ماليزيا والعلاقات العمانية
تقع ماليزيا شمالي دائرة الاستواء في قلب جنوب شرقي آسيا، وتنقسم إلى منطقتين متميزتين، هما شبه جزيرة ماليزيا (ملقا) التي تمتد من حدود تايلاند شمالا إلى جزيرة سنغافورة جنوبا، وولايتي صباح وسراواك اللتان تقعان شرقا عبر بحر الصين الجنوبي على الساحل الشمالي الغربي لجزيرة بورنيو وتحدهما إندونيسيا جنوبا والفلبين شرقا.
وتشكل ماليزيا قاعدة محورية على طرق التجارة الرّئيسة التي تربطها منذ القدم بكل من الهند والصين وشبه الجزيرة العربية. ولقد ساعدها على ذلك موقعها الإستراتيجي على الممرات البحرية ، ومناخها الاستوائيّ الدّافئ، ومواردها الطّبيعيّة
الوفيرة، حيث شكلت منذ القدم وجهة ملائمة للتجار والمهاجرين إليها . وكان لتلك لروابط التجارية تأثير كبير على الثقافة، واللّغة والعادات الاجتماعيّة في ماليزيا. فقد كان سكان المناطق السّاحليّة على اتّصال مبكّر مع الصّينيّين، والهنود، والعرب. وانتشرت في تلك الفترة الديانة الهندوسية التي جلبها التجار معهم من الهند . وعندما وصل المسلمون إلى الهند، أخذوا في نشر الدين الإسلامي بماليزيا.
ماليزيا عبر التاريخ
تعد ملقا الميناء الأكثر تأثيرًا في جنوب شرقي آسيا. فقد عمل سلاطينها على تسهيل التّجارة لكلّ السفن القادمة إليها، حيث قُوبِلَتْ بهيئة تجارية منظمة ومتعدّدة اللّغات ويتولى موظّفوها كلّ حاجات السّفينة . وكانت هناك مستودعات لتخزين البضائع الصادرة والواردة . وكانت ملقا على درجة كبيرة من الحرص على حماية السفن القادمة إليها من القراصنة (لصوص البحر) ، فكانت بذلك قادرة على التحكم بالتجارة في منطقة المضايق، وقامت ببناء التّحالفات مع القبائل والموانئ الأخرى، وتمكنت بذلك من إنشاء نوع من البحرية الإقليمية التي ضبطت أمن المياه المحلّية وحماية السّفن الصديقة.
ساعدت الأحداث التي وقعت في القرن الأوّل الميلاديّ على تشجيع ظهور ماليزيا في التّجارة الدّوليّة ففي ذلك الوقت، كانت الهند المصدر الرئيسيّ لتجارة التوابل والذهب إلى الصين والإمبراطوريّة الزومانية. ولكن الطّريق البريّ من الصّين قُطِع من قبل القبائل المغولية، فاضطر الرومان إلى إرسال السفن الكبيرة والصّالحة للإبحار نحو جنوب شّرقي آسيا للبحث عن مصادر بديلة . وفي القرون التالية أصبحت الموانئ الماليزية حلقة الوصل بين الموانئ الهندية، والموانئ الصّينيّة. وأصبحت السّفن الماليزيّة بارزةً في تلك التّجارة.
ونظرا للدور الذي قامت به ملقا بوصفها مركزا تجارياً إقليميا رئيسا، فقد وصل إليها البرتغاليون بهدف السيطرة على تجارتها الغنية ، وموقعها الإستراتيجي ، وكانت تلك بداية الامتداد الأوروبي إلى جنوب شرقي آسيا. حيث أخذ الاهتمام الهولندي
والبريطاني يتزايد بالمنطقة بعد سيطرة البرتغاليين عليها عام ١٥١١م، ونجاح زراعة المطاط فيها، والذي أصبح له قيمة اقتصادية كبيرة في تلك الفترة ،يضاف إلى ذلك الغابات الغنية بأخشاب الأبنوس، والصّندل، والساج. خضعت ماليزيا لسيطرة الهولنديين عام ١٦٤١م بعد أن نجحوا في إخراج البرتغاليين منها، وفي عام ١٧٩٥م خرج الهولنديون منها على يد الإنجليز الذين بدأوا بمد نفوذهم نحو المنطقة ، فسيطروا على ماليزيا وسنغافورة وأجزاء من إندونيسيا. وأخذت شركة الهند الشّرقية البريطانية بإنشاء المراكز التجارية بجزيرة سنغافورة ، ثم امتدت لتشمل ماليزيا .
بعد الاحتلال الياباني لماليزيا أثناء الحرب العالمية الثّانية ، تشكلت حركة وطنية متنامية دفعت البريطانيين لإنشاء الاتحاد المستقل لماليزيا عام ١٩٤٨م ولكنه فشل سياسيا بسبب استمرار الوصاية البريطانية ، وفي عام ١٩٦٣م تم تشكيل اتحاد ماليزيا، وشمل:
سنغافورة، وسراواك وصباح (بورنيو الشّمالية). في عام ١٩٦٥م انسحبت سنغافورة من الاتحاد وأصبحت دولة مستقلة .
ومنذ عام ١٩٧٠م اتخذت مالیزیا ، سياسة اقتصاديّة جديدة استهدفت توزيع عادل للثروة بين المجتمعات العرقيّة، وبدأت طريقها نحو التنمية الاقتصادية السريعة ، حيث حققت نجاحا كبيرا .
ماليزيا اليوم
ماليزيا دولة إسلامية بها ١٢ مليون مسلم (٦٠٪)، ويعيش فيها حوالي ٢٥٪ من الصينيين البوذيين، و١٥٪ من
الهندوس وجنسيات أخرى، ودین الدولة الرسمي في ماليزيا هو الإسلام ورئيس الدولة من المسلمين حيث يتقاسم
المسلمون والصينيون السياسة والاقتصاد، واليد العليا للمسلمين في شؤون الحكم والسياسة بينما يتفوق
الصينيون في الاقتصاد والتجارة .
يتحدث معظم سكانها لغة الملايو، وتعد ماليزيا أكبر مصدِر في العالم لزيت النخيل والمطاط والأخشاب المدارية، ورابع
مصدِّر للقصدير والكاكاو، ويعد الأرز المحصول الزراعي الرئيس في البلاد.
تشكل السياحة جزءا من الدخل القومي لماليزيا ، ولذلك فإنها تحرص على إقامة مهرجانات عدة للتسوق على مدار العام، حيث يتم تخفيض الأسعار في شتى أنحاء ماليزيا، وتحرص ماليزيا على دعوة أكبر عددٍ من السائحين والضيوف خلال المهرجانات لتنشيط حركة السياحة .
ومن أبرز المعالم السياحية فيها عاصمتها “كوالالمبور” وهي أكثر المدن الماليزية تطورا وازدهارا وجمالا، وأسرعها نموا في العالم. وهي خليط من المباني القديمة والحديثة وأكثر المناطق ازدحاما، وتعرف بأنها مدينة الحدائق الجذابة.
وهناك العديد من المعالم السياحية في المدينة، أبرزها برجا بتروناس، وهما أعلى برجين في العالم (٤٥٢ متراً)
ويقعان في وسط المدينة .
وتوصف “ملقا” بأنها جوهرة في تاج السياحة الماليزية بروعة مناظرها ومبانيها ذات الطابع الهندسي ، ومناخها المعتدل، وتشتهر بتجارة الذهب والحرير والشاي والتبغ والتوابل والعطور.
العلاقات العمانية الماليزية
تتطلع السلطنة دوما إلى تعزيز علاقات التعاون والصداقة مع الدول الشقيقة والصديقة وفتح الأسواق ومجالات الاستثمار للفعاليات الاقتصادية ، ويأتي في هذا السياق التعاون وإقامة المعارض وتبادل الزيارات وعقد الاتفاقيات بين سلطنة عمان وماليزيا .
ويظهر ذلك جليا في قطاعات التعليم والتدريب ، وقطاع تقنية المعلومات ، ونظم الاتصالات ، وخدمات الطيران والسياحة ، والصحة، والنفط والغاز ، والخدمات الملاحية .
وتهدف إقامة المعارض التجارية بين البلدين إلى ترويج الصناعات ومنتجاتها في أسواق البلدين ، والمساهمة بالخبرات المشتركة في مجال الاستثمار وتقديم الاستشارات والتدريب وزيادة فرص بناء العلاقات التجارية وتعزيزها بين القطاع الخاص في البلدين.