جغرافيا

مقدمة في نظم المعلومات الجغرافية

مقدمة في نظم المعلومات الجغرافية

أحدث التطور التكنولوجي في النصف الثاني من القرن العشرين ثورة في مختلف ميادين الحياة، فالنمو الكبير في
تكنولوجيا المساحة الأرضية والجوية أسهم في تغطية سطح الأرض وتوفير كَمّ هائل من البيانات المكانية في الصورة
الرقمية، كما صاحب ذلك توظيف واسع لتقنيات وبرمجيات الحاسوب في هذا المجال.

وتعدّ نظم المعلومات الجغرافية (Geographic Information Systems) من العلوم والتقنيات الحاسوبية والتي طُوّرت للتعامل مع البيانات الجغرافية ومعالجتها وإخراجها. وأصبحت هذه التقنية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ تُسُتخدم بعضٌّ من تطبيقاتها في الهواتف الذكية؛ لتحديد مواقع الأسواق التجارية، ومسارات الحركة إلى المناطق السياحية، كما تُشَكَّل نظم
المعلومات الجغرافية أهمية كبيرة للمؤسسات التي يرتبط عملها بالمساحة والتخطيط ودراسة الظواهر الطبيعية والبشرية.

تعريف نظم المعلومات الجغرافية

يشار إلى نظم المعلومات الجغرافية اختصاراً بـ (GIS) وهي الحروف الأولى للمصطلح الانجليزي (Geographic Information Systems)، وتعرف بأنها أنظمة حاسوبية تستخدم لجمع المعلومات الجغرافية وتخزينها ومعالجتها وعرضها وإخراجها.

ويتكون مصطلح نظم المعلومات الجغرافية من ثلاثة عناصر رئيسة هي:

النظم (Systems)

هي تكنولوجيا الحاسوب والبرمجيات المرتبطة به.

المعلومات (Information)

هي المنتج الذي يتم الحصول عليه بعد عملية جمع البيانات الجغرافية وإدارتها وتنظيمها واستقرائها.

الجغرافيا (Geography)

هي العنصر المكاني في هذه النظم، وهو الأرض والعالم الحقيقي الذي تستنبط منه المعلومات.

وتُدَّرس نظم المعلومات الجغرافية في الجامعات والمعاهد البحثية على أنها علم مستقل قائم على تطبيقات برمجيّة مُسَاندة، كما توظّف تلك النظم كأداة بحثية مهمة، ولايمكن القول إن نظم المعلومات الجغرافية قد تطورت على أساس جغرافي فحسب، بل ارتبطت بإسهامات علوم متنوعة وتقنيات عديدة، كما يوضحها الشكل.

العلوم االمرتبطة بنظم المعلومات الجغرافية

ولا تعد نظم المعلومات الجغرافية حالياً حكرًا على الجغرافيين، فبإمكان المهندسين والأطباء ورجال الأعمال استخدامها، وقد جاء ربطها بالجغرافيا من منطلق اعتمادها على المبادئ الجغرافية الأساسية المرتبطة بالمكان.
ولا بد للمختصين في نظم المعلومات الجغرافية أن يكون لديهم إلمام بالمبادئ الأساسية في علم المساحة (الأرضية والجوية) والخرائط، والتقنيات الأخرى، مثل: نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والاستشعار عن بُعْد (RS)، ولغات البرمجة.

مميزات نظم المعلومات الجغرافية

تعدّ نظم المعلومات الجغرافية البيئة المثالية للتعامل مع بيانات سطح الأرض والظواهر الجغرافية الموجودة عليه، وتتميز من الأنظمة المعلوماتية الأخرى بالآتي:
١- التعامل مع البيانات المكانية والوصفية للظواهر الجغرافية في نظام واحد.
٢- جمع البيانات من مصادر وأشكال متعددة وتوظيفها لخدمة تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية.
٣- عرض البيانات الجغرافية بأشكال مختلفة والتحكم في طريقة عرضها وإخراجها.

التطور التاريخي لنظم المعلومات الجغرافية

ارتبط ظهور المبادئ الأساسية لنظم المعلومات الجغرافية بالتطور الكبير في علم الخرائط والتقنيات الحديثة، وترجع البداية الفكرية لتطور هذا العلم إلى جهود الطبيب الإنجليزي جون سنو (John Snow) الذي رسم خريطة توزيع انتشار مرض الكوليرا في أحد أحياء لندن عام ١٨٥٤، ووضح عليها مواقع مصادر المياه ومواقع الحالات المصابة بالكوليرا كما في الشكل، فوجد أن هناك علاقة ارتباط بين تركّز مواقع انتشار
المرض ومواقع مصادر المياه الملوثة، ويُعَدّ هذا الحدث ذا أهمية في تبنّي فكرة ربط الخريطة بالبيانات الوصفية؛ بهدف دَعْم القرار حول السبب الرئيسي لانتشار المرض.

خريطة الطبيب الإنجليزي جون سنو (John Snow) توضح انتشار مرض الكوليرا

وفي بداية القرن التاسع عشر ظهر ما يُعْرف بالخرائط الموضوعية (Thematic Maps) وهي الخرائط التي تتناول موضوعا محددا مثل خرائط المياه والتربة، وقد أسهمت هذه الخرائط في جذب انتباه الباحثين إلى فكرة الطبقات واختصاص كل طبقة
بموضوع معين.

وقد ظهرت فكرت الطبقات الجغرافية بشكل أقرب إلى صورتها الحالية في الخمسينات من القرن الماضي على يد جاكلين تيرويت (Jacqueline Tyrwhitt)، إذ قامت بدراسة بعنوان “مسوحات التخطيط” ونظمت بيانات الخريطة فيها إلى أسبعة
أنواع: طبقة الارتفاعات والطبقات الصخرية وطبقة المياه وطبقة الأراضي الزراعية.

وفي عام ١٩٦٤م قام روجر توملينسون (Roger Tomlinson) بتنفيذ مشروع مسح جوي للغابات في شرق أفريقيا لصالح المؤسسة الكندية للمساحة الجوية باستخدام الحاسب الآلي الأمر الذي شجع الحكومة الكندية على تكليفه بتأسيس مشروع نظم المعلومات الجغرافية الكندي والذي أشير إليه اختصارا (CGIS)، ويعد روجر توملينسون المؤسس الأول لنظم المعلومات الجغرافية.

وقامت جامعة هارفرد (Harvard University) بتأسيس معمل للحاسب الآلي للتحليل المكاني، إذ آسهم المعماري هوارد فيشر (Howard Fisher) في نهاية عام ١٩٦٤م بإنتاج النسخة الأولى من برنامج نظم المعلومات الجغرافية، والذي أطلق عليه (SYMAP)، والذي اختص بالرسومات الآلية والتحليل المكاني، وقد تُرْجَمتْ إشادات استخدام البرنامج إلى عدة لغات بهدف نشر استخدام البرنامج على مستوى العالم.

وفي عام ١٩٦٩م أسس جاك دنجرموند (Jack Dangermond) وزوجته لورا شركة أطلقوا عليها إيزراي (Environmental System Research Institute) وهي اختصار لمعهد أبحاث النظم البيئية (ESRI) وكانت متخصصة في تحليل استخدامات الأرض، ثم توسع نطاق عملها ليشمل تطوير برمجيات وتطبيقات نظم المعلومات الجغرافية، إذ أطلقت الشركة في عام ١٩٨٢م برنامجا في نظم معلومات جغرافية أطلق عليه (ArcInfo)، ثم ظهرت لاحقا العديد من الإصدارات المطورة للبرنامج.

وشهدت نظم المعلومات الجغرافية ثورة في الألفية الثالثة، إذ ظهرت العديد من الشركات العالمية في هذا المجال، صاحب ذلك تطويرٌ مُتَسَارعٌ لبرمجيات نظم المعلومات الجغرافية، وظهور مُتَصفّحات الخرائط الرقمية عبر شبكات الإنترنت، مثل: خرائط جوجل (Google Maps)، بالإضافة إلى برمجيات نظم المعلومات الجغرافية المجانية (المصادر المفتوحة والمتاحة للجميع)، وأصبح الآن بالإمكان نشر الخرائط الرقمية وتداولها عبر شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، مما عَزّز من توظيفها بسهولة ویسر.

وقد ساعدت عوامل أخرى على تطور نظم المعلومات الجغرافية وانتشارها، من بينها:
١- تطور أجهزة الحاسب الآلي ورخص أسعارها.
٢- تطور برمجيات نظم المعلومات الجغرافية وتنوعها ورخص أسعارها.
٣- وفرة البيانات المكانية والوصفية والخرائط في الصورة الرقمية.
٤- انخفاض تكلفة جمع البيانات الجغرافیة.
٥- اتساع تطبيقاتها ومجالاتها، خاصة المجالات الاقتصادية المختلفة.
٦- ظهور شبكة الإنترنت وتطور وسائل الاتصال.
٧- زيادة الوعي بأهمية نظم المعلومات الجغرافية من خلال المؤتمرات والندوات والمعارض العلمية.

مواضيع مشابهة

النتائج المترتبة على تغير المناخ

bayanelm

اخطار الزلازل والبراكين

bayanelm

الزراعة المستدامة

bayanelm