تستعد سلطنة عمان لدخول مرحلة جديدة من التنمية الصناعية، مدفوعة بإستراتيجيتها الصناعية الطموحة 2040 وخطة المحتوى المحلي. وتمثل هذه المبادرات، التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، نهجا تحويليا لإعادة تحديد المستقبل الصناعي للبلاد. ومن خلال الابتكار والاستدامة والتكامل الاستراتيجي للموارد المحلية، تهدف عمان إلى ترسيخ مكانتها كمركز صناعي رائد، بما يتماشى مع تطلعات رؤية عمان 2040.
وأكد مازن السيابي، مدير عام الصناعة بالإنابة بالوزارة، على هذه الطموحات خلال ورشة عمل عقدت مؤخراً، واصفاً الاستراتيجية بأنها ليست مجرد إطار للنمو الاقتصادي، ولكنها رؤية شاملة لخلق قطاع صناعي قادر على المنافسة ومدفوع بالتكنولوجيا ومرن. .
تضع الاستراتيجية الصناعية 2040 خارطة طريق واضحة لإنشاء نظام بيئي صناعي متقدم تكنولوجياً. وتؤكد الرؤية على الاستفادة من الإبداع العماني واعتماد أحدث التقنيات لتعزيز جودة السلع المنتجة محليًا وتنوعها وقدرتها التنافسية. بحلول عام 2040، تهدف السلطنة إلى الارتقاء بقطاعها الصناعي إلى مستوى عالمي، وتعزيز الابتكار والتنمية المستدامة.
ووفقا للسيابي، تتمحور الاستراتيجية حول خمسة أهداف رئيسية: تنويع قطاع التصنيع في السلطنة إلى صناعات تعتمد على المعرفة والتكنولوجيا؛ تطوير منتجات مبتكرة تعزز الرفاهية المجتمعية؛ توسيع البصمة العالمية للصناعات العمانية. تحديث العمليات الصناعية بتقنيات متقدمة تتماشى مع الثورة الصناعية الرابعة؛ وغرس ثقافة الابتكار باعتبارها حجر الزاوية في النمو الصناعي.
وتعكس هذه الأهداف تفكيراً تقدمياً ونهجاً متكاملاً، مصمماً لتعزيز الرخاء والاستدامة على المدى الطويل.
ولتحقيق هذه الأهداف، تحدد الاستراتيجية سلسلة من البرامج التحويلية المصممة لمواجهة تحديات وفرص محددة في القطاع الصناعي في سلطنة عمان:
• الصناعات ذات التقنية العالية: تخطط عمان لإنشاء مجموعات صناعية تركز على قطاعات التقنية العالية مثل الأجهزة الطبية، والألواح الشمسية، وإعادة التدوير. تمثل هذه الصناعات مستقبل التصنيع المستدام وتتوافق مع الاتجاهات العالمية نحو الطاقة النظيفة والاستخدام الفعال للموارد.
• ريادة الأعمال والابتكار: إدراكاً لأهمية طاقة ريادة الأعمال، تسعى الاستراتيجية إلى تعزيز الابتكار من خلال حاضنات التكنولوجيا والدعم المخصص للشركات الناشئة. وستلعب المشتريات الحكومية دورًا محفزًا في تعزيز الحلول المبتكرة مع دفع الممارسات المستدامة في الصناعات المحلية.
• التحديث والاستدامة: تتضمن الركيزة الأساسية للاستراتيجية تحديث الصناعات القائمة لدمج التقنيات المتقدمة، وتحسين الكفاءة، والانتقال إلى الموارد الخضراء. كما يتم إعطاء الأولوية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يضمن اندماجها في الإطار الصناعي الأكبر.
• الحوكمة والتنظيم: سوف تدعم هياكل الحوكمة المعززة تنفيذ الإستراتيجية. ويشمل ذلك تحديث الأطر القانونية والتنظيمية، وإنشاء لجان إشرافية للإشراف على التقدم، وتعزيز المهارات الفنية والمهنية لموظفي الوزارة.
تعد خطة المحتوى المحلي جزءًا لا يتجزأ من التحول الصناعي في سلطنة عمان، وهي مبادرة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الصناعات المحلية وتعزيز المرونة الاقتصادية. ومن خلال إعطاء الأولوية للمنتجات والخدمات المحلية في المشتريات العامة، تسعى الخطة إلى تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع التعاون مع الشركات الكبرى، وحماية الصناعات الناشئة.
وتركز خطة المحتوى المحلي أيضًا على زيادة الشفافية والكفاءة من خلال منصات الشراء الرقمية. ومن المتوقع أن يؤدي هذا، إلى جانب الجهود المبذولة لترويج المنتجات العمانية في الأسواق المحلية والدولية، إلى تعزيز اندماج الشركات المحلية في الاقتصاد العالمي.
وقال السيابي: “إن المحتوى المحلي ليس مجرد سياسة، بل هو أساس مستقبلنا الصناعي”، مؤكداً على الدور المركزي لبناء القدرات المحلية في تحقيق الأهداف الأوسع للاستراتيجية.
من المتوقع أن يؤدي التأثير المشترك للاستراتيجية الصناعية 2040 وخطة المحتوى المحلي إلى تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة لسلطنة عمان، بما في ذلك: تحسين الجودة والقدرة التنافسية العالمية للمنتجات العمانية؛ توسيع أسواق التصدير وتعزيز البصمة الصناعية للسلطنة. خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام؛ وتعزيز مكانة عمان كمركز صناعي رائد في المنطقة.
وشدد السيابي على أهمية التعاون بين جميع القطاعات – الحكومية والخاصة وقطاع الأعمال – لتحقيق هذه الأهداف الطموحة. وشدد على أن نجاح الاستراتيجية يعتمد على تعزيز النظام البيئي الذي يزدهر فيه الابتكار والاستدامة والتميز الصناعي جنبًا إلى جنب.