الحضارة الإسلامية في شرق آسيا وجنوبها الشرقي
شرق آسيا
تضم منطقة شرق آسيا مجموعة من الدول التي تقع على سواحل المحيط الهادي، وتتميز بكثافة سكانية كبيرة، ومناخ متنوع، وتعدُّ اليابان والصين الأقدم حضارة في تلك المناطق، وقد تميزت الحضارة الصينية وبحكم موقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية المتنوعة بصلاتها التجارية مع بقية الشعوب.
١ – طرق انتشار الإسلام في شرق آسيا:
في القرن الهجري الأول وصل الإسلام إلى شرق آسيا، وذلك إما عن طريق التجار العُمانيين وغيرهم من التجار العرب والفرس أو عن طريق الفتوحات الإسلامية، وقد كانت الصين من أبرز الوجهات التجارية العالمية آنذاك، بما تحويه من موارد طبيعية نباتية وحيوانية وصناعات مختلفة؛ لذلك كان انتشار الإسلام بالصين أكثر من غيرها من مناطق شرق آسيا، ومن طرق انتشار
الإسلام في تلك المنطقة:
طرق انتشار الإسلام في شرق آسيا
الفتوحات:
قتيبة بن مسلم الباهلي:
كانت لفتوحات قتيبة بن مسلم الباهلي لبلاد ما وراء النهر (ترکستان) في نهايات القرن الهجري الأول
الدور المهم في انتشار الإسلام في الصين.
المغول
قامت بعض ممالك المغول الإسلامية في النواحي الشمالية الغربية من الصين والمحاذية لبلادهم، بل وصلت فتوحاتهم
إلى مناطق الصين الوسطى والجنوبية.
طريق الحرير البحري
يربط الغرب بالشرق، وقد كان يسلكه التّجار المسلمون خاصة العُمانيين منهم في التجارة مع الصين.
طريق الحرير البري
هو طريق القوافل بين غرب آسيا والصین.
٢- نماذج من الآثار الحضارية الإسلامية في شرق آسيا (الصين نموذجا):
يرتكز معظم الإنتاج الحضاري الإسلامي بشرق آسيا في الصين؛ وذلك بسبب العلاقات والتواصل التجاري بين بلاد المسلمين والصين، كما ظهرت مؤثرات الفنون الإسلامية في الفن المعماري الصيني من خلال المساجد، والمباني المعمارية، وغيرها، فقد اكتشف خبراءُ الآثار الإسلامية وجودَ العديد من المساجد في الصين تحمل ملامح معماريّة عربية وزخارف إسلامية رائعة، من ذلك (مسجد الأصحاب) الذي بُني عام (٣٩٩هـ – ١٠٠٩م) في عهد حكم سلالة (سونغ)، ويُعَدّ هذا المسجد الأقدم من نوعه بالصين في تصميمه العربي.
جنوب شرق آسيا
كان لتفاعل الجغرافيا مع التاريخ دور مهم في تشكيل الخريطة السكانية لمنطقة جنوب شرق آسيا؛ إذ تعدُّ هذه المنطقة ملتقى شعوب وأجناس مختلفة تمر عبرها، فهي ملتقى طرق بحرية عالمية تربط الشرق بالغرب. فالعرب والفرس والهنود والصينيون كانوا ضمن الشعوب التي كان لها دور في المنطقة؛ مما جعل هذه المنطقة عرضة دائمة للمؤثرات الخارجية؛ ونتيجة لذلك أوجدت فيها هذه المؤثرات اختلافات لغوية ودينية وثقافية کبيرة، ساهم بدوره في انتشار دیانات کثيرة بهذه
المنطقة؛ كالهندوسية والبوذية والإسلام والنصرانية.
١ – انتشار الإسلام في منطقة جنوب شرق آسيا:
وصل الإسلام إلى منطقة جنوب شرق آسيا عن طريق التجار المسلمين عمومًا والعُمانيين منهم خصوصًا، إذ وصلوا إلى منطقة جنوب شرق آسيا منذ القرون الإسلامية الأولى، حاملين التجارة من البلاد العربية إلى الشرق، وقد أسس أولئك التجار مراكز تجارية وجاليات استقرت في الموانئ الرئيسة بمنطقة جنوب شرق آسيا.
أبرز العوامل التي ساعدت على انتشار الإسلام في منطقة جنوب شرق آسيا :
١- ما اتصف به التجار والدعاة العُمانيون، وغيرهم من المسلمين، من صفات خُلُقيَّة طيبة؛ إذ لم يفد هؤلاء الدعاة والتجار إلى هذه البلاد غزاة، لكنهم كانوا قدوة حسنة بأخلاقهم وحُسْن تعاملهم؛ وهذا الأمر هو الذي أكسبهم وُدَّ الأهالي، وساعدهم على الاندماج مع السكان، وتشكيل مجتمع إسلامي متسامح جدید.
٢- ظهور مراكز وجاليات عربية في موانئ ومدن جنوب شرق آسيا تعمل في مجال التجارة بشكل خاص؛ فقد استقر أولئك التجار بميناء (كَلَهْ بَارْ) بالملايو وغيره من موانئ تلك المنطقة.
٣- المصاهرة التي قامت بين التجار العرب وشعوب منطقة جنوب شرق آسيا، فكان التاجر يستقر لفترات طويلة في تلك المدن الساحلية؛ مما يشجعه على الزواج من تلك المناطق.
٤- قيام ممالك إسلامية بمناطق مختلفة من جنوب شرق آسيا، أسهمت في نشر الإسلام فيما جاورها من مناطق، ومن الأمثلة على ذلك ما قام به حكام (ملقا) الذين تلقبوا بلقب (راجا)، ومن أشهرهم راجا عبد الله بن القاسم ذو الأصول العُمانیة، وعُرِفَ منصور شاه الکبیر.
٢- النتاج الحضاري للمسلمين في منطقة جنوب شرق آسيا:
حقق الإسلام بانضمام منطقة جنوب شرقي آسيا إلى لوائه جملة من الإنجازات الحضارية؛ فقد انتشر
الإسلام في معظم الجزر الأندونيسية وشبه جزيرة الملايو، والفلبين، وفي مناطق مختلفة من شبه
جزيرة الهند الصينية، وظهرت الإنجازات الحضارية في صور متعددة، من خلال الآثار المادية وغير المادية،
فازدهرت علوم الشريعة الإسلامية والعلوم المرتبطة بها في منطقة جنوب شرق آسيا، وعُمِّرت المساجد التي
قامت بدور المدارس الدينية الناشرة للعلم والوعي بين السكان.
ومن أبرز آثار الحضارة الإسلامية فی جنوب شرق آسيا:
تغيير مجرى اعتقاد شعب الملايو وحياته من التقاليد البوذية إلى الإسلامية.
ظهور الحروف الهجائية العربية لكتابة اللغة الملاويّة والجاوية.
تأثر لغات جنوب شرق آسيا بالألفاظ العربية ومصطلحاتها الإسلامية.
تأثر الأدب في جنوب شرق آسيا بالأدب العربي الإسلامي.
وفي الجانب المعماري كانت بعض من مساجد منطقة جنوب شرق آسيا تبنى على طراز المساجد العمانية
القديمة الخالية من النقوش والزخرفة.