يسلط الدكتور هلال بن حمود الصواي، الخبير البارز في مجال الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، الضوء على الدور المحوري للقيمة المحلية المضافة في المستقبل الاقتصادي لسلطنة عمان. وفي مقابلة مع صحيفة الأوبزرفر، وصف الدكتور الصواي القيمة المحلية المضافة بأنها مبدأ اقتصادي استراتيجي يعزز الاقتصادات المحلية من خلال تعظيم استخدام الموارد المحلية.
وأوضح أن القيمة المحلية المضافة تدور حول الاستفادة من المواد الخام المحلية، وتوظيف المواهب الوطنية، وتطوير الصناعات التنافسية التي يمكنها تلبية المتطلبات المحلية والدولية.
وقد ركزت مبادرات القيمة المحلية المضافة، التي تم طرحها في سلطنة عمان في عام 2013، في البداية على قطاع النفط والغاز، وحققت نجاحات ملحوظة في خلق فرص العمل واستخدام الموارد المحلية. وبحلول عام 2024، توسعت هذه السياسات لتشمل المناقصات الحكومية، لتشكل جزءًا أساسيًا من الأجندة الوطنية.
ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة. وأشار الدكتور الصواي إلى قضايا مثل تسرب رأس المال، والقيود التي يواجهها القطاع الخاص، وعدم الكفاءة البيروقراطية، باعتبارها عوائق أمام تحقيق إمكانات القيمة المحلية المضافة بشكل كامل. وقال إن التغلب على هذه العقبات أمر بالغ الأهمية لعمان لبناء اقتصاد مرن ومكتفٍ ذاتيًا.
تحديات القيمة المحلية المضافة
أحد التحديات الرئيسية التي تواجه القيمة المحلية المضافة في سلطنة عمان هو تسرب رأس المال، حيث تتدفق الأموال من الاقتصاد المحلي، مما يقلل الطلب المحلي والاستثمار والإيرادات الحكومية. ويؤدي هذا التدفق إلى إضعاف مرونة عمان الاقتصادية ويعيق قوة العملة المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه القطاع الخاص في عمان قيودًا هيكلية. تهيمن الشركات المملوكة للعائلات على الاقتصاد، وغالباً ما تقاوم التحول إلى شركات مساهمة عامة. وهذا يحد من قدرتها على جذب الاستثمار والنمو. وفي الوقت نفسه، تزيد المنافسة الشديدة من الشركات الأجنبية من الضغوط على الشركات المحلية.
وأخيرا، تؤدي أوجه القصور البيروقراطية إلى إبطاء وتيرة التقدم. تعيق الإجراءات المطولة للحصول على التصاريح وموافقات التمويل نمو الأعمال، خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعتبر حيوية للنسيج الاقتصادي في سلطنة عمان.
حلول لتعزيز القيمة المحلية المضافة
أوجز الدكتور الصواي عدة استراتيجيات لتعزيز القيمة المحلية المضافة في سلطنة عمان:
تطوير الصناعات المحلية: يمكن للاستثمار في البحوث والتكنولوجيا وتدريب القوى العاملة أن يعزز القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
تقليل الاعتماد على الواردات: يمكن أن تؤدي الحملات التي تروج للمنتجات المصنعة محليًا وحوافز الصناعات المحلية إلى تقليل الاعتماد على السلع الأجنبية بشكل كبير.
دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: إن تبسيط اللوائح التنظيمية وخلق بيئة أكثر ملاءمة للأعمال التجارية من شأنه أن يمكّن الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد مزدهر.
وشدد الدكتور الصواي على أهمية تقليل اعتماد عمان على عائدات النفط والغاز من خلال التنويع في قطاعات مثل التصنيع والسياحة والتكنولوجيا. وتعد هذه الاستثمارات ضرورية لتحقيق أهداف رؤية 2040 المتمثلة في المرونة الاقتصادية والنمو المستدام.
“إن التنويع لا يقتصر فقط على الحد من الاعتماد على النفط؛ إن الأمر يتعلق ببناء اقتصاد قادر على التكيف والازدهار في مشهد عالمي سريع التغير.
الإطار الوطني للمحتوى المحلي
ويتفق الخبراء على أن عمان بحاجة إلى إطار وطني لإعطاء الأولوية لتطوير المحتوى المحلي وتحسين الاستثمارات العامة. وسيركز مثل هذا الإطار على عدة أهداف رئيسية:
• تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي: إن تنويع الاقتصاد من شأنه أن يقلل الاعتماد على أسواق النفط المتقلبة، مما يضمن قدرا أكبر من الاستقرار.
• تعزيز الاكتفاء الذاتي: من شأن تعزيز قدرات الإنتاج المحلي أن يخلق فرص العمل ويعالج البطالة.
• جذب الاستثمارات الأجنبية: إن وجود قاعدة صناعية قوية من شأنه أن يجعل عمان وجهة تنافسية للمستثمرين الدوليين.
• تحسين الإنفاق العام: إن إعادة توجيه الأموال إلى القطاعات التي تدعم المحتوى المحلي من شأنه أن يزيد من المرونة الاقتصادية والاستدامة.
– الحد من الاعتماد على الواردات: إن تطوير الصناعات المحلية من شأنه أن يساعد في سد الفجوة بين الإنتاج المحلي والعرض الأجنبي.
بينما تستثمر عُمان بكثافة في مستقبلها، فإنها تقف على مفترق طرق. ويعكس إنفاق 60 مليار دولار في عام 2022 رؤية طموحة للنمو الاقتصادي، لكن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب أكثر من مجرد الإنفاق – فهو يتطلب نهجا استراتيجيا للمحتوى المحلي.
ومن خلال إعطاء الأولوية للقيمة المحلية المضافة واعتماد إطار وطني قوي، يمكن لسلطنة عمان تسخير مواردها المحلية، وبناء اقتصاد مرن، وتأمين مستقبل مستدام يتماشى مع رؤية 2040. وكما أشار الدكتور الصواي على نحو مناسب، “إن الطريق إلى الاعتماد على الذات يبدأ في الداخل” مع تمكين الصناعات المحلية والأشخاص الذين يقودونها.