سُميفَع أشوَع اليَزَني

سُميفَع أشوَع اليَزَني

سُميفَع أشوَع اليَزَني (حوالي 460م – 535م) هو أحد الشخصيات الهامة في تاريخ المملكة الحميرية في اليمن، حيث تولى ملك سبأ في عام 530م. يعتبر سُميفع أشوع من الملوك الذين شهدت فترة حكمهم الكثير من التحولات والتحديات، وقد سارت حياته السياسية في عدة محطات رئيسية توثقها النقوش السبئية القديمة.

بداية حياته السياسية

أول ظهور لاسمه في النقوش يعود إلى سنة 486م، حيث كان يشغل منصب أمير في قبيلة ذي يزن، التي كانت إحدى القوى البارزة في منطقة اليمن في ذلك الوقت. في نهاية العقد الخامس من القرن الخامس الميلادي، أصبح سُميفع أشوع أحد القيادات العسكرية البارزة في المنطقة، حيث لعب دورًا رئيسيًا في الحروب الداخلية والخارجية ضد الغزاة الحبشيين.

الحرب ضد الأحباش

منذ عام 523م، وحتى توليه الملك في عام 530م، كان سُميفع أشوع يقاتل إلى جانب الملك ذو نواس ضد الاحتلال الحبشي، الذي كان يهدد استقلالية اليمن. وفقًا لبعض النقوش، كان سُميفع أشوع مشاركًا في العديد من المعارك ضد القوات الحبشية التي بدأت تتوسع تدريجيًا في اليمن. لكن هذه الحروب كانت تأتي مع تحديات كبيرة، بما في ذلك الصراعات الداخلية مع الأقيال الحميريين الذين كانوا ينازعون سُميفع أشوع على السلطة.

وبعد هزيمة الملك ذو نواس في 530م على يد الجيش الحبشي، تولى سُميفع أشوع الحكم في سبأ. وكان حكمه في البداية محصورًا في بعض المناطق اليمنية، حيث بقيت بعض المناطق تحت سيطرة الحبشيين.

التحول الديني والولاء للنصارى

يشير النص الملكي الوحيد الذي تم العثور عليه من فترة حكم سُميفع أشوع إلى أنه كان ملكًا نصرانيًا، حيث ذكر فيه: “بروح القدس سميفع أشوع ملك سبأ”، وهي إشارة إلى ارتباطه بالدين المسيحي، وهي ميزة هامة في تلك الفترة، حيث كانت مملكة حمير قد تأثرت بالديانات المختلفة، ومنها اليهودية والنصرانية. وقد عززت هذه النصوص ما ذكره المؤرخ بروكوبيوس القيسراني بأن سُميفع أشوع كان قد تحول إلى النصرانية، بل وأصبح أحد أبرز الحكام النصارى في منطقة اليمن.

الحملة العسكرية ضد الفرس

في الفترة بين أبريل وسبتمبر 531م، طلب القيصر جستينيان الأول من سُميفع أشوع ونجاشي الحبشة أن يعلنا الحرب ضد الفرس وأن يقطعوا علاقاتهم التجارية معهم. وكان الهدف من هذه الحملة هو محاربة الفرس وحماية المصالح الرومانية والنصرانية في المنطقة. لكن سُميفع أشوع لم ينجز هذا الوعد، حيث كانت الحرب بعيدة وصعبة، وكان من المستحيل عليه تكوين جيش قادر على خوض هذه المعركة ضد الفرس.

نهاية حكمه وصراع الحبشيين

مع بداية 535م، بعد فترة من تولي سُميفع أشوع للعرش، ظهرت تحديات جديدة تمثلت في تمرد أبرهة، وهو قائد حبشي تم إرساله من قبل النجاشي إلى اليمن. وقد قاد أبرهة حملة عسكرية ضد سُميفع أشوع، وأعلن نفسه نائبًا للملك الأكسومي في اليمن، متخذًا لقب “التبابعة” وهو لقب ملكي كبير.

وبدأت الصراعات بين أبرهة وسُميفع أشوع مع توالي الهزائم العسكرية التي مني بها الأخير. وكان أبرهة قد بدأ في القضاء على مقاومة سُميفع، حيث قام بنقل المعركة إلى “حصن غراب”، حيث كانت قوات سُميفع أشوع تتحصن. كما يُقال أن أبرهة تمكن من القضاء على سُميفع أشوع بعد معركة عنيفة، وأسقط حكمه في اليمن.

الفتوحات الحبشية والمزيد من التغيير

بعد نجاح أبرهة في القضاء على سُميفع أشوع، بدأ يتمتع بسلطة كبيرة في اليمن، وقام بتعيين نفسه ملكًا على المنطقة. وقد فرض جزية سنوية على الشعب اليمني، وبدأ في توسيع نفوذ الحبشة في اليمن. ومع مرور الوقت، أصبح أبرهة هو الحاكم الفعلي للمنطقة، وبدأ في وضع خطط لتوسيع إمبراطوريته، بما في ذلك حملته الشهيرة على مكة المكرمة والتي سُميت بحملة “الفيل”.

النظر في سُميفع أشوع

سُميفع أشوع يظل شخصية تاريخية مثيرة للجدل، فقد اعتبره البعض خائنًا لأنه اعتنق النصرانية وتعاون مع الأجانب، بينما رأى آخرون فيه شخصية وطنية دافعت عن استقلال اليمن ضد الغزو الحبشي. في النهاية، أصبح سُميفع أشوع جزءًا من التاريخ اليمني الذي يتسم بالتحولات السياسية والدينية الكبرى. لقد شكل حكمه منعطفًا هامًا في تاريخ اليمن، حيث شهدت هذه الفترة تداخلًا بين الأديان والمصالح السياسية، مما جعلها فترة مشحونة بالأحداث والتغيرات.

Visited 4 times, 1 visit(s) today

الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30505

Related Post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *