عمان

مسقط.. حواضر عمانية

مسقط.. حواضر عمانية

الموقع الجغرافي
مسقط مدينة تقع على الجزء الجنوبي الشرقي من بحر عُمان ، وتكاد جبال الحجر الشرقي أن تطوقها من جميع الاتجاهات فيما عدا جهة الشرق التي تطل من خلالها مسقط على البحر الذي وفر لها – طوال تاريخها – تواصلاً مع ثلاثة أقاليم مهمة هي:
١- دول الخليج العربية وإيران عبر مضيق هرمز الذي يصل بین بحر عُمان والخليج العربي.
٢- اليمن وشرقي أفريقيا عبر بحر العرب.
٣- الهند وجنوب شرقي آسيا عبر المحيط الهندي.
لقد هيأ هذا الموقع الجغرافي لمسقط تواصلاً مع حضارات عديدة فتأثرت بالنشاط الحضاري الذي كان سائدًا في تلك
الحضارات فأكسبها ازدهارًا اقتصاديًا واسعًا جعلها من أهم مراكز جذب والاستقرار البشري على السواحل العمانية ، فهاجر إليها الكثيرون من الأقاليم المجاورة، لاسيما من بلاد فارس وبقية أنحاء شبه الجزيرة العربية.

وتعد مسقط اليوم إحدى الولايات الست لمحافظة مسقط التي تمثل المنطقة المركزية لسلطنة عُمان سیاسیًا واقتصادیًا وإداریًا.

تقع محافظة مسقط في الشمال الشرقي من سلطنة عُمان وهي تمتد بين دائرتي العرض ٢٣,٣٠-٢٣,٤٥ شمالاً وبين خطي الطول ٥٨ – ٥٩ شرقًا، وهي تطل على بحر عمان بساحل طوله ٢٠٠كم.

ملامح من تاريخ مسقط

تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن محافظة مسقط قد سكنها الإنسان منذ فجر التاريخ ، فقد دلت الآثار المكتشفة بحي الوطية عام ١٩٨١م على أن الإنسان عاش في هذه المنطقة منذ العصر الحجري الأول، كما أن الأدوات والأواني التي تم اكتشافها في عام ٢٠٠٣م بولاية بوشر، ترجع إلى الألف الثالثة والألف الثانية قبل الميلاد، وتشير الآثار المكتشفه في رأس الحمراء أن الانسان العماني مارس مهنة الصيد منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وفي ذلك دلالة على قدم تاريخ مسقط وحضارتها .
لقد كانت مسقط حاضرة يقطنها أناس يمتهنون صيد الأسماك واستخراج اللؤلو والزراعة والتجارة كموارد للعيش ، وبذلك فإن لها تاريخ زاهر لا سيما في مجال التجارة بشكل عام والتجارة البحرية خاصة ، حيث أشار البحار العمانى الشهير أحمد بن ماجد إلى أن مسقط ذات ميناء تجاري مهم كما كتب المؤرخ العماني نور الدين السالمي في كتابه (تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان) أن مسقط ” عمّرها بعض عرب عمان …. فغرسوا فيها نخيلاً وأشجارًا تسقيها الآبار “.
لقد أشار معظم الرحالة الذين زاروا مسقط في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين إلى أن مسقط كانت محتفظة بازدهارها وجمالها وأن ميناءها مزدحم بالنشاط والحركة، وأنها مدينة ضخمة كثيرة السكان … وفيها بساتين، وحدائق ومزارع للنخيل وبرك من الماء لري هذه الحدائق والبساتين حيث يؤكد ذلك الرحالة البريطاني (نيبور) الذي زار مسقط عام ١٧٦٥م
فقال أن مسقط ” هي أهم مدينة في سلطنة عُمان وهي معروفة أكثر من غيرها … ومسقط على ما يبدو هي المدينة التي سميت مسقًا من قبل، وكانت آنذاك كما هي الآن قاعدة تجارية ومستودعًا للبضائع على اختلاف منشئها من بلاد العرب أو فارس أو الهند”. ونظرًا لهذه الأهمية جلبت إليها أنظار العديد من الطامعين لذلك تعرضت لغزوات عده من قبل قوى عالمية
سائدة في عصور مختلفة.
لقد أصبحت مسقط عاصمة للبلاد في عهد السيد حمد بن سعيد حفيد الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الأسرة البو سعيدية الحاكمة في سلطنة عُمان، وكان ذلك في عام (١٧٨٤م)، ومنذ ذلك التاريخ بدأت المدينة تزدهر وتنمو وتتوسع، فبدلاً من أن تكون محصورة بين قلعتي الجلالي والميراني ترامت أطرافها بفعل التنمية التي تسارعت وتيرتها في عصر النهضة العُمانية
الحديثة فأصبحت تزخر الآن بمشروعاتها التنموية العصرية وتطورها العمراني الواسع.

معالم حضارية

لمسقط تاريخ عريق يرجع إلى عصور قديمة، ولا تزال أحياؤها القديمة تحتفظ بطابع العماره الإسلامية والمباني العتيقة والحارات والأزقة والطرقات الضيقة والأبراج والقلاع والحصون والمنشآت الأخرى التي بنيت في نقاط إستراتيجية مهمة ، بهدف حماية المدينة وحراستها. كما أحيطت المدينة بالأسوار والبوابات الرئيسة، وتعد بوابة مسقط القديمة شاهدًا
على فن البناء العماني وقوته وقدرته على حماية المدينة .
لقد كانت الأسوار ومازالت تحيط بمسقط المدينة حيث بنيت في عام ١٦٢٥م وأقيم عليها العديد من الأبراج المستديرة . كما تحتوي هذه الأسوار على ثلاث مداخل أو بوابات هي باب المثاعيب ، والباب الكبير والباب الصغير.

ومن أشهر القلاع في مسقط قلعتا الجلالي (القلعة الشرقية) ، والميراني (القلعة الغربية) عند مدخلها من ناحية البحر، وكذلك
قلعة مطرح على مدخل ميناء السلطان قابوس .

ولقد زودت جدران هذه القلاع والحصون وأسوارها بأبراج للمراقبة، وأماكن مخصصة لإطلاق السهام وغيرها من القذائف .

وتشتهر مسقط بمجموعه من البيوت الأثرية أهمها: بيت جريزة، وبيت السيد شهاب بن فيصل، وبيت السيد نادر، وبيت الزواوي وغيرها …

ويأتي قصر العلم العامر المتميز بتصميمه المعماري البديع في قمة المعالم العمرانية الحديثة بمسقط، وحديثًا يعد مبنى فندق قصر البستان من أضخم الفنادق وأروعها.

وتتميز محافظة مسقط، كغيرها من المدن العُمانية، بأسواقها التقليدية العريقة كسوق مطرح القديم ، وتشتهر هذه الأسواق ببيع كافة منتجات الحرف والصناعات التقليدية ، وعلى رأسها الحلي وأدوات الزينة والأدوات المنزلية، والفخاريات
والمشغولات الفضية والنحاسية ، والمنسوجات التي تتميز بنقوشها وزخارفها وأشكالها الهندسية البديعة.

منذ عهد النهضة المباركة ، تحولت محافظة مسقط إلی نموذج یحتذی به عربیاً، ويشار إليه بإعجاب متزايد، في مجال ما يتم
تقديمه من خدمات ضرورية للإنسان العماني، وذلك عن طريق تخطيط الأحياء السكنية الحديثة ، ورصف الطرق وتحديث
شبكات الإنارة، وإنشاء شبكات الصرف الصحي، فضلاً عن إنشاء الحدائق والمتنزهات، وتوفير الخدمات البيئية الضرورية من خلال حملات النظافة الدورية.
ولقد شهدت محافظة مسقط نموًا سكانيًا كبيرًا في السنوات الأخيرة نظرًا لهجرة الكثير من سكان المحافظات المختلفة إليها، بقصد العمل في القطاعين العام والخاص، وبلغ عدد سكانها عام ٢٠١٠م حوالي (٧٧٥٨٧٨) نسمة، في حين بلغت الكثافة السكانية حوالي (١٦٢,١) نسمة /كلم٢، وتضم المحافظة ٢٨٪ من جملة سكان سلطنة عُمان.

وأينما تذهب في محافظة مسقط تبهرك الخضرة والزهور والمجسمات الجمالية التي تشير إلى دلالات اجتماعية وثقافية وحضارية .

وإلى جانب ذلك هناك العديد من المجمعات التجارية، والحدائق والمتنزهات العامة، التي من أبرزها حديقة القرم الطبيعية وحديقة ريام، وحديقة النسيم، وهذه الحدائق في مجملها تشكل مظهراً حضارياً رائعاً يعكس الاهتمام العماني بالبيئة وحمايتها من مخاطر التلوث.

وتزخر مسقط حاليًا بالعديد من المؤسسات الحضارية الراقية ، وهي كثيرة ومتعددة الوظائف والاختصاصات، نذكر منها :
١- المجال الديني : تنتشر المساجد الحديثة في محافظة مسقط ، وهي أثر في الهندسة والجمال ، ويأتي جامع السلطان قابوس الأكبر في مقدمتها، بالإضافة إلى مسجد السلطان سعيد بن تيمور ، ولكل مسجد من هذه المساجد سمات مميزة في فن البناء والعمارة الإسلامية .
٢- المجال التعليمي والثقافي: يوجد في مسقط عدد من المؤسسات التعليمية والثقافية، على رأسها جامعة السلطان قابوس بالإضافة إلى الكليات المتخصصة التي يديرها القطاع الخاص ، كما تطورت فيها المدارس والمعاهد والمكتبات
والمتاحف التي تشكل في محتوياتها سجلاً واقعيًا، وصورة حضارية مشرقة لجوانب راسخة من تاريخ السلطنة القديم والحديث .
٣- المجال الصحي: فقد تطورت المؤسسات الصحية وما تقدمه من خدمات ، فانتشرت المستشفيات الحكومية والخاصة والمراكز الصحية المتعددة في كل ولاية من ولاياتها ، ومن الأمثلة على ذلك:

المستشفى السلطاني ببوشر ، ومستشفى خولة بالوطية ، ومستشفى النهضة بروي .

٤- المجال الاقتصادي : تتميز مسقط بالعديد من المؤسسات والمنشآت الاقتصادية، من أبرزها :
البنوك المتخصصة وسوق مسقط للأوراق المالية، وميناء السلطان قابوس، وميناء الفحل لتصدير البترول ومصفاة النفط، ومحطة الغبرة لتحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، ومنطقة الرسيل الصناعية.

المعالم السياحية

تمثل المعالم الحضارية والتراثية التي سبق ذكرها مزارات سياحية للكثير من السياح الذين يزورون المحافظة، كما تتوافر للمحافظة مقومات سياحية أخرى تتمثل في الشواطئ الخلابة حيث تتنوع هذه الشواطئ بين الرملية والصخرية، وقد تم إنشاء الكثير من المنتجعات السياحية على هذه الشواطئ خدمة السياح، وتمتلك المحافظة العديد من المتاحف التي تعرض مختلف جوانب حياة الإنسان في سلطنة عُمان بشكل عام ، وفي محافظة مسقط بشكل خاص وأهمها المتحف الوطنى بمدينة مسقط .

وتسعى المحافظة إلى تنشيط الحركة السياحية فيها، لذلك فهي تعمل على توفير الخدمات السياحية المختلفة ، وتشجيع بناء الفنادق والاستراحات السياحية والمنتجعات . ويمثل مهرجان مسقط أحد البرامج السياحية التي تعمل المحافظة على إقامته سنويا ، والذي يُعدّ تظاهرة سياحية وثقافية وترفيهية، كما تعمل المحافظة على إقامة العديد من المعارض الاقتصادية والثقافية أهمها معرض الكتاب الدولي الذي يقام سنويا بالمحافظة .


مواضيع مشابهة

السلامة والصحة المهنية في قانون العمل العماني الجديد

bayanelm

كم قيمة مخالفات اولويات المرور في قانون المرور العماني

bayanelm

تفاصيل قانون الحماية الاجتماعية لسلطنة عمان

bayanelm