مملكة حمير

مملكة حمير هي إحدى الممالك اليمنية القديمة التي نشأت في ظفار يريم وتمكنت من توحيد اليمن بعد أن قضت على الممالك الأربعة السابقة مثل مملكة سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت. تُعتبر مملكة حمير آخر الممالك اليمنية قبل الإسلام، وكانت في وقتها صاحبة علاقة وثيقة بمملكة كندة من خلال تحالف استمر منذ القرن الثاني قبل الميلاد. على الرغم من أن المصادر التاريخية عن مملكة حمير قليلة، إلا أن المكتشفات الأثرية الحديثة أعادت كتابة تاريخ هذه المملكة بشكل أكثر دقة.

الأصول والمصادر

نشأت مملكة حمير من قبائل سبئية كانت تُقيم في مناطق مثل ريمة وتعز وإب وذمار، وقد كانت عاصمتهم في ظفار يريم التي تقع في محافظة إب في اليمن. كان الحميريون في البداية وثنيين ثم تحولوا إلى الديانة اليهودية، قبل أن يعتنقوا الإسلام في القرن السابع الميلادي. وأحد أهم الأسباب التي جعلت الحميريين يتفوقون على الممالك الأخرى هو قدرتهم على توحيد المناطق المختلفة في اليمن تحت سلطة مركزية، بعد أن كانت السلطة في مملكة سبأ قد تدهورت بسبب ضعفها، وظهور الأقيال الإقطاعيين الذين سيطروا على العديد من المناطق.

تاريخ مملكة حمير

ظهرت مملكة حمير في حوالي عام 110 قبل الميلاد في فترة اضطراب تاريخي في اليمن، حيث بدأ الأقيال الإقطاعيون في الصعود بعد تراجع هيمنة مملكة سبأ على التجارة البحرية في البحر الأحمر. تمكنت مملكة حمير من القضاء على ممالك اليمن الأربعة وضم أراضيها وقبائلها في دولة واحدة.

يعود أصل الحميريين إلى قبائل سبئية كانت تعتبر نفسها متحالفة مع قبائل مملكة قتبان. وفقًا للنصوص الحميرية القديمة، فإن الحميريين كانوا شعبًا كبيرًا على صلات حسنة مع الإمبراطورية الرومانية، ولقد شهدت فترات متعددة من النزاع الداخلي بين القبائل الحميرية التي قسمت المملكة إلى عدة سلالات ملكية. في نهاية المطاف، بسط الحميريون سلطتهم في عام 275 ميلادي بقيادة الملك شمر يهرعش، الذي وحد اليمن لأول مرة تحت سلطة مركزية.

الدين

في البداية، كان الحميريون يعبدون الأوثان، ولكنهم فيما بعد تحولوا إلى التوحيد وعبدوا إلهًا واحدًا يُدعى “الرحمن”. ومع مرور الوقت، تبنوا الديانة اليهودية، وكانوا يتبعون في ذلك الإله ذاته الذي كان يُعبَد من قبل اليهود في مناطق أخرى. في العصر النبوي، كان الحميريون قد تحولوا إلى اليهودية، مما سهل عليهم قبول الإسلام في وقت لاحق.

اللغة والكتابات

كانت الكتابات الحميرية تُكتب بخط المسند الذي يُعتبر من أقدم أشكال الكتابة في المنطقة. هذه الكتابات توفر لنا رؤى عن تاريخ الحميريين ومعاركهم وشؤونهم اليومية. أهم النصوص الحميرية التي تم اكتشافها تشمل نقوشًا تتعلق بالملك يوسف أسأر يثأر، الذي كان يُلقب بملك كل الشعوب. هذه النقوش توثق معركة كبيرة ضد الأحباش، حيث قتل الملك يوسف أكثر من 12,500 من الجنود الأحباش، وأسر 11,000 آخرين، كما غنم العديد من الإبل والبقر.

الاقتصاد

كان الاقتصاد الحميري يعتمد بشكل أساسي على الزراعة والتجارة، خصوصًا تجارة البخور واللبان والصمغ. كانت الحميريون يُعتَبرون من تجار المنطقة المهمين، وقد أقاموا العديد من السدود لترشيد المياه واستخدامها في الزراعة، بما في ذلك ترميمهم لسد مأرب القديم الذي كان يُعدّ من أعظم المعالم الهندسية في ذلك الزمن.

السقوط والاندثار

مملكة حمير شهدت فترة من الضعف في بداية القرن السادس الميلادي، حيث بدأ الأقيال يستقلون عن الملك المركزي ويخوضون حروبًا ضد بعضهم البعض. وفي نهاية المطاف، وقعت المملكة في صراعات داخلية وخارجية أدت إلى سقوطها في عام 525 ميلادي على يد الأحباش الذين استولوا على اليمن.

الخلاصة

على الرغم من قلة المصادر التاريخية التي تتناول مملكة حمير، فإن الاكتشافات الأثرية الحديثة تُظهر أن الحميريين كانوا قوة سياسية ودينية في اليمن القديم. من خلال تعزيز التجارة والزراعة والتحول الديني من الوثنية إلى اليهودية، تمكن الحميريون من ترك بصمة تاريخية كبيرة في تاريخ اليمن القديم والمنطقة بشكل عام.

Visited 16 times, 1 visit(s) today

الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30523

Related Post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *