تُدْعى مجانَ، وتعني أرضَ النحاسِ. ويُشيرُ أَحدُ النصوصِ السومريةِ أنَّ ((جوديا)) ملكَ لاجاشَ (٢٦٠٠ ق.م) جلَبَ الخَشَبَ والديوْريتَ منْ مجانَ.

مجانُ في النصوصِ الأكاديةِ :
استمرَّتِ العلاقاتُ التجاريةُ بينَ مجانَ والدولةِ الأكاديةِ ، ولقَدْ عُرِفَتْ محانُ في النصوص الأكاديةِ ببلادِ الفضةِ ، وذلكَ لكثرةِ وجودِ المعدنِ قديماً فيها.

مجانُ في النقوشِ والنصوصِ الآشوريةِ :
سُمِّيتْ مَجانُ في النصوصِ الأشوريةِ (سفنَ الناسِ) ويشيرُ آشورُ بانيبالُ (٦٦٨ ق.م) في نصوصهِ إلى أنواعِ الأخشابِ التي كانَ يستورِدُها مِنْ أرضٍ مجانَ لاستخدامِها في صناعةِ السفنِ.

مجانُ في النصوصِ الفرعونيةِ :
نجدُ خلالَ الألفِ الثانيةِ قبلَ الميلادِ وما بعدَها أنّ صِلاتِ عُمانَ بجنوبيِّ شبْهِ الجزيرةِ العربيةِ تزدادُ وثوقاً ، وكذلكَ معَ الحضارةِ المصريةِ القديمةِ . وكانتْ تجارةُ الفراعنةِ المصريينَ معَ مجانَ تعتمدُ على استيرادِ الفضةِ والنحاسِ والأخشابِ والصمغِ، كما كانتْ معاملاتُ المصريينَ كبيرةً معَ ظفارَ حيثُ ينمو اللبان.

وتشيرُ الكتاباتُ إلى أنَّ الرِّحلاتِ بينَ سواحلٍ عمانَ وموانئِ البحرِ الأحمرِ في مصرَ قدْ نشطتْ، وأنَّ موادَّ التجارةِ شملتْ أصنافاً كثيرةً مِنَ الطيبِ والبَخورِ والتوابلِ واللُّبانِ.

عَلاقةُ عُمانَ معَ الفرس
عندما قامتِ الدولةُ الساسانيةُ في فارسَ في القرن الثالث الميلادي، سعتْ إلى تحويل تجارةٍ المحيطِ الهنديِّ منَ البحرِ الأحمرِ إلى الخليجِ العربيِّ، حيثُ كانتْ منطقةُ الخليجِ العربيِّ وعُمانُ منطقةً استراتيجيةً في التجارةِ العالميةِ ، ولذلكَ اتَّخَذَ الفرسُ منْ صحارَ مركزاً لتجارتِهِمْ البحريةِ.
ولقدْ أطْلَقَ الفرسُ على عُمانَ اسمَ مزونَ ، في إشارةٍ إلى أنّها أرضُ الملاحينَ وأهلِ البحرِ.

اللبانُ العمانِّي في التاريخ

تُعَدُّ ظفارُ الموطنَ الأصليَّ للّبانِ، وقد أحاطَ الغموضُ لفترةٍ طويلةٍ منَ الزمنِ، بأصل شجرةٍ اللّبانِ ومَركزٍ إنتاجِها ، فقدْ شغلتْ ظفارُ مساحةً حضاريةً مهمةً في التاريخِ القديمِ، بِحُكْم أنَّها مصدرُ هذهِ المادةِ. ولقدْ حظيَ اللبانُ باهتمامٍ كبير عبرَ االعصورِ التاريخيَّةِ القديمةِ.

كانَ اللبانُ يُنَقلُ منْ ظفارَ بالبِرِّ والبحرِ إلى أنحاءَ متفرقةٍ منَ العاَلمِ القديمِ، عبرَ ميناءِ سَمَهْرَمْ (خور روري) الذي يُجْمَعُ فيهِ المحصولُ للتصديرِ إلى اليمنِ وبلدانِ آسيا ومصرَ ، وكانَ الطريقُ البريُّ يمتَدُّ مِنْ غربيِّ ظفارَ إلى جنوبيِّ شبهِ الجزيرةِ العربيةِ ثمَّ شمالاً إلى نجرانَ حتى غزةَ على ساحلِ البحرِ المتوسطِ.

شجرة اللبان:

يصلُ ارتفاعُ شجرةِ اللبانِ في العادةِ ثلاثةَ أمتارٍ، الشكل (١١) وهيَ قادرةٌ على التكيُّفِ مَعَ البيئةِ الَّتي تنمو فيها، فهيَ تحتفظُ بالرطوبَةِ رغْمَ وجودِها في منطقةٍ جافةٍ .
وفي بدايةِ شهرِ إبريلَ عندما تبدأُ الحرارةُ في الارتفاعِ، يبدأُ المشتغلونَ بجمعِ اللّبانِ بجرحِ (ضربِ ) الشجرةِ في مواضعَ عدةٍ تتراوحُ بينَ عشرةٍ إلى ثلاثينَ موضعاً، حسبَ حجمِ الشجرةِ بأداةٍ صغيرةٍ تُسَمَّى (المَنْقَفْ)، وهيَ آلةٌ حادَّةٌ ذاتُ مقبضٍ خشبِيٍّ وَرأسٍ حديديٍّ حادٍّ مستدیرٍ الشكل .

وتتمّ عملیةُ استخراج اللبانِ على النحوِ التالي :
١- الضربةُ الأولى، وتُسمَّى التوقيعَ وهي عبارةٌ عنْ كشطِ القشرةِ الخارجيةِ لجذعِ الشجرةِ
وأغصانِها فيخرجُ سائلٌ لزِجٌ حليبيُّ اللونِ لا يلبثُ أن يتجمَّدَ .
٢- بعد أسبوعينِ منَ الضربةِ الأولى تبدأُ المرحلةُ الثانيةُ بالتّخلَّص منَ السائلِ الناتجِ منَ الضربةِ
الأولى؛ لأنَّ نوعيتَهُ غيرُ جيدةٍ ، وكميتَهُ ليستْ تجاريةً، ثمَّ تُجرحُ الشجرةُ مرةً ثانيةً .
٣- تبدأُ مرحلةُ الجمعِ الحقيقيِّ للبانِ بِعدَ أسبوعينِ منْ عمليةِ الجرحِ الثانيةِ ، حيثُ تُنْقَرُ الشجرةُ
مرةً ثالثةً فيخرجُ عندَها سائلٌ لبانيِّ مائلٌ إلى الصفرةِ ، ذو نوعيةٍ جيدةٍ ، وبكميّاتٍ تجاريةٍ.


استخداماتُ اللبان قديماً:
اختلفت استخداماتُ اللبانِ لدى الشعوبِ فكانَ استخدامُهُ على النحوِ الآتي:
١- تحنيطُ جثثِ الموتى كما فعلَ الفراعنةُ .
٢- تبخیرُ جثثِ الموتى والكنائسِ عندَ الرومان .
٣- مطهِّر، وعلاجٌ لأمراضِ الربو والسعالِ المزمنِ وضيقِ التنفسِ وأوجاعِ الكلى، كما فعلَ المسلمون.

مواضيع مشابهة

الدولة الاموية في الاندلس (138-422 هجري- 755-1030 ميلادي)

bayanelm

التوعية والسلامة المرورية

bayanelm

نسب قبيلة المحرزي في سلطنة عمان

bayanelm