
يزيد بن كبشة: قائد بارز من كندة في مواجهة أبرهة الحبشي
يزيد بن كبشة بن أمرئ القيس بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار الكندي، هو أحد أبرز الشخصيات العربية في فترة ما قبل الإسلام. ولد حوالي عام 460م، ويعد من كبار قادة قبيلة كندة، التي كان لها دور كبير في جزيرة العرب في تلك الحقبة الزمنية. اشتُهر يزيد بحكمته وشجاعته، وقد قاد ثورة ضد أبرهة الحبشي، ملك اليمن في زمانه. ورغم أن المعلومات الدقيقة حول حياته ونهايته غير كاملة، إلا أن ما تبقى من ملامح تاريخية ونقوش أثرية تروي العديد من تفاصيل حياته وصراعاته، مما يجعلنا نلقي الضوء على أهم ملامح سيرته.
نسبه وعائلته
ينحدر يزيد بن كبشة من أسرة نبيلة تعود إلى قبيلة كندة، التي كانت تسيطر على أجزاء من جزيرة العرب، خصوصًا في مناطق حضرموت وأجزاء من اليمن. والده هو أمرؤ القيس بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار، من أشهر الشخصيات في التاريخ العربي القديم. أما أمه فهي كبشة بنت امرؤ القيس بن عمرو بن معاوية، ويعرف أبناء هذه الأسرة بـ “بني كبشة”.
يزيد بن كبشة هو أيضًا والد زينب، أم الشاعر الجاهلي الشهير امرؤ القيس بن حجر، الذي يعتبر من أعظم شعراء العرب في تلك الحقبة. في هذا السياق، يشير ابن الكلبي إلى أن امرؤ القيس الشاعر كان يفتخر بعائلته ويذكر خاله أبو يزيد شرحبيل بن يزيد بن كبشة في شعره، ما يعكس عمق العلاقة بين أفراد الأسرة وشرفها.
ثورة يزيد بن كبشة ضد أبرهة
في حوالي عام 546م – 547م، ثار يزيد بن كبشة ضد حكم أبرهة الحبشي في اليمن. وكان أبرهة قد حكم اليمن بعد أن غزاها وأطاح بالملك الحميري سميفع أشوع، ليؤسس حكمه تحت رعاية الإمبراطورية الحبشية. وعلى الرغم من أن أبرهة كان يعد نفسه حاكمًا قويًا على اليمن، إلا أن رفض الشعب اليمني لسلطته وخاصة في مناطق كندة وسبأ أدى إلى نشوب صراع بينه وبين قادة هذه القبائل.
انضم يزيد بن كبشة إلى القادة المتمردين في سبأ وقبائل مأرب، مثل القيل معديكرب بن سميفع، وواجهوا جيوش أبرهة في معركة طاحنة. كانت النتيجة هزيمة كبيرة لقوات أبرهة، وهو ما أجبره على إعادة تنظيم قواته وتحضير جيش ضخم لمواجهة التمرد. ومع ذلك، لم يتوقف المتمردون في جنوب الجزيرة العربية عن دعم ثوار سبأ، وهو ما جعل الصراع يستمر لفترة طويلة.
في نهاية عام 547م، واجه أبرهة أزمة جديدة عندما انهار سد مأرب، أحد أهم المنشآت المائية في المنطقة. هذا الحدث الطبيعي أثر بشكل كبير على الأوضاع في اليمن، وأجبر أبرهة على تحويل اهتمامه إلى إصلاح السد بدلاً من متابعة الحرب. وعليه، بدأت المفاوضات بين أبرهة وزياد بن كبشة، حيث ظهر الأخير مع بعض أتباعه يطلب العفو والصفح.
نهاية يزيد بن كبشة
فيما يخص نهاية يزيد بن كبشة، لا توجد معلومات دقيقة حول ما إذا كان قد قُتل أو عفي عنه. من الجدير بالذكر أن بعد وفاته، تولى ملك كندة ابن ابنته، امرؤ القيس بن حجر، الذي أصبح من أبرز الشخصيات في العصر الجاهلي. وقد اشتهر بكونه شاعرًا، وترك خلفه إرثًا ثقافيًا ضخمًا.
بعد وفاة يزيد بن كبشة، تولى عمرو بن أبي كرب بن سلمة غلفاء بن الحارث حكم كندة، وهو الذي قام بإدخال قبيلة كندة إلى حضرموت، بعد أن انهار ملكهم السابق، وأخرجهم من أرض معد. واستمر هذا التحول في الحكم إلى أن مات عمرو بن أبي كرب، ليخلفه أبو الجبر عمرو بن يزيد بن شرحبيل بن الحارث، الذي كان تابعًا لأبرهة، وهو الشخص الذي تم قتلُه في وقت لاحق بعد أن ثار عليه قومه.
يزيد بن كبشة في النقوش الأثرية
يزيد بن كبشة ترك وراءه عددًا من النقوش التي تكشف عن جوانب من حكمه وثورته ضد أبرهة. واحدة من هذه النقوش تُظهر أن أبرهة كان قد خاض حربًا ضد قبائل سبأ وقبائل أخرى في المنطقة. وتُظهر بعض النقوش الأخرى مشاركة يزيد بن كبشة في غزواته وتوسيع نفوذه على مناطق مختلفة، بما في ذلك هزيمته لأبرهة في معركة كبيرة.
خاتمة
يزيد بن كبشة هو شخصية تاريخية محورية في تاريخ اليمن والعالم العربي القديم. ورغم أن تفاصيل حياته ونهايته ليست واضحة تمامًا، إلا أن ما نعرفه عنه من خلال النقوش الأثرية والمصادر التاريخية يبرز دوره الكبير في مواجهة القوى الأجنبية مثل أبرهة الحبشي، وصراعه من أجل الحفاظ على سيادة القبائل العربية في جنوب جزيرة العرب. من خلال مقاومته، ترك يزيد بن كبشة أثرًا قويًا في التاريخ، وخاصة في الذاكرة الشعبية العربية، حيث لا يزال يُذكر كبطل من أبطال الجاهلية الذين قاوموا الاحتلال الأجنبي.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30570