التحضر ومشكلات المدن
سنجيب هنا عن الاسئلة التالية:
١- ما المقصودُ بكلِّ من التحضَّرِ، التراجعِ الحضريِّ، المدنِ المليونيةِ ؟
٢- لماذا تزدادُ ظاهرةُ التحضِّرِ في الدولِ الناميةِ؟
٣- ما المشكلاتُ التي تعاني منها المدينةُ في الدولِ الناميةِ ؟
يُطْلَقُ على عمليةِ تزايُدِ نسبةِ سكانِ المدنِ إلى المجموعِ الكلّيّ للسكانِ في بلدٍ ما اسمُ (التحضّرِ))، ويحدثُ الجزءُ الأكبرُ منَ النموِ السكانِّي العالميِّ في المدنِ وبخاصةٍ في الدولِ الناميةِ نتيجةَ الهجرةِ منَ الريفِ إلى المدينةِ.
وقد أسهمتِ الثورةُ الصناعيةُ في الدولِ المتقدمةِ في زيادةِ نموِّ المدَنِ وتضخُّمِها، نتيجةَ التطوّرِ الذي طرأَ على الآلةِ الزراعيةِ ، وهو ما قلّلَ منْ عددِ الأيدي العاملةِ في الزراعةِ ، وبالتالي لجأَ سكانُ الريفِ للبحثِ عنِ العملِ المناسبِ لهَمْ في المدنِ المجاورةِ.
وفي الوقتِ الحاضرِ بدأَتْ ظاهرةُ الهجرةِ إلى المدنِ بالتراجُعِ في الدولِ المتقدمةِ، وأصبحتْ نسبةُ سكانِ المدنِ إلى المجموعِ الكلي للسكانِ – وهي (٨٠٪) – إما ثابتةً أو أخذتْ بالتناقصِ ببطءٍ،
وأصبحتْ هناكَ هجرةٌ عكسيةٌ منَ المدينةِ إلى الريفِ، وهذا ما يُطْلقُ عليهِ ((التراجعُ الحضريُّ)).
ويُتَوقَّعُ أنْ يستمِرَ نمؤُ المدنِ في الدولِ الناميةِ في المستقبلِ، وهذا سيرفعُ من معدلاتِ النموِ الحضريِّ في العالم، حيث أَنَّ (٥٠٪) من سكانِ المدنِ في العالم الآن همْ منْ سكانِ مدنِ الدولِ الناميةِ.
المدن المليونية
أدى التسارعُ في النموِّ الحضريِّ في السنواتِ الثلاثينَ الأخيرةِ، إلى تزايُدِ أعدادِ المدنِ المليونيةِ، وقدْ وصلَ عددُ هذهِ المدنِ حوالي (٣٠٠) مدينةٍ معَ بدايةِ هذا القرنِ، ويقعُ معظمُ هذهِ المدنِ في الدولِ الناميةِ .
وتشهدُ هذهِ المدنُ نمؤًّا سريعًا في حجمِها، لذلكَ يُطْلَقُ عليها (المدنُ المليونيةُ الضخمةُ):
وهي المدنُ التي يزيدُ عددُ سُكانِها عنْ (١٢) مليونَ نسمةٍ مثل طوكيو، ونيويوركُ، وشنجهاي ، وكاليكوتا، ومكسيكو سيتي (أكبر مدن العالم)، وساوباولو (الأسرعُ نمواً في العالم).
مشكلاتُ المدنِ
أدّى النموُّ السريعُ للمدنِ في الدولِ الناميةِ إلى ظهورِ مشكلاتٍ خطيرةٍ أبرزُها: صعوبةُ توفير السكنِ الملائِمِ، والضغطُ على الخدماتِ الأساسيةِ (الكهرباءُ والماءُ، والصرفُ الصحيُّ، الطرق، وعدمُ إمكانيةِ توفيرِ الوظائفِ للجميعِ). ونتناولُ فيما يلي بعضَ هذهِ المشكلاتِ :
١- مشكلةُ الإسكانِ:
تتمثّلُ مشكلةُ الإسكانِ في المدنِ الضخمةِ في عدمِ التمكُّنِ منْ توفيرِ المأوى والخدماتِ الكافيةِ لمواجهةِ النموِّ السريع للمدنِ، لذلكَ فإنَّ أغلبيةَ المهاجرينَ إلى هذهِ المدنِ يعتمدونَ على أنفسِهِمْ في البقاءِ والعيشِ. ويواجهُ المهاجرُ في هذهِ المدنِ ثلاثةَ خياراتٍ هي :
١- استئجَارُ غرفةٍ واحدةٍ إذا كانَ لديهِ المالُ اللازمُ .
٢- بناءُ مسكنٍ على قطعةِ أرضٍ لا يمتلكُها وبموادَّ غيرِ ثابتةٍ، شكل (٦)، و(٧).
٣- العيشُ والنومُ على أرصفةِ الشوارعِ، والأماكنِ والساحاتِ العامةِ، وفي القواربِ الراسيةِ في الأنهارِ والشواطئ والموانئ إذا كانَ ليس لديهِ المالُ اللازمُ.
ويزدادُ الذين يتوجهونَ إلى الخيارِ الثاني، وهوَ بناءُ مساكنَ متواضعةٍ، مما أدِّى ذلك إلى ظهور «مدنِ الأكواخِ)) وأهمُّ ما يميَّزُ هذهِ المدن:
١- بناءُ المنزلِ من بقايا الخشبِ أو الصفيحِ الذي يتمُّ الحصولُ عليهِ من مكبَاتِ النفاياتِ أو مواضعِ البناءِ.
٢- تفتقرُ المنازلُ إلى التخطيطَ، وتنمو بسرعةٍ كبيرةٍ نظراً لازدحامِها بالسكانِ المهاجرينَ منَ الريفِ.
٣- تنقصها الخدماتُ الأساسيةُ كالمياهِ والصرفِ الصحيِّ والكهرباءِ والشوارعِ وجمعِ القمامةِ والنفاياتِ.
٢- ضعف مستوى الخدماتِ:
يواجهُ السكانُ في المدنِ الكبيرةِ في الدولِ الناميةِ صعوباتٍ في الحصولِ على المياهِ الصالحةِ للشُّربِ، نظراً لضَعْفِ شبكاتِ المياهِ وشمولِها لأجزاءٍ صغيرةٍ منَ المدنِ ، كما أنَّ خدماتٍ الصرفِ الصحيِّ ضعيفةٌ، وهو ما يؤدّي إلى فيضانِ المجاري لا سيما عندَ سقوطِ الأمطارِ.
ويضافُ إلى ذلكَ نقصُ الكهرباءِ والمدارسِ والمستشفياتِ ، وضَعْفُ خدماتِ الأمنِ والإطفاءِ، وهذا كلُّهُ يؤثِّرْ على مستوى معيشةِ السكانِ في تلكَ المدنِ .
٢- التلوُّثُ والصحةُ:
تواجهُ المدنُ الكبيرةُ في الدولِ الناميةِ ظاهرةَ تلوُّثِ الهواءِ وتلُّوثِ المياهِ وهو ما يؤدّي إلى ظهورِ الأمراضِ وتوطُّنِها مثلَ الكوليرا والتيفوئيدِ والدوسنتاريا وغيرِها.
٤- الازدحامُ والاختناقاتُ المروريةُ:
يؤدّي تزايدُ عددُ السكانِ في المدنِ الكبيرةِ إلى زيادةِ أعدادِ السياراتِ لاسيما إذا كانتْ تلكَ المدنُ لا تمتلكُ نظماً متطوِّرةً للنقل العامِّ (الحافلاتُ، القطاراتُ، مترو الأنفاق)، ويؤدّي ذلكَ إلى زيادةِ الضغطِ على الطرقِ وظهورِ الاختناقاتِ المروريةِ، وتزايدِ الحوادثِ المروريةِ، ويترتَّبُ على ازدحامِ الطرقِ بالسياراتِ والمركباتِ مشكلاتٌ اقتصاديةٌ أهمُّها :
ضياعُ ساعاتِ العملِ، وتأخُّرُ نقلِ البضائعِ، ومشكلاتٌ اجتماعيةٌ تتمثَّلُ في وفاةِ آلافٍ السكانِ أو إصابتِهِمْ بسببِ الحوادَثِ المروريةِ .