شهدت بورصة مسقط (MSX) مؤخرًا موجة من الإدراجات الجديدة، مما أثار مناقشات حول استراتيجيات التسعير وعدالة أسعار الاكتتاب العام الأولي (IPO). وفي حديثه إلى صحيفة الأوبزرفر، أوضح خبير اقتصادي متخصص في الأسواق المالية العوامل الرئيسية التي تؤثر على تسعير الاكتتابات العامة الأولية، مشددًا على أهمية الموازنة بين جاذبية المستثمرين والتقييم العادل للشركات والاقتصاد الأوسع.
تسعير الاكتتاب العام: كيف يتم تحديده؟
حدد الخبير ثلاثة عناصر حاسمة تلعب دورًا مركزيًا في تحديد أسعار الاكتتاب العام:
متوسطات عائد السوق والمقارنة مع أقرانهم: أحد أهم العوامل في جذب المستثمرين هو العائد المتوقع على الاستثمار. وأوضح الخبير أن أسعار الاكتتاب العام يجب أن تكون تنافسية، وتقدم عوائد أفضل مقارنة بعائدات الأرباح ومعدلات نمو الشركات المماثلة، سواء في السوق المحلية أو في الأسواق المجاورة.
وأشار إلى أنه “على سبيل المثال، عندما يتم طرح شركات مثل أبراج لخدمات الطاقة في مسقط أو أدنوك للحفر في أبو ظبي للاكتتاب العام، كان ضمان عوائد متوقعة جذابة أمرًا بالغ الأهمية في تحديد أسعارها وجذب المستثمرين”.
ظروف السوق والتوقعات الاقتصادية: يؤثر المناخ الاقتصادي العام بشكل كبير على تسعير الاكتتاب العام. وشدد الخبير على أن التوقيت أمر بالغ الأهمية:
• في فترات النمو الاقتصادي والاستقرار: عادة ما تكون معنويات المستثمرين أكثر تفاؤلاً، مما يسمح للشركات بتسعير الاكتتابات العامة الأولية الخاصة بها بشكل أقرب إلى قيمتها العادلة أو أعلى منها.
• في أوقات الانكماش الاقتصادي أو عدم اليقين: يجب تعديل الأسعار نزولا للتعويض عن المخاطر المتزايدة ولجذب المستثمرين الحذرين.
وأضاف: “عندما تميل معنويات المستثمرين نحو الحذر، فإن ارتفاع أسعار الاكتتاب العام يمكن أن يؤدي إلى الفشل. ولذلك فإن المرونة والمواءمة مع الظروف السائدة أمران ضروريان.
حجم العرض بالنسبة لسيولة السوق وعمقه: يعتمد نجاح الاكتتابات العامة الأولية الكبيرة بشكل كبير على قدرة السوق على استيعابها. وأوضح الخبير: “لا يمكن لشركة يبلغ حجم إدراجها 2 مليار دولار أن تنجح في سوق يصل فيه متوسط التداول اليومي إلى 8 ملايين دولار”. “في مثل هذه الحالات، هناك حاجة إلى إجراءات استثنائية لتحقيق الاستقرار في العرض والطلب”.
وأشار كذلك إلى أن بعض الدول تضخ السيولة في أسواقها أو تقدم دعمًا حكوميًا مباشرًا خلال عمليات الإدراج الرئيسية لتعزيز الاستقرار وإبراز مرونة اقتصاداتها.
وشدد الخبير على أهمية إنشاء إطار تنظيمي واستراتيجي للاكتتابات العامة لضمان نجاحها. وبالاعتماد على الأمثلة الدولية، أشار إلى العديد من التدابير التي يمكن تنفيذها في MSX.
وأشار إلى أنه ينبغي لهيئة التنظيم المالي أن تفكر في إدخال شروط تتناسب مع حجم ونوع الاكتتاب العام، مع مرونة كافية لمواءمة العروض مع ظروف السوق.
وشدد أيضًا على الحاجة إلى استراتيجية شاملة لسحب الاستثمارات، بما في ذلك تعيين مسؤول للإشراف على عمليات الاكتتاب العام. وأكد أن الإدراج الناجح يتطلب تنسيقًا سلسًا بين جميع أصحاب المصلحة لخدمة الاقتصاد الوطني بشكل فعال.
وشدد على أهمية تبني استراتيجيات طويلة المدى لتعزيز سيولة السوق اليومية وجذب مجموعة أكثر تنوعاً من المستثمرين، المحليين والدوليين.
واختتم الخبير بالتأكيد على أن أسواق الأسهم ليست مجرد منصات تداول ولكنها مؤشرات حيوية للقوة الاقتصادية للدولة. “إن تنشيط سوق مسقط للأوراق المالية يتطلب رؤية شاملة تشمل الإصلاحات التنظيمية وتعزيز الشفافية وتوسيع قاعدة المستثمرين. ومع الإصلاحات المستمرة، تتمتع البورصة العمانية بالقدرة على أن تصبح حجر الزاوية في النمو الاقتصادي المستدام.