
زفتى: مدينة النضال والثورة في قلب دلتا النيل
موقع جغرافي استراتيجي وتاريخ عريق
زفتى، إحدى مدن محافظة الغربية المصرية، تقع على ضفاف نهر النيل – فرع دمياط، وتتميز بموقعها الجغرافي المهم الذي يجعلها مركزًا تجاريًا وصناعيًا وزراعيًا. المدينة تعد ثالث أكبر مدينة في محافظة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة، مما يعزز مكانتها الإدارية كمركز لمجموعة من القرى والوحدات المحلية المحيطة.
جمهورية زفتى: صفحة مشرفة من النضال الوطني
لعبت زفتى دورًا بارزًا في التاريخ المصري الحديث، خاصة خلال ثورة 1919. حينها، قاد يوسف الجندي ورفاقه حركة تمرد ضد الاحتلال البريطاني، وأعلنوا استقلال زفتى مؤسسين “جمهورية زفتى”. كان هذا الإعلان رمزًا لمقاومة الشعب المصري ضد الاستعمار ومطالبة بالإفراج عن سعد زغلول باشا ورفاقه المعتقلين.
أسست “جمهورية زفتى” مجلسًا بلديًا يدير شؤون المدينة، حيث نظّم الأهالي لجانًا للتموين، النظافة، الأمن، والإعلام. كما أصدرت جريدة باسم “الجمهورية” لنشر أخبار المقاومة. على الرغم من أن عمر هذه الجمهورية كان قصيرًا، إلا أنها أثبتت قدرة الشعب على تنظيم صفوفه وإبداء صمود ملهم ضد الاحتلال.
تاريخ غني بالحضارة
زفتى من القرى القديمة التي ورد ذكرها في العديد من النصوص التاريخية مثل “التحفة السنية” و”قوانين الدواوين”. أطلق عليها قديمًا اسم “منية زفتى”، وعرفت بأنها كانت تحتوي على أنوال لنسج الأقمشة منذ عصر محمد علي، مما يعكس طابعها الصناعي الراسخ.
معالم تاريخية بارزة
- مسجد العوام: أحد أهم معالم المدينة وأكبر مساجدها. يقال إن الصحابي الجليل الزبير بن العوام هو من أسسه، وقد مر بعدة تجديدات، آخرها كان في عام 1998.
- قناطر زفتى: أنشئت عام 1903 كجزء من مشروعات الري للتحكم في مياه النيل وتوسيع الرقعة الزراعية. تم تجديدها مؤخرًا عام 2022.
- الكوبري الفرنساوي: هذا الجسر التاريخي الذي يربط زفتى بمدينة ميت غمر. شهد معارك حامية الوطيس خلال أحداث جمهورية زفتى، وهو اليوم يعد من أبرز معالم المدينة.
السكان والدين
زفتى تتميز بتنوعها السكاني، حيث يبلغ عدد سكانها 114,983 نسمة (تقديرات 2023). غالبية السكان مسلمون، مع أقلية مسيحية تتبع الكنائس القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية. تاريخيًا، كانت زفتى تضم جالية يهودية ذات تأثير.
الاقتصاد: بين الزراعة والصناعة
- الزراعة: تشتهر بزراعة الموالح مثل البرتقال واليوسفي، إلى جانب زراعة القطن والحبوب.
- الصناعة: تحتفظ زفتى بتاريخ طويل في صناعة الغزل والنسيج، مع وجود العديد من المصانع التي تنتج القطن والأقمشة. كما تُعرف المدينة بإنتاج الطوب الأحمر، وكانت في الماضي تضم 70 مصنعًا لهذه الصناعة.
التعليم في زفتى
تضم المدينة مجموعة واسعة من المدارس في مختلف المراحل، بالإضافة إلى معاهد أزهرية. تشير الإحصاءات إلى أن غالبية السكان ذوو مؤهل متوسط، مع نسبة من ذوي التعليم العالي، مما يعكس اهتمام المدينة بالتعليم على مدار العقود.
المواصلات والبنية التحتية
تتصل زفتى بشبكة طرق وسكك حديدية تربطها بالمحافظات المجاورة. محطة السكة الحديد تسهل التنقل إلى طنطا وميت غمر، بالإضافة إلى إمكانية الملاحة في نهر النيل.
المعالم الثقافية والشعبية
تتمتع زفتى بثقافة شعبية غنية، حيث ارتبط اسمها بمثل شعبي شهير “ما أسوأ من زفتى إلا ميت غمر”، إشارة إلى الصعوبات التي واجهها الاحتلال الإنجليزي في مقاومة الشعبين.
أعلام زفتى
قدمت زفتى العديد من الشخصيات البارزة في مختلف المجالات، مثل:
- يوسف الجندي: قائد جمهورية زفتى وأحد أعلام النضال الوطني.
- سميرة موسى: أول عالمة ذرة مصرية وموهبة علمية بارزة.
- مصطفى السيد: العالم المصري الشهير وأحد الحاصلين على أرفع الجوائز العلمية.
- مصطفى كمال طلبة: عالم بيئي تقلد منصب وزير الشباب في عهد السبعينيات.
ختامًا: زفتى كرمز للكرامة والصمود
تبقى زفتى واحدة من المدن المصرية التي جسدت روح المقاومة والكرامة الوطنية. تاريخها العريق وحاضرها الزاخر بالإنتاج الزراعي والصناعي يجعلها جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30367