الإسهامات الثقافية والحضارية العمانية
أسهم العُمانيون منذ فجر الإسلام في إثراء الثقافة الإسلامية بالكثير من المؤلفات في مجالات متعددة (الشكل ١٥)، وقد
ساعدت الأرض العمانيةبما حباها الله به من عوامل في ان تکون منبعًا من ينابيع الثقافة، ومنها: الموقع الاستراتيجي الحضاري، والاستقرار السياسي وما صاحبه من رخاءٍ اقتصاديّ.
وقد أمدَّ العلماء العُمانيون المكتبة الإسلامية بالمؤلفات، ومنها الموسوعية التي تحتوي الكثير من الأجزاء، مثل كتاب
“قاموس الشريعة” والذي يزيد على تسعين جزءًا، كما أسهمت المرأة العُمانية في العلوم والثقافة، فكانت أدوارهن
بارزة في التألیف ونسخ الکتب.
وتنافست المدن العُمانية كمراكز ثقافية في فترات مختلفة من التاريخ العُماني، ومنها مدن: صحار ونزوى وإزكي وبهلا والرستاق ومرباط، ونظرًا لمكانة مدينة نزوى الثقافية؛ فقد تم اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام ٢٠١٥م.
الإسهامات العُمانية في العلوم المختلفة
تتعدد الإسهامات العُمانية في مجالات الشريعة الإسلامية والتاريخ واللغة والأدب (الشكل١٦).
كما برع العُمانيون في مجالات الطب والفلك والعلوم البحرية
في مجال الطب:
راشد بن عميرة بن ثاني الرستاقي في القرن ٩ هـ ومن اشهر مؤلفاته كتاب فاكهة ابن السبيل
علي بن عامر النزوي القرن ١١ هـ ومن اشهر مؤلفاته كتاب ضياء البرهان في شفاء الأبدان
في مجال الفلك:
عمر بن مسعود بن ساعد المنذري في القرن ١٢ هـ ومن اشهر مؤلفاته كتاب كشف الأسرار المخفية في علم
الأجرام والرقوم السماوية
خميس بن سالم الهاشمي في القرن ١٣ هـ ومن اشهر مؤلفاته كتاب رسالة في علم القلك للمبتدئين
في مجال العلوم البحرية:
أحمد بن ماجد السعدي في القرن ٩ هـ ومن اشهر مؤلفاته الفوائد في أصول علم البحر والقواعد
ناصر بن علي الخضوري في القرن ١٤ هـ ومن اشهر مؤلفاته معدن الأسرار في علم البحار
وقد ظهر في عُمان علماء موسوعيَّون وهم العلماء الذين برعوا في عددٍ من فنون العلم، ومنهم العلامة نور الدين عبدالله بن حميد السالمي وقد ألّف ما يزيد على اثنین و عشرین کتابًا (الشكل١٨) في مجالات عدة منها:
العلوم الشرعية، واللغوية، والتاريخية، وقد تم إدراجه ضمن برنامج الذكرى المئوية للأحداث التاريخية المهمة
والشخصيات المؤثرة عالميًا لليونسكو ٢٠١٥م.
الإسهامات العُمانية في مجال العمارة
تُعدُّ العمارة من ضروريات الاستقرار البشري؛ وقد تطوَّرت العمارة العُمانية منذ القدم، مما يدل على التطوّر الحضاري الذي شهدته عُمان عبر تاريخها، ومن المواد المستخدمة في العمارة العُمانية القديمة الطوب المصنوع من الطين، وكذلك الصاروج الذي يتميّز بصلابته، والجص الذي يستعمل كمادة لاصقة إضافة إلى استخدامه في أعمال الزخرفة، كما استخدم العُمانيون الأخشاب كجذوع النخيل في البناء.
وقد تطورت العمارة عند العُمانيين، حيث أضافوا الكثير من اللمسات الجمالية، ساعدهم على ذلك عدة عوامل، هي:
١ – توفّر الموارد الطبيعية اللازمة في العمارة.
٢ – المناظر الخلابة والجميلة للطبيعة العُمانية.
٣ – الانفتاح الثقافي والتواصل الحضاري للعُمانيين منذ القدم.
وتظهر روعة الفن المعماري العُماني في بناء الحصون والقلاع والقصور وفي بناء البيوت والمساجد، إذ تميزت القلاع والحصون بوجود الأسوار العالية والأبراج ووجود متاريس بفتحات لإطلاق النار دفاعًا عن الحصن أو القلعة، وفتحات على المداخل لصب الدبس أو الزيت المغلي على الأعداء.
كما زُخرفت سقوف القصور والبيوت المسقوفة بجذوع النخيل أو الأخشاب المحليّة أو المستوردة، وتتنوّع الزخرفة
بالأشكال الهندسية والنباتية أو بالكتابة عليها، كما اهتموا بأشكال النوافذ والأبواب فظهر فن المشربيات والقمريات.
أما المساجد العُمانية فتتميَّز ببساطة البناء، ومما يميّز عمارتها وجود قبة صغيرة تسمَّى البومة بها فتحة للوصول إلى سطح
المسجد، والصرح وهو الفناء الخارجي للمسجد، وفي الداخل هناك الأعمدة والأقواس وكذلك المحاريب التي تميّز بعضها بالنقوش المختلفة ومنها المسجد الجامع في سعال بنزوى وقد أرّخ محرابه سنة ٦٥٠هـ/١٢٥٢م، ومسجد العوينة بوادي بني خالد (الشكل ٢٠).
وقد تطوَّرت العمارة العُمانية في عصر النهضة المباركة لتستفيد من معطيات العصر الحاضر سواء في مواد البناء، أم المكونات الداخلية للبناء، أم الزخرفة مع احتفاظها بالأصالة.
ما هي المتاريس:
جمع مِتراس وهي عبارة عن حواجز توضع على الأسوار أو الأبراج وبها فتحات لإطلاق النار أثناء عملية الدفاع
عن القلعة أو الحصن.
ما هي المشربِيَّات والقَمَرِيَّات:
هي نقوش في الأقواس الموجودة أعلى النوافذ والأبواب، وتصنع المشربيات عادة من الجبس أو الخشب
الصلد، أما القمريات فتصنع من مواد أكثر متانة كالحجر أو الرخام أو الجص مثل الموجودة في سور مطرح وحصن
جبرين (الشكل١٩).
إسهامات المرأة العمانية الثقافية
برز دور المرأة العُمانية في مختلف جوانب الحياة مساهمة منها في رفد الوطن وتنميته، فديننا الإسلامي يشجع المرأة على العطاء والبذل، فهي جزء أصيل في البناء والتعمير، حيث أسهمت بدور فعّال في تعزيز الثقافة العمانية.
ومن نماذج النساء العمانيات اللاتي أسهمن في الحركة الثقافية بعمان:
عائشة بنت راشد الريامية (ق١٢هـ): فقيهة ومربية، أنشأت مدرسة في بهلا وقامت بالتدريس فيها فتخرج على يدها عددٌ من العلماء، كما أنشأت مكتبة وجعلتها وقفًا.
شَمْساء بنت سعيد الخليلية (ق١٤هـ): عالَِمَة جليلة، وأديبة فقيهة؛ حيث كانت مرجعًا لأهل عصرها.
عائشة بنت عيسى الحارثية: (ق١٥هـ): فقيهة وأديبة؛ كتبت الشعر ومن أمثلة ذلك: قصيدة في رحلة الحج، وقصيدة
بعنوان ((المرأة في ميزان الإسلام))، وقصائد في السلوك ولها كتاب ((من أيامي))(الشكل٢١).
فاطمة بنت ناصر الغيلانية (ق ١٤هـ): هاجرت إلى المدينة المنورة فأقامتْ هناك، كَانَت مُلمَّة بالأحكام الشرعية، حافظة
للأحاديث النبوية، وكان مجلسها عامرًا في المدينة المنورة؛ ثم عادت إلى صور واستقر بها المقام هناك وظلَّت مرجعًا علميًّا
للنساء حتی وفاتها.