حضارات بلاد الرافدين
١- ما عواملُ قيامِ الحضارةِ في العراقِ القديم ؟
٢- ما أشهرُ المدنِ السومريةِ؟
٣- لماذا سميتْ الكتابةُ السومريةُ بالكتابةِ المسمارية ؟
٤- ما المقصودُ بقوانين حمورابي؟
٥- مَنْ هُمْ أشهرُ ملوكِ الآشوريينَ؟
تقعُ بلادُ الرافدينِ أو بلادِ ما بين النهرينِ (العراق القديم) في القسمِ الجنوبيِّ الغربيِّ منْ قارةٍ آسيا، فيما بينَ هضبةِ الأناضول شمالاً والخليجِ العربيِّ جنوباً، ويجري فيها نهرا دجلةً والفراتِ اللذانِ ينبعانِ من هضبةِ أرمينيا، ويتَّجهان إلى الجنوبِ، ویلتقیانِ علی بعدِ ١٠٠ كم شمالي البصرة ليكوِّنا مجرئً واحدًا يُسمَّى شطَّ العربِ، يصبُّ في الخليجِ العربيِّ.
وتنقسمُ بلادُ الرافدينِ جغرافيًا إلى إقليميْنِ مِختلفيْنِ هما:
أولاً: السهلُ الجنوبيَّ المنبسطُ، وتحدُّهُ مِنَ الشرِقِ الهضبةُ الإيرانيةُ، ومنَ الغربِ باديةُ الشامِ، وَيُعَدُّ مِنْ أخْصَبٍ بقاعِ العالمِ حيثُ يتكوَّنَ من سهولٍ رسوبيةٍ ذاتٍ تربةٍ خِصْبةٍ، كما يتمَتَّعُ بمناخٍ ملائم ساعدَ على استقرارِ السكانَ ونشأةِ الحضاراتِ.
ثانياً: هضبةٌ في شمالِ غربيِّ العراقِ، ويخترقُها نهرا دجلةَ والفراتِ.
ظهرتْ في العراقِ حضاراتٌ قديمةٌ مِنْ أبرزِها:
أوَلاً: السومريون:
من أقدمِ الشعوبِ التي استقرَّتْ في السهلِ الجنوبيّ للعراقِ منذُ الألفِ الرابعةِ قبلَ الميلادِ، وأُطْلِقَ عليهمْ هذا الاسمُ نسبةً إلى منطقةٍ جنوبيٌّ العراقِ التى عُرِفَتْ باسمِ ((أرْضِ سومرَ)).
ومعَ بدايةِ العصرِ التاريخيّ توصِّلّ السومريونَ إلى معرفةِ الكتابةِ التي عُرفتْ بالمسماريةِ، وظهرَ في سومرَ نظامُ حكوماتِ المدنِ، الذي يجعلُ كلَّ مدينةٍ دولةً مستقلةً، وهوَ ما عُرِف باسمِ ((دويلاتِ المدن)) فقدْ عاشَ السومريونَ في دويلاتِ المدنِ، ولم يعرفوا الوحدةَ السياسيةَ، ومِنْ أشهر دويلاتِ المدنِ السومرية: كيشُ، لحشُ، وأورُ.
الكتابةُ المسماريةُ
عَرفَ السومريونَ منذُ الألفِ الرابعةِ قبلَ الميلادِ بداياتِ الكتابةِ المسماريةِ، وبدأتْ بالطريقةِ التصويريةِ، ثمَّ تطورتْ منذُّ الألفِ الثالثةِ قبلَ الميلادِ لتسهيلِ المعاملاتِ التجاريةِ.
سجِّلَ السومريونَ كتاباتِهمْ على ألواحٍ منَ الطينِ قبلَ تجفيفِها، واستخدموا للكتابةِ عليها أداةً صُنِعتْ مِنَ العظمِ أَو مِنَ الخيزرانِ تُشْبِهُ المسمارَ، ولذلكَ عُرفِتْ كتابتُهُمْ باسمِ ((الكتابةِ المسماريةِ)).
هل تعلم
بدأتِ الشعوبُ السامية (الأكاديونَ – البابليونَ – الأشوريونَ – الكلدانيونَ) بالهجرةِ مِنْ موطنِها الأصليِّ في شبهِ الجزيرةِ العربيةِ إلى بلادِ الرافدينِ منذُ الألفِ الرابعةِ قبلَ المیلادِ.
ثانياً: الأكاديون:
تركَّزَ الأكاديونَ في المنطقةِ الوسطى من العراقِ، واستطاعَ أحدُ ملوكِهِمْ، وهوَ ((سرجونُ الأولُ)) (٢٣٧٠ – ٢٣١٠ ق.م) إخضاعَ المدنِ السومريةِ وتوحيدَها تحتَ سيطرتِهِ، واتخذَ مدينةَ أكادَ عاصمةً لدولتِهِ، وذلكَ في عامِ ٢٣٥٠ق.م .
أصبحتِ الدولةُ الأكاديةُ امبراطوريةً واسعةً فقدْ امتدَّ نفوذُها إلى رأسِ الخليجِ العربيِّ، وأصبحَ لها بعضُ الإشرافِ على تجارةِ الخليجِ في دلمونَ (البحرين)، ومجانَ (عُمان).
ويُعَدُّ ((نارام سن)) حفيدَ سرجونِ الأولِ منْ أشهرِ ملوكِ الأكاديين، فقدْ تمكّنَ منَ المحافظةِ على وحدةِ البلادِ، ووصلتْ قواتُهُ إلى السواحلِ الشرقيةِ لشبهِ الجزيرةِ العربيةِ، إلا أنّ إمبراطوريتَهُ بدأت في الضَّغفِ بعدَ وفاتِهِ.
ثالثاً: البابليون:
استقرَّ قسمٌ منهُمْ في شرقيِّ بلادِ الشامِ حوالي سنةَ ٢٥٠٠ق.م، ثمَّ دخلوا تدریجیا بلادَ سومر وأکاد. واتخذتْ هذهِ الجماعاتُ منْ مدینةِ بابلَ مركزًا لها، وسُمّوا باسمِها، واستغلوا موقعَها الزراعيَّ والتجاريَّ، فاشتغلوا بالزراعةِ، وأقاموا علاقاتٍ تجاريةً معَ
جيرانِهِمْ .
مِنْ أشهرِ ملوكِ البابليينَ ((حمورابي))، الذي تولَّى عرشَ بابلَ حوالى سنةِ ١٧٢٨ ق.م وَاستمرَّ حكمُهُ حوالی ٤٣ سنةً.
عملَ حمورابى على توحیدِ بلادِ ما بينَ النهرینِ، فازدهرتْ في عهدِهِ الزراعةُ والتجارةُ والصناعةُ.
حرصَ حمورابي على تنظيم دولتِهِ، فأصدرَ القوانينَ والتشريعاتِ المشهورةَ باسمِ ((قوانينِ حمورابي)).
سُجِّلتْ هذهِ القوانينُ على عدَّةِ نُصُبٍ أشهرُها:
نصبٌ كبيرٌ منْ الحجرِ، ظهرَ حمورابي في الجزءِ الأعلى منهُ وهوَ يتلقّى الإذنَ بإصدارِ تشريعاتِهِ مِنْ إلهِ الشمس والعدالةِ (شمس).
بعضُ ما وصلَ إلينا منْ قوانينِ حمورابي:
١- أمورُ القضاءِ والأمنِ.
٢- حقوقُ المحاربينَ ومسؤولياتِهمْ.
٣- عقودُ الزراعةِ وشروطُ القروضِ.
٤- الأحوالُ الشخصيةُ والزوائج والطَلاقُ والمواريثُ.
٥- القصاصُ والتعويضاتُ.
٦- أجورُ أصحابِ المهنِ ومسؤولياتِهمْ.
من قوانين حمورابي المتعلقةِ بالأحوال الشخصية :
إذا تزوّجَ رجلٌ إمرأةً وأصيبتْ بمرضٍ، يستطيعُ أن يتزوَّجَ منْ غيرِها ، ولكنْ لايحقَّ لهُ أنْ يطلَّقَ زوجتَهُ المريضةَ ، وعليهِ أنْ يبقيها في البيتِ ويعيلُها .
هل تعلمُ :
أنَّ النصبَ الأصليَّ المسَّجلَةَ عليهِ قوانينُ حمورابي، يوجدُ حالياً في مُتحفِ اللوفرِ بباريسَ .
رابعاً: الأشوريون:
أقاموا في المناطقِ الشماليةِ منْ بلادِ الرافدينِ، وأُطْلقَ عليهُمْ هذا الاسمُ نسبةً إلى إلههِمْ ((آشورَ))، وهو نفش الاسمِ الذي أُطْلِقَ أيضاً على عاصمتِهِمُ الأولى، قبلَ انتقالِها إلى (نَیْنَوی)».
استقلَّ الأشوريونَ بدولتِهِمْ عندَ انتهاءِ حكمِ أُسرةِ حمورابي في بابلَ، وتوسعتِ علی حسابِ القبائلِ المجاورةِ، ثم تمكَّنتْ منَ القضاءِ على الدولَةِ البابليةِ الأولى، وكانَ مِنْ أشهرِ حکامها:
١- سرجونُ الثاني:
تولّى الحُكُمَ سنةَ ٧٢٢ ق.م واهتمَّ بالجيشِ، فزوَّدَهُ بالعجلاتِ الحربيةِ والأسلحةِ المصنوعةِ مِنَ الحديدِ، وشجَّعَ الفنونَ والآدابَ والتجارةَ والصناعةَ.
٢- آشور بانيبال:
تولّى الحُكْمَ سنةَ ٦٦٨ ق.م. وحكمَ الإمبراطوريةَ الآشورية٤١َ سنةً، وكانَ مغرمًا بالعلم والأدبِ ، فجمعَ علومَ البابليينَ وآدابِهِمْ، وسجَّلَها على ألواحٍ طينيةٍ حفظَها في مكتبةِ نينوىَ العاصمةِ الجديدةِ للآشوريينَ .
خامساً: الكلدانيونَ: (الدولةُ البابليةُ الثانيةُ):
استقروا في جنوب بلاد الرافدين. وتزعَّمَ الأميرُ الكلدانُّي ((نابوبولاسر)) الثورةَ ضد الآشوريينَ، وأعلنَ نفسَهُ مَلكاً على بابَلَ، وأسّسَ دولةً عُرِفتْ ((بالدولةِ البابليةِ الثانيةِ)) أو المملكةِ الكلدانيةِ ٦٢٦ – ٥٣٩ ق.م.
ضمَّ نابو بولاسرُ بلادَ سومرَ وأكادَ، ثَمَ استولى على عاصمةِ الآشوريينَ ((نینوی)).
نَبوخذ نصر الثاني:
من أشهرِ ملوكِ الدولةِ البابليةِ الثانيةِ، تولَّى العرشَ سنةَ ٦٠٥ ق.م، وحكمَ أكثرَ مَنْ نصفٍ قرنٍ، قامَ بعدةِ حملاتٍ في بلادِ الشامِ، واستولى على القدسِ، واخضعَ العبرانيينَ الذين استسلَموا لهُ، فتمْ نقلُهُم إلی بابلَ.
اهتمَّ نَبوخذْ نُصّرَ الثاني بالعمارةِ، ومنْ اشھر آثاره:
١- برجُ بابلَ: ويبلغُ ارتفاعُهُ ٦٠ مترا،
وفي أسفلهِ هيكلُ الإلهِ زمردوخس.
٢- بوابةُ عشتارَ: وهي مدخلٌ ضخُمُ لشارعٍ كانَ يصِلُ بينَ القصورِ والمعابدِ، وكانت تقام فيهِ الاحتفالاتُ الدینیةُ.
٣- الحدائقُ المعلَّقةُ: وهيَ مدرَّجاتٌ زُرِعتْ بالأشجارِ المثمرةِ والأزهارِ، وكانتْ المياهُ ترفَعُ إليها بواسطةِ روافعَ، وَبنى
نبوخذ نصر في وسطِها قصراً لزوجتِهِ.
ثمَّ تعاقبَ على حكم بابلَ ملوكٌ ضعفاءُ، وتعرّضتِ البلادُ للغزوِ الفارسيِ الذي قضى على حکم الکلدانیینَ سنةً ٥٣٩ ق.م.