العلاقات الاقتصادية والتعاون في مجال الطاقة
وأكد السفير كيم على عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مشيرا إلى أن “كوريا أصبحت الآن ثالث أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان، حيث بلغ حجم التجارة 5.8 مليار دولار اعتبارا من العام الماضي”. ويعود هذا النمو الكبير إلى حد كبير إلى قطاع الطاقة، وهو حجر الزاوية في تعاونهما الثنائي. تاريخيا، كان الغاز الطبيعي المسال مجالا رئيسيا للتعاون. وأشار إلى أن “عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل كانت مفيدة للطرفين، حيث دعمت العملية الاقتصادية لكوريا وتطوير قطاع الغاز الطبيعي المسال في سلطنة عمان”.
وبالنظر إلى المستقبل، يركز البلدان على الطاقة المتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر. وصرح السفير كيم قائلاً: “يوفر الهيدروجين الأخضر إمكانات كبيرة لتحقيق المنفعة المتبادلة، بما يتماشى مع التزامنا المشترك بإزالة الكربون والانبعاثات الصفرية الصافية بحلول عام 2050”.

حضر المقابلة سعادة كيجو كيم سفير كوريا الجنوبية لدى سلطنة عمان وسعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية.
وإلى جانب الطاقة، ازدهرت قطاعات البناء والبنية الأساسية، حيث جلبت الشركات الكورية خبراتها إلى مشاريع كبرى في عُمان. كما كانت الصناعة البحرية مجالاً مهماً للتعاون. وأشار السفير كيم إلى أن “شركات بناء السفن الكورية لعبت دوراً فعالاً في تعزيز القدرات البحرية في عُمان من خلال السفن عالية الجودة”.
لقد تم تعزيز الإطار المؤسسي الداعم لهذه العلاقات التجارية بشكل مستمر. وقد عززت الاتفاقيات الرئيسية، مثل تلك الخاصة بحماية الاستثمار وتجنب الازدواج الضريبي، التبادلات الاقتصادية بينهما. كما تعمل اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا ودول مجلس التعاون الخليجي التي تم إبرامها العام الماضي على تعزيز هذا الأساس، مما يعزز التجارة والاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، يعمل إطار تعزيز التجارة والاستثمار بين كوريا وسلطنة عمان كدليل لزيادة الدعم المتبادل والتبادلات.
من حيث التجارة، يظل الغاز الطبيعي المسال هو الواردات الرئيسية من عُمان إلى كوريا، حيث بلغت قيمة الواردات 5.3 مليار دولار. كما تستورد كوريا النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية والصلب والمعادن غير الحديدية من عُمان. وفي الوقت نفسه، تصدر كوريا منتجات الصلب والسيارات ومعدات البناء الثقيلة والإلكترونيات المنزلية إلى عُمان. ويؤكد إدخال المركبات الكهربائية الكورية إلى السوق العمانية على التحول نحو المنتجات المستدامة بيئيًا.
دعم المنتديات التجارية والإستراتيجية
تلعب السفارة الكورية في عُمان، بالتعاون مع وكالة كوريا للترويج للتجارة والاستثمار (KOTRA)، دورًا حاسمًا في دعم الشركات الكورية في عُمان. وأوضح السفير كيم، “إن المعلومات والتواصل أمران حيويان في التعاون التجاري. وقد عززت المنتديات الاستراتيجية للهيدروجين الأخضر التي استضافتها السفارة في عامي 2022 و2023 شراكات قوية في هذا القطاع”.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن التحول في مجال الطاقة يقدم فرصًا هائلة للعلاقات التجارية بين عُمان وكوريا. فبعيدًا عن الطاقة، من المتوقع أن تشهد قطاعات مثل التكنولوجيا البيئية والزراعة وإدارة موارد المياه وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات نموًا. وتخطط السفارة لتنظيم المنتديات واللقاءات بين الشركات للاستفادة من هذه الفرص.

وقعت وزارة الطاقة والمعادن العمانية مذكرة تفاهم مع جمهورية كوريا ممثلة بوزارة البيئة للتعاون في مجال التحول الأخضر واستدامة الطاقة العام الماضي.
مبادرات التعليم والتبادل الثقافي
كما أن التعليم ونقل التكنولوجيا يشكلان أهمية بالغة للشراكات طويلة الأجل. وقد دعم برنامج المنح الدراسية العالمية الكورية الطلاب العمانيين، كما تم تنفيذ برامج التبادل. وأعرب السفير كيم عن حماسه لهذه المبادرات، قائلاً: “إن تبادل التعليم أمر بالغ الأهمية لأنه يعود بالنفع على الجيل القادم ويعزز المشاركة”.
وتساهم التبادلات الثقافية والرياضية في إثراء العلاقات بين عُمان وكوريا الجنوبية. وقد عززت عدد من الفعاليات الثقافية، بما في ذلك مهرجان الكيبوب الذي أقيم العام الماضي في مسقط، الروابط بين الشعبين. وتسلط هذه المبادرات، إلى جانب المشاركات الاقتصادية، الضوء على العلاقة المتعددة الأوجه بين البلدين.
وأعرب السفير كيجو كيم عن تفاؤله بالمستقبل، قائلاً: “بينما نحتفل بهذا الإنجاز، نتطلع إلى استكشاف فرص جديدة في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات الواعدة”. وتحرص السفارة على الاستفادة من الذكرى الخمسين كنقطة تحول، من خلال تنظيم مجموعة متنوعة من الفعاليات الاقتصادية والثقافية والرياضية لتعميق العلاقات الثنائية بشكل أكبر.
ومن بين هذه الفعاليات منتدى مقرر عقده في وقت لاحق من هذا العام، حيث سيتعاون خبراء من البلدين في مشاريع الطاقة المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، سيزور وفد من الشركات الكورية المتخصصة في إدارة موارد المياه سلطنة عمان للمشاركة في اجتماعات بين الشركات بهدف تعزيز التعاون في هذا المجال الحيوي.
كما ستلعب التبادلات الثقافية التي ستقام احتفالاً بالذكرى الخمسين دوراً هاماً في تعزيز الشراكة. حيث سيقام عرض موسيقي في 25 سبتمبر/أيلول بمشاركة فرقة موسيقية كورية تقليدية إلى جانب فنانين عمانيين، مما يعزز التفاهم والتقدير الثقافي. وعلاوة على ذلك، ستقام بطولة التايكوندو، التي يتم تنظيمها بالشراكة مع لجنة التايكوندو العمانية، في الفترة من 24 إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول، بمشاركة من مقر التايكوندو العالمي في كوريا.
وتؤكد هذه الجهود الالتزام ليس فقط بتعزيز العلاقات الاقتصادية ولكن أيضًا بتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية، مما يمهد الطريق لشراكة نابضة بالحياة وديناميكية بين سلطنة عمان وكوريا الجنوبية في السنوات القادمة.