قيام النهضة الاوربية
ستتعلم في هذا الدرس:
-مفهوم النهضة الأوروبية .
عوامل قيام النهضة الأوروبية .
دور الحضارة الإسلامية في قيام النهضة الأوروبية .
المفاهيم والمصطلحات الآتية :
النهضة ، الانغلاق الفكري ، الاستشراق ، الانفتاح، نظام الإقطاع، المولدون ، المخطوطات ، التواصل الحضاري.
أتعرف دور كل مما يلي في قيام النهضة الأوروبية:
الكنيسةالكاثوليكیة،التجار،دانتي،میکافیلي، جوتنبرج، الحضارة الإسلامية.
النهضة الأوروبية
تعد قارة أوروبا إحدى قارات العالم القديم (آسيا، أفريقيا، أوروبا). وكانت هذه القارات على اتصال حضاري فيما بينها . وفي الوقت الذي ظهرت فيه الحضارة العربية الإسلامية في أجزاء من قارتي آسيا وأفريقيا، فقد امتدت لتشمل مناطق أخرى من قارة أوروبا . وتأثرت أوروبا بهذه الحضارة بعد أن كانت تعيش حالات من التأخر والجمود الفكري ، ومنذ مطلع القرن الثالث عشر الميلادي ، شهدت أوروبا مرحلة حضارية جديدة عرفت بالنهضة .
ويقصد بالنهضة الأوروبية ذلك التطور التدريجي الذي شمل نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية بدءاً من القرن الثالث عشر حتى القرن السادس عشر الميلادي. ولقد شهدت أوروبا في هذه الفترة العديد من التحولات والتغيرات ، فقد بدأ الناس يتعلمون المزيد من العلوم والفنون ، وابتكروا أنواعا جديدة من الموسيقى وأساليب الرسم، وأدخلوا مفاهيم جديدة من الكتابة وفنون العمارة والرسم والنحت .
ولكن السؤال هو : كيف كانت أوروبا قبل عصر النهضة ؟
في الوقت الذي تمكن فيه العرب المسلمون من بناء حضارة عالمية متقدمة ، كانت أوروبا تعيش حالة من التأخر الثقافي والانغلاق الفكري ، فقد ارتبطت حياة الأوروبيين قبل قيام النهضة بالكنيسة الكاثوليكية التي منعت أي تجديد، واستمرت تفرض قيودها الصارمة حتى مطلع القرن الثالث عشر الميلادي .
وكان الدين وما يتعلق به من تعاليم الكنيسة ، هو المحور الأساسي في حياة الأوروبيين، ولذلك كانت معظم أعمال
الفنانين وإبداعات الكتاب والعلماء ، تنطلق من مفاهيم الدين المسيحي ، وما تمليه الكنيسة من تعاليم ومعتقدات ، وحتى
المدارس فإنها كانت جزءًا من الكنائس ، ولم يكن باستطاعة الجميع الذهاب إلى هذه المدارس. وأوجد هذا نسبة كبيرة من
الذين لا يعرفون القراءة والكتابة . وهو ما أدى إلى تأخر أوروبا عن ركب الحضارة.
ولكن هذه الأوضاع بدأت بالتغير تدريجيا مع بداية عصر النهضة ،وتوافرت العوامل التي عززت هذا التغير ، وكانت بداية
النهضة في إيطاليا، ثم انتشرت تدريجيا إلى باقي الدول الأوروبية.
عوامل قيام النهضة الأوروبية
أسهمت مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والعلمية في قيام النهضة الأوروبية، وقد تفاعلت هذه العوامل مع بعضها، وكان لها التأثير الفاعل في قيام النهضة وتطورها، وأهمها :
١-ظهور المدن وازدهارها:
عانت أوروبا خلال العصور الوسطى من نظام الإقطاع وتحكم الإقطاعيين بالمجتمع الأوروبي، ولكن ظهور المدن، وما رافقها من تطور في حركة التجارة والصناعة، وظهور طبقة من التجار الأثرياء والمثقفين، أحدث تغييراً إيجابياً في حياة أوروبا، ومهد
لدخولها عصر النهضة، وساعد ذلك علی ظهور دول مستقلة عن سيطرة نظام الإقطاع .
٢- ظهور مجتمعات جديدة ومتطورة، شجعت الناس على استخدام قدراتهم العقلية، والاعتماد على النفس،
والتفكير في استنباط أساليب جديدة لكسب العيش، وتشجيع روح المغامرة لاكتشاف المزيد من متطلبات الحياة الجديدة للمجتمع الأوروبي .
٣-ظهور المفكرين والكتاب، وتشجيع الملوك والأثرياء الأوروبيين لهم على الإفادة من العلم والمعرفة في الابتكار والتجديد، لتنشيط النهضة الجديدة، وبذلك ازدهرت الحركة الثقافية والفنية في أوروبا .
٤-الاكتشافات الجغرافية: حيث كان لها تأثير واضح في حياة أوروبا ومجتمعاتها ،ووسعت معرفة الناس بالأقاليم الأخرى ،وإثبات كروية الأرض ، واكتشاف العالم الجديد .
٥-اختراع الطباعة : تمكن العالم الألماني يوحنا جوتنبرج عام ١٤٤٥م من صنع أول آلة طباعة تعمل باليد، وقد أحدث ذلك تطوراً كبيراً في طباعة الكتب المتعلقة بالعلوم والآداب والفنون، وسهل على الكثيرين الاطلاع على العلوم المختلفة وقراءتها ونشرها .
دور الحضارة الإسلامية في قيام النهضة الأوروبية
اتصلت أوروبا بالحضارة العربية الإسلامية عن طريق معابر عدة ، كان أبرزها الأندلس
وصقلية، وارتبطت عناصر هذا الاتصال بفئات عدّة هي :
المسلمون الفاتحون .
المسلمون المهاجرون إلى هذه المناطق .
المولدون ، وهم من أمهات غير عربيات ، اعتنقوا الإسلام بأعداد كبيرة واستعربوا بسرعة، وأصبحوا يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع.
أما وسائل الاتصال في الجانب الأوروبي فقد اتخذت مسارين هما :
أ) المسار الأول: وهو ما عرف بغزو الفرنجة (١٠٩٦ – ١٢٩١م) فعلى الرغم من أن الحروب التي خاضتها أوروبا الغربية ضد المشرق الإسلامي (تركيا وبلاد الشام ومصر) في هذه الفترة لم تحقق أهدافها ، إلا أنها اكتسبت من اتصالها بالمسلمين ألواناً من الفوائد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والفنون العسكرية .
ب) المسار الثاني: وتمَثَّل بالإنجازات الحضارية الإسلامية في البلاد المفتوحة لاسيما إسبانيا وجنوبي إيطاليا، فقد وفد إلى هذه المناطق العديد من المفكرين والأدباء والمترجمين من كافة أنحاء أوروبا طلبا للعلم والاطلاع على ما أنجزه المسلمون من بدائع الكتب والمؤلفات الأدبية والعلمية ، ونجم عن ذلك الاتصال فتح المجال للاهتمام بالدراسات الشرقية في
أوروبا. وانعكس ذلك على اللغات الأوروبية التي دخلتها كثير من المفردات العربية في أسماء بعض الحيوانات والطيور، وما يرتبط بالفلك والكيمياء والنباتات والأقمشة والمنسوجات، والطب والموسيقى .
دور الطب الإسلامي في التفاعل الحضارى مع الأوروبيين
ازدادت معرفة الأوروبيين بالحضارة الإسلامية بعد اختراع الطباعة ، فكان كتاب القانون لابن سينا من أوائل الكتب التي ترجمت وطبعت لتنتشر في معظم المعاهد والمؤسسات العلمية الأوروبية ، واعتمد كثير من المؤلفين الأوروبيين في العصور الوسطى وعصر النهضة على ما ألفه كل من ابن سينا والرازي وابن رشد والزهراوي.
ومن المؤثرات المباشرة والنوعية في الثقافة الأوروبية ، أنه حدث تطور مهم في النظرة العلمية بين الأطباء في أوروبا لا سيما في مجال التشريح ووظائف الأعضاء. وأدى تقدم الطب الإسلامي إلى كسر الانغلاق الفكري والعلمي وفتح مجالات البحث والتفكير لدى كثير من العلماء الأوروبيين ، فقاموا بجمع المخطوطات العربية النفيسة وعملوا على نسخها وترجمتها والتأليف استنادا إليها .
آراء بعض المستشرتين في أثر الحضارة الإسلامية في النهضة الأوروبية:
يعترف العديد من المستشرقين والمفكرين والعلماء والمؤرخين الغربيين أنفسهم ، بالدور العظيم للحضارة الإسلامية في تقدم حضارة الغرب خاصة في العصور الوسطى حينما كانت أوروبا تعيش التخلف والانحطاط في جميع مجالات الحياة ، وكانت غارقة في الجهل والفقر، فقد ذكرت “زيجرد هونكه” في كتابها ((شمس العرب تسطع على الغرب)): ((لقد عاصر التأثير العربي في ميدان علم العقاقير في أوروبا فترة ما قبل النهضة ، والنهضة نفسها ، وتعدّاها حتى وصل إلى القرن التاسع عشر … وإن كل مستشفى ، مع ما فيه من ترتيبات ومختبر ، وكل صيدلية ومستودع أدوية في أيامنا هذه، إنما هي في حقيقة الأمر، نُصب تذكارية للعبقرية العربية).
وتذكر في مكان آخر :
((وكانت قرطبة عام ٩٥٠م تزدان بثمانين ألف متجر ، وتضاء ليلاً بمصابيح تثبت على حيطان المنازل ، وتباشر فيها
أعمال النظافة … ومضى قرنان من الزمان قبل أن تتخذ باريس عام ١١٨٥م من قرطبة مثالا لها، فترصف شوارعها
وتنظفها، ومضى قرن آخر قبل أن تحذو بقية المدن الأوروبية حذو باريس))
من هم المستشرقون :
فئة من الباحثين الغربيين ، تخصصوا في دراسة التراث العربي، لغة وتاريخًا وواقعًا، وقاموا بتحقيق الكثير من
المخطوطات العربية النفيسة ونشرها . وكانت لهم دوافع شتى في دراساتهم، منها سياسية وثقافية وتجارية وفكرية
وعلمية .
هنا خريطة العالم الاسلامي قبل قيام النهضة الاوربية: