جغرافيا

التصحر

التصحر

النظام البيئي الطبيعي

يقصد بالنظام البيئي الطبيعي: “لمجموعة من الكائنات الحية التي تعيش وتتفاعل مع بعضها بعضًا في مكان معين، الأمر الذي يساعد على استمرارية وجودها”. ويتكون النظام البيئي الطبيعي من مكونات حية ومكونات غير حية، وتشمل المكونات الحية النباتات والحيوانات، أما المكونات غير الحية فتشمل الماء والهواء والحرارة والتربة وغيرها من العناصر.
وقد أدى تفاعل الإنسان مع عناصر البيئة إلى ظهور العديد من المشكلات البيئية التي كان للإنسان دور كبير في حدوثها، منها ظاهرة التصحُّر.

التصحُّر (Desertification)
هو تدهور خصوبة الأراضي المنتجة، سواء كانت مراعي طبيعية أم أراضي زراعية (مروية أم بعلية)، نتيجة لعوامل طبيعية وبشرية، مما يؤدي إلى نشوء أوضاع صحراوية .

أسباب التصحُّر:
تعد المناطق التي تقع بمحاذاة الصحارى من أكثر البيئات عرضة لظاهرة التصحر، حيث تنتقل الظروف الصحراوية إلى تلك المناطق مما يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية، وتحولها إلى أراضي صحراوية، وخاصة إذا استمرت الممارسات البشرية والتأثيرات السلبية نحوها.

وتقسم العوامل التي تؤدي إلى حدوث ظاهرة التصحر إلى نوعين رئيسين هما:
العوامل الطبيعية والعوامل البشرية.

أ) العوامل الطبيعية :

التغييرات المناخية :
تُعد التغيرات المناخية من العوامل التي تساعد على حدوث الجفاف وظهور الصحارى، وذلك بفعل تعاقب فترات جافة وفترات مطيرة، الأمر الذي يؤدي إلى تخلخل النظام البيئي. ويسهم شح الأمطار وتساقطها لفترات زمنية قصيرة وغير منتظمة وارتفاع درجة الحرارة في زيادة التصحر.

انجراف التربة :
يعد انجراف التربة من أهم العوامل المسببة للتصحر وذلك بفعل تضافر عدة عوامل منها الرياح والمياه الجارية، حيث إن الرياح تعمل على التقليل من سمك التربة، وبالتالي تقل صلاحيتها لنمو النبات. وتزداد تلك العملية في المناطق الجافة
وشبه الجافة نظرًا لقلة الغطاء النباتي.

انجراف التربة بفعل المياه الجارية

٣- قلة الغطاء النباتي :
يسهم فقر الغطاء النباتي في التقليل من عملية النتح والتبخر، فيؤثر في رطوبة الجو وبالتالي قلة هطول الأمطار، كما أن قلة الغطاء النباتي يساعد على انجراف التربة ويُقلل من خصوبتها.
٤- تدهور خصوبة التربة :
يؤدي ارتفاع درجة الحرارة، وقلة الأمطار، والرياح في المناطق الصحراوية إلى زيادة نسبة الأملاح في التربة وانخفاض المواد العضوية فيها.
ب) العوامل البشرية :

يسهم الإنسان في حدوث ظاهرة التصحر، من خلال ما يقوم به من أنشطة عمرانية وزراعية. ويعد النمو السكاني السريع الذي يشهده العالم من العوامل الرئيسية لحدوث هذه الظاهرة، وذلك لقلة الموارد الطبيعية مقارنة بحجم السكان. ويمكن أن نجمل العوامل البشرية التي تسهم في حدوث ظاهرة التصحر على النحو الآتي:

١- اتباع أساليب خاطئة في استعمال الأراضي :
من خلال بناء المنشآت السكنية والصناعية على الأراضي الزراعية أو المراعي الطبيعية، أو من خلال الإفراط في استغلال الموارد الرئيسية ذات العلاقة المباشرة بالزراعة؛ كالزراعة الكثيفة وعدم استخدام الدورات الزراعية وعدم وجود سياسة رعوية سليمة، كذلك فإن الحراثة العميقة الخاطئة تسهم في زيادة التصحر.
٢- الرعي الجائر :
يؤثر الرعي الجائر في عملية نمو النباتات، كما تسهم زيادة حمولة المراعي (تربية أغنام ومواش تفوق قدرة المراعي) في زيادة ظاهرة التصحر.

٣- زراعة الأراضي الهامشية:
يُسهم ذلك في تدهور التربة وإضعاف خصوبتها وإنتاجيتها فتصبح تربة غير صالحة للزراعة والرعي.

من العوامل البشرية التي تسهم في حدوث ظاهرة التصحر

تتداخل العوامل الطبيعية والعوامل البشرية مع بعضها بعضًا مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة التصحر، فعلى سبيل
المثال فإن انجراف التربة يمكن أن ينتج عن السيول الجارفة أو الرياح، كما يمكن أن ينتج عن قطع الأشجار من
قبل الإنسان والرعي الجائر.

توزيع مناطق التصخُّر في العالم
تشكل المناطق الجافة وشبه الجافة حوالي ثلث مساحة اليابسة، وتقسم المناطق الجافة إلى ثلاث درجات: (شدیدة الجفاف، جافة، شبه جافة).

خريطة المناطق القاحلة في العالم

ويشكّل السكان في المناطق الجافة وشبه الجافة نحو ١٥٪ من إجمالي سكان العالم، ويتوزعون على النحو الآتي:

توزيع السكان في المناطق الجافة وشبه الجافة

ويمكن تقسيم التصحر إلى ثلاث حالات على النحو الآتي :

١- التصحر الطفيف :
ويظهر في المناطق التي يؤثر الإنسان فيها بشكل ضعيف، ويؤدي إلى الإضرار بالغطاء النباتي والتربة، وهذه المناطق في
الأصل مناطق صحراوية بسبب صيفها الطويل قليل الأمطار.

صورة توضح التصحر الطفيف

٢-التصحر الشديد
ويتمثل في المناطق التي تعاني من نقص في الغطاء النباتي مع زيادة نشاط التعرية وجرف وتملح للتربة، مما يؤدي إلى نقص في الإنتاج النباتي بمقدار ٥٠٪، ويمكن معالجة هذه الحالة بطريقة غير مكلفة اقتصادیًّا.

3- التصحر الشديد جدًّا :
في هذه الحالة تتحول المنطقة إلى كثبان رملية مع تواجد طبقة ملحية، وتصبح التربة ذات نفاذية عالية، ومن الصعوبة استصلاح هذه الأراضي إلا ضمن مساحات محدودة، وتصبح عملية الاستصلاح مكلفة اقتصاديًّا بدرجة كبيرة.

صورة التصحر الشديد جدا

مكافحة التصحُّر
تتعدد الإجراءات التي تتخذها الدول لمكافحة التصحر، وتبدأ بدراسة البيئة من خلال استخدام أدوات المسح مثل: الصور الجوية والدراسة الميدانية، للتعرف على طبيعة السطح، وحركة المياه السطحية، وحركة الكثبان الرملية، وحجم الغطاء النباتي، لذا فإن مكافحة التصحر يجب أن تشمل جميع عناصر البيئة المحيطة من إنسان وحيوان ونبات ومياه وتربة ، وغيرها.
أهم التدابير و الإجراءات التي يمكن اتباعها لمكافحة التصحر:


1-تخصيب التربة :
إعادة تخصيب التربة وإزالة العناصر الضارة مثل: الأملاح، من خلال استعمال الأسمدة العضوية والتبن
الزراعي والفضلات المنزلية.


٢- مكافحة الرياح :
للتقليل من تأثير هبوب الرياح نحو المناطق الزراعية يجب تشجير مساحات واسعة من أجل تثبيت التربة
وحمايتها من الانجراف، وهو ما يعرف بأسلوب ” الأحزمة الخضراء”، ويتم ذلك عن طريق زراعة أشجار
مقاومة للجفاف كالصنوبر الذي يعمل كمصدات للرياح تساعد على التخفيف من أثر الرياح في نقل ذرات
التر بة.

3- دور الحكومات وذلك من خلال :
أ- اتخاذ الإجراءات القانونية وذلك بتنظيم القوانين والتشريعات البيئية، ووضع سياسة رعوية تنظم عملية
الرعي وتطوير المراعي، بالإضافة إلى وضع سياسة عمرانية بحيث تكون مراعية للبيئة المحلية، والحد من الانتشار
العمراني في المناطق الزراعية والريفية.
ب- إنشاء المحميات الرعوية: لحماية المراعي الطبيعية من الرعي الجائر.
ج- إنشاء السدود الترابية أو الإسمنتية: لتجميع المياه وحفظها من الضياع في الصحراء.

تستأثر ظاهرة التصحر في السلطنة باهتمام واضح، فقد تم إعداد استراتيجية وطنية لحماية البيئة وخطة عمل وطنية لمكافحة التصحر.
وعقد في عام ٢٠٠٢م مؤتمر دولي للتصحر في محافظة ظفار بتوجيهات سامية من السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – وكان من أبرز توصياته:

النهوض بالمراعي الطبيعية، وخفض أعداد الحيوانات في محافظة ظفار.

التخطيط الجيد للمشروعات التنموية والسياحية في المحافظة.

إنشاء وحدة الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية لمراقبة ظاهرة التصحر، وتشجيع البحوث العلمية
المرتبطة بها.

وفيما يلي بعض النماذج التي اتبعتها الدول من أجل مكافحة التصحر:

سلطنة عمان

اسباب التصحر في سلطنة عمان

العوامل الطبيعية:
تكرار سنوات الجفاف وانحباس الأمطار لعدة سنوات
متتالية، وزحف الرمال.

العوامل البشرية:

الرعي الجائر نتيجة لارتفاع أعداد حيوانات الرعي والضغط على المراعي الطبيعية، وبخاصة الإبل؛ مما تسبب في تدهور الأشجار والشجيرات واختفاء أنواع نباتية وإحلالها بأنواع غير مرغوبة للرعي.

قطع الأشجار واستخدام أخشابها كوقود للتدفئة والطبخ.

انتشار التجمعات السكنية العشوائية والتوسع العمراني على حساب المساحات الخضراء والأراضي الزراعية.

استنزاف المياه الجوفية، وارتفاع نسبة ملوحتها كما هو الحال في سهل الباطنة، وقد أدى ذلك إلى تملح التربة
وانخفاض إنتاجیتها.

طرق مكافحة التصحر في سلطنة عمان

النهوض بالمراعي الطبيعية والتنمية المستدامة للثروة الحيوانية.

مشاركة المجتمع الريفي (الرعوي والزراعي) في التخطيط وتنفيذ المشاريع المستهدفة لإدارة الموارد الرعوية.

إعادة تأهيل مساحات الأراضي الرعوية المتدهورة لتخفيف الضغط عن المساحات الحالية.

إنشاء وحدة استشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية لمراقبة ظاهرة التصحر.

ترشيد استعمال الموارد المائية والاستفادة من مياه الصرف الصحي.

وضع خطة وطنية لنشر الوعي البيئي في مجال مکافحة التصحر.

تشجيع القطاع الخاص لإرساء قاعدة صناعية مرتبطة بأنشطة تربية الحيوانات.

اسباب التصحر في الهند

يتزايد السكان في مناطق زراعة الأرز والقطن، ومع استنزاف المياه الجوفية يزيد محتوى التربة من الملح بسبب
التبخر، إضافة إلى عدم إراحة التربة، واستخدام الأسمدة الكيميائية، الأمر الذي ساهم في تدمير التوزان الطبيعي
للتربة، مما أضعف الإنتاجية الزراعية.

طرق مكافحة التصحر في الهند

تم تركيب خزانات تقطير لتجميع مياه الأمطار، بحيث استفاد المزارعون من الرطوبة المتزايدة حول الخزانات لزراعة
محاصيل الحبوب .

إنشاء مشاتل زراعية وزراعة أنواع من الأشجار تتكيف مع البيئات القاحلة .

بناء سدود ترابية لحفظ مياه الأمطار والاستفادة منها في الزراعة .

اسباب التصحر في الجزائر

استخدام مضخات المياه لري المزروعات مما أدى إلى استنزاف الموارد المائية.

طرق مكافحة التصحر في الجزائر

استخدام نظام الري التقليدي المعروف بالفوجارات لتوزيع المياه على الواحات وهو شبيه بنظام الأفلاج.

اسباب التصحر في كينيا

الاستعمال السيىء للأراضي الزراعية ؛ مما أدى إلى تعرية التربة وفقدان خصوبتها، لاسيما في نهر ثوجي.

طرق مكافحة التصحر في كينيا

إعادة تأهيل ضفاف نهر ثوجي من خلال زراعة أشجار الخيزران التي تعمل على تثبيت التربة.

مواضيع مشابهة

العالم بين قضايا البيئة ومخاوف الغد

bayanelm

سلطنة عمان وبروتوكول كيوتو

bayanelm

مدخل الى علم المساحة

bayanelm