مدينة شربين: التاريخ العريق والموقع الاستراتيجي في دلتا النيل

مدينة شربين: التاريخ العريق والموقع الاستراتيجي في دلتا النيل

مدينة شربين هي إحدى المدن المصرية التي تقع في محافظة الدقهلية وتعد عاصمة مركز شربين. تقع المدينة في دلتا النيل على بعد حوالي 20 كيلومترًا شمال مدينة المنصورة، وتعتبر من المدن التي تحمل تاريخًا طويلًا ومعقدًا يمتد لآلاف السنين. تتميز المدينة بموقعها الجغرافي على فرع دمياط، مما يجعلها جزءًا مهمًا من منطقة الدلتا الزراعية، حيث تساهم في الاقتصاد الزراعي بشكل كبير. في هذا المقال، سنتعرف على تاريخ مدينة شربين، موقعها الجغرافي، تطورها التاريخي، وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية في الدلتا المصرية.

التاريخ القديم للمدينة

مدينة شربين واحدة من المدن المصرية التي تعود إلى العصور الإسلامية القديمة، حيث ورد اسمها في العديد من المصادر التاريخية. كانت المدينة تعرف في البداية باسم “شربين” في الأعمال التاريخية التي أعدها المؤرخون في العصور الإسلامية، حيث تم ذكرها في “قوانين الدواوين” التي أعدها ابن مماتي. كما وردت المدينة بنفس الاسم “شربين” في أعمال “الروك الناصري” التي جمعها ابن الجيعان في كتابه “التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية”.

في العصر العثماني، كانت المدينة جزءًا من ولاية الغربية، حيث ورد اسم “شربين” في التربيع العثماني الذي أجراه الوالي العثماني سليمان باشا الخادم في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني في سنة 933هـ/1527م. كما وردت المدينة ضمن قرى ولاية الغربية في المسح الذي قام به محمد علي باشا في سنة 1228هـ/1813م.

منذ العهد العثماني، تمتع هذا المكان بموقع استراتيجي بين المدن المحيطة، وكان يشتهر في العصور المختلفة بنشاطاته الزراعية والتجارية.

التحولات الإدارية في شربين

في فترة ما بعد العهد العثماني، شهدت مدينة شربين تطورًا إداريًا كبيرًا. في عام 1826م، أصبحت شربين مركزًا لقسم “بلاد الأرز شرقي” الذي كان يشمل المنطقة الواقعة حول المدينة. هذا التغيير الإداري ساعد في تعزيز مكانتها كمركز حضري هام في منطقة الدلتا.

في عام 1871م، تغير اسم القسم إلى “مركز بلاد الأرز شرقي”، ليُعتبر نقطة ربط بين العديد من المدن المحيطة. وفي عام 1875م، تم تغيير اسم المركز إلى “مركز شربين” في خطوة لتعزيز المركز الإداري للمدينة. مع تطور المدينة وزيادة عدد سكانها، أصبح المركز جزءًا من التقسيم الإداري لمحافظة الدقهلية.

الموقع الجغرافي للمدينة

تقع مدينة شربين في شمال مصر، تحديدًا في محافظة الدقهلية، وهي قاعدة مركز شربين. المدينة تقع على الضفة الغربية لفرع دمياط، أحد فروع نهر النيل الذي يعد من أهم الأنهار في مصر. هذه الموقع الاستراتيجي على نهر دمياط يساعد على جعل شربين مركزًا رئيسيًا للزراعة والصيد في المنطقة.

تعتبر شربين نقطة وصل هامة بين العديد من مدن دلتا النيل. فهي تقع على بعد حوالي 120 كيلومترًا شمال شرق القاهرة، ما يسهل الوصول إليها من العاصمة المصرية. كما أنها تبعد حوالي 20 كيلومترًا عن مدينة المنصورة، عاصمة محافظة الدقهلية. من الناحية الجغرافية، يحد مركز شربين من الشمال مدينة دمياط، ومن الشرق مدينة المنصورة، ومن الجنوب مركز ديروط، مما يعزز مكانتها كمركز إداري وتجاري.

الاقتصاد في مدينة شربين

تعتبر الزراعة المصدر الرئيسي لدخل مدينة شربين، حيث تقع المدينة في منطقة غنية بالأراضي الزراعية الخصبة التي تتيح للسكان إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية. تُزرع في شربين محاصيل مثل الأرز، والقطن، والخضروات، وهي جزء من الدلتا الزراعية التي تعد من أهم مناطق الإنتاج الزراعي في مصر.

إضافة إلى النشاط الزراعي، تشهد مدينة شربين أيضًا بعض الأنشطة الصناعية، حيث توجد مصانع صغيرة ومتوسطة الحجم التي تعمل في مجالات مختلفة مثل صناعة المواد الغذائية، والمنسوجات، والمنتجات المحلية. كما أن هناك العديد من الحرف التقليدية مثل صناعة الفخار التي تساهم في الاقتصاد المحلي.

المدينة تتمتع بشبكة من الطرق والمواصلات التي تربطها بالمناطق الأخرى في محافظة الدقهلية، كما أنها قريبة من شبكة السكك الحديدية التي تساعد في تسهيل حركة التجارة والمنتجات الزراعية إلى المدن الكبرى.

التقسيم الإداري لمدينة شربين

مدينة شربين هي عاصمة مركز شربين، ويضم المركز العديد من الوحدات المحلية والقرى التابعة لها. يتكون مركز شربين من 11 وحدة محلية، بما في ذلك المدينة نفسها و10 قرى أخرى مثل “كفر الغنيمي” و”كفر الوكيل” و”ديروط”. تبلغ المساحة الإجمالية للمركز حوالي 540 كيلومترًا مربعًا، ويُقدر عدد سكانه بحوالي 400,000 نسمة في تقديرات عام 2023.

الخدمات التعليمية والصحية

تتمتع مدينة شربين بعدد من المؤسسات التعليمية التي تشمل المدارس الحكومية والخاصة. تحتوي المدينة على العديد من المدارس في مختلف المراحل الدراسية مثل الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى المعاهد الأزهرية. كما توفر المدينة فرص التعليم الفني والمُتخصص لطلابها، مما يسهم في تحسين مستوى التعليم في المنطقة.

أما في مجال الرعاية الصحية، فإن مدينة شربين تضم العديد من المرافق الصحية مثل مستشفى شربين العام، والذي يقدم خدمات طبية متكاملة للسكان. كما يوجد في المدينة العديد من العيادات الخاصة والمراكز الصحية التي تساهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية في المدينة.

البنية التحتية والخدمات العامة

شهدت مدينة شربين تحسنًا في بنيتها التحتية خلال السنوات الماضية. تم تطوير العديد من الطرق الرئيسية في المدينة، مما يسهم في تسهيل التنقل داخل المدينة وخارجها. كما تم إنشاء العديد من المشاريع السكنية الجديدة لتلبية احتياجات السكان المتزايدة، بما في ذلك مشاريع الإسكان الاجتماعي التي توفر وحدات سكنية بأسعار معقولة.

فيما يتعلق بالصرف الصحي والمياه، تم تحسين شبكة الصرف الصحي في المدينة من خلال مشاريع جديدة تهدف إلى تحسين مستوى النظافة العامة. كما تم العمل على تحديث شبكة الكهرباء وتوسيعها لتلبية احتياجات السكان في المناطق الجديدة.

المناخ والبيئة

تتمتع مدينة شربين بمناخ دافئ في الصيف ومعتدل في الشتاء. المدينة تقع في الإقليم الأوسط الذي يشهد قليلًا من الأمطار، حيث يتراوح متوسط هطول الأمطار في المنطقة بين 25 مم و100 مم سنويًا. بينما ترتفع درجات الحرارة في الصيف لتصل إلى 40 درجة مئوية في بعض الأحيان، وتكون معتدلة في فصل الشتاء.

تعد شربين من المدن التي تشهد تحسنًا بيئيًا في السنوات الأخيرة بفضل المشاريع البيئية التي تم تنفيذها، بما في ذلك تحسين شبكة الصرف الصحي وتقليل التلوث الناتج عن بعض الصناعات المحلية.

المعالم التاريخية والثقافية

تحتوي مدينة شربين على العديد من المعالم التاريخية والثقافية التي تعكس تاريخها العريق. من أبرز هذه المعالم “مكتبة شربين العامة” التي تعد من أهم المنشآت الثقافية في المدينة، حيث توفر للطلاب والمثقفين مكتبة غنية بالكتب والموارد التعليمية.

كما تضم المدينة العديد من المساجد التاريخية التي تعكس الطراز المعماري التقليدي في المنطقة، بالإضافة إلى الميادين الرئيسية التي تمثل مواقع للتجمع والأنشطة الاجتماعية في المدينة.

الخاتمة

مدينة شربين هي واحدة من أهم المدن في محافظة الدقهلية، وتتمتع بتاريخ طويل وموقع استراتيجي في دلتا النيل. تتميز المدينة باقتصادها الزراعي والصناعي المتنوع، وهي تعد مركزًا حضريًا هامًا في المنطقة. مع استمرار التحسينات في البنية التحتية وتطوير التعليم والخدمات الصحية، من المتوقع أن تواصل مدينة شربين نموها وتطورها في المستقبل.

Visited 39 times, 1 visit(s) today

الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30422

Related Post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *