مسروق بن أبرهة (572م)

مسروق بن أبرهة (572م)

مسروق بن أبرهة (تـ 572م) هو آخر ملوك الاحتلال الحبشي لليمن، الذي دام أكثر من أربعين عامًا. بحسب المصادر العربية، خلف مسروق أخاه أكسوم بن أبرهة الذي توفي بعد والده مباشرة، وهو ما ذكره المؤرخ عبيد بن شرية الذي قال: “فانصدع قلب أبرهة فمات، فملكت الحبشة على الجيش يكسوم بن أبرهة، فلم يلبث أن هلك، فقام مقامه مسروق بن أبرهة.” كما أكده كل من ابن إسحاق وهشام الكلبي.

كان مسروق بن أبرهة آخر الحاكمين الحبشيين في اليمن، حيث واصل الحكم بعد وفاة شقيقه أكسوم، وكانت فترته مليئة بالصراعات الداخلية والخارجية. يذكر المؤرخون البيزنطيون أن ملك فارس، أنو شروان، عندما كان في علاقة ودية مع الإمبراطورية الرومانية، أرسل الجنرال الفارسي ميرنز إلى اليمن. هناك، أسر ميرنز ملكًا على حمير يُدعى (Sanaturces)، ونهب مدينة حمير واستعبد سكانها. يُعتقد أن هذا الملك هو مسروق بن أبرهة، وذلك في حوالي عام 572م أو أواخر عام 571م، وفقًا للباحثين “أنطوان جودو” و”تشارلز لي بو”.

كما ورد في كتب التاريخ العربية، كان سيف بن ذي يزن، أحد الشخصيات البارزة في تلك الحقبة، قد فكر في حل مشكلة الاحتلال الحبشي في اليمن. سافر إلى أنطاكية حيث كان قيصر ملك الروم، ولكنه لم يجد التفاتًا لشكواه. ثم توجه إلى النعمان بن المنذر، الذي كان يعتبر من كبار حكام العرب في تلك الفترة تحت ولاية كسرى ملك الفرس. أرسل النعمان سيف بن ذي يزن إلى كسرى أنو شروان، ليطرح عليه مشكلته في اليمن.

استجاب كسرى لأنباء سيف بن ذي يزن، وأرسل معه نحو 800 رجل من الأسرى الذين كانوا في سجونه، وعين عليهم قائدًا من العجم يدعى وهرز (وفي رواية أخرى يُسمى خرزاد). سيرت هذه الحملة العسكرية إلى الأبلة على ساحل الخليج العربي، ومن هناك ركب الجنود الفرس البحر ليصلوا إلى ساحل عدن. عند وصولهم إلى اليمن، وجدوا تأييدًا شعبيًا من قبائل اليمن الذين تعاونوا معهم.

في النهاية، نجح الفرس في القضاء على مسروق بن أبرهة وكتابة انتصارهم إلى كسرى. دخلوا صنعاء عاصمة اليمن، وأصبحت اليمن تحت السيطرة الفارسية بشكل كامل. بعد هذه الأحداث، تم تعيين سيف بن ذي يزن ملكًا لليمن تحت سلطة الفرس.

بهذا، انتهت حقبة الاحتلال الحبشي لليمن، التي بدأت في أواخر القرن السادس الميلادي، وبدأت فترة جديدة تحت الهيمنة الفارسية. أما مسروق بن أبرهة، فكان آخر ملك حبشي يسيطر على اليمن قبل أن يتحول إلى جزء من النفوذ الفارسي.

تُعد هذه الفترة واحدة من أهم المراحل في تاريخ اليمن، حيث تداخلت فيها القوى الإقليمية الكبرى مثل الفرس والرومان، وأثرت في مصير المنطقة بشكل كبير. بعد انتهاء الاحتلال الحبشي، بقي اليمن تابعًا للفرس حتى وصول الإسلام في القرن السابع الميلادي، حيث تغيرت مسارات التاريخ مرة أخرى.

المصادر العربية والبيزنطية تلتقي في هذه السردية التاريخية، لتؤكد أن اليمن كانت ساحة لصراعات متعددة بين القوى الأجنبية في تلك الحقبة، وهو ما يعكس دور المنطقة الاستراتيجي في الصراعات الإقليمية في ذلك الوقت.

Visited 10 times, 1 visit(s) today

الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30545

Related Post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *