وتسلط الدراسة الضوء على وجود إمدادات كبيرة من المياه الجوفية الصالحة للاستخدام الزراعي في منطقة النجد، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على هذا المورد من خلال توزيع معدلات الاستخراج والمشاريع التنموية المقترحة على مواقع مختلفة لتجنب التركيز الزائد في مناطق محددة، مثل محافظة النجد. منطقة ششر، التي شهدت توسعًا زراعيًا كبيرًا خلال العقد الماضي. ولذلك فإن التخطيط الاستراتيجي للأنشطة الزراعية المستقبلية ضروري للحفاظ على الموارد المائية.
وتسلط الدراسة الضوء على ضرورة الحد من الآبار غير القانونية من أجل تنظيم ومراقبة معدلات استخراج المياه بشكل فعال. وتوصي بتوسيع شبكة مراقبة المياه الجوفية في جميع أنحاء منطقة النجد، وتنفيذ برنامج مراقبة منتظم للمزارع الكبيرة وحقول الآبار غير المنظمة، وتحديث قاعدة البيانات بشكل مستمر.
ويكمل المشروع الدراسة التي بدأت في عام 2014، بما يتماشى مع الجهود المستمرة لتقييم الموارد المائية في حوض النجد. وتهدف هذه الجهود إلى التحديد الدقيق للموارد المائية المتاحة في المنطقة واستكشاف استغلالها المستدام من خلال نموذج رياضي يقوم بتقدير احتياطيات المياه الجوفية، مما يضمن استدامتها على المدى الطويل.
وقال المهندس علي بن بخيت بيت سعيد مدير دائرة الموارد المائية بمحافظة ظفار لوكالة الأنباء العمانية إن الدراسة غطت مساحة واسعة تبلغ حوالي 89 ألف كيلومتر مربع في نجد. وأشار إلى أن الوزارة نفذت مشاريع حفر استكشافية في منطقة النجد في الأعوام 2003 و2007 و2012 بهدف مراقبة وتقييم الأوضاع المائية في حوض النجد.
وأوضح أن منطقة النجد تتميز بمناظرها الصحراوية الصخرية، حيث تتدفق من خلالها وديان كبيرة، وتغطي الكثبان الرملية ما يقارب 10 بالمائة من مساحتها الشمالية. قدمت الدراسة رؤى قيمة حول الخصائص الهيدروليكية والهيدروجيولوجية لموارد المياه الجوفية في المنطقة. كما قام بتقييم حجم المياه الجوفية التي يمكن استخراجها بشكل مستدام، مع الأخذ في الاعتبار آثار التنمية الزراعية الحالية والمستقبلية.
كما أكد على الدور الحاسم للمشروع في جمع وتحليل ودراسة بيانات المياه لمنطقة النجد. ويشمل ذلك تحديد معدلات التغذية السنوية لاحتياطيات المياه الجوفية، وتقييم معدلات الاستخراج الحالية والمستقبلية، ووضع نموذج رياضي لإدارة موارد المياه الجوفية في المنطقة وتحفيز طبقات المياه الجوفية الأربعة الرئيسية في المنطقة (أ، ب، ج، د).
وقد اعتمدت عملية النمذجة على تحليل وتوثيق شامل للبيانات المتوفرة في منطقة النجد، وذلك باستخدام نظام (MODFLOW) المعترف به دولياً. هذا النموذج الرياضي قابل للتكيف مع الظروف الهيدرولوجية المختلفة.
تعد طبقة أم الرضمة الجوفية جزءًا مهمًا من نظام المياه الجوفية الواسع غير المتجدد الذي يمتد عبر شبه الجزيرة العربية. وقد تراكمت هذه المياه الأحفورية، المخزنة داخل تكوينات الحجر الجيري، خلال فترة زيادة هطول الأمطار منذ حوالي 30 ألف سنة.
يحتوي حوض النجد على أربع طبقات مياه جوفية متميزة، تحتوي على احتياطيات كبيرة من المياه غير المتجددة. وهذه الاحتياطيات مناسبة في المقام الأول للاستخدام الزراعي، حيث أن جودتها لا تلبي المعايير العمانية لمياه الشرب أو الاستهلاك البشري.
وبناءً على البيانات التي تم جمعها، تم تطوير النموذج الرياضي للفترة من 2014-2023 لمحاكاة ظروف الطبقات الجوفية الأربعة، وخاصة الطبقات C وD، وهي الأكثر انتشاراً في منطقة النجد. وسيدعم هذا النموذج الإدارة المستدامة والتقييم والرصد المستمر لموارد المياه الجوفية في المنطقة.
ونظراً للزيادة المطردة في استخدام المياه منذ عام 1995، حيث ارتفع من حوالي 19 مليون متر مكعب في ذلك العام إلى حوالي 81 مليون متر مكعب بحلول عام 2013، ويصل إلى ما يقرب من 139 مليون متر مكعب في عام 2021، فإن هناك حاجة ملحة للرصد والتقييم العلمي من أجل الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة وضمان استدامتها.
وتقدر الاحتياجات المائية المتوقعة لمشاريع التنمية الرئيسية الحالية والمستقبلية في منطقة النجد بنحو 275 مليون متر مكعب. ويشمل ذلك 139 مليون متر مكعب مخصصة للمشروعات الزراعية القائمة، والتي تغطي حاليًا 54 ألف فدان، مع خطط للتوسع بـ 27 ألف فدان إضافية. وتتركز هذه المشاريع في عدة مناطق رئيسية، منها ثمريت، وحنفيت، ودوكة، وقطبيت، والشسر، وسيح الخيرات، والمزيونة، والحشمان، وميتان.
ولتعزيز هذه الجهود، تعمل وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه بنشاط على تثقيف المزارعين حول مزايا تنفيذ أنظمة الري الذكية واختيار أوقات الري الأمثل. يتم الترويج لهذه الأساليب باعتبارها حيوية لتقليل استهلاك المياه، وزيادة إنتاجية المحاصيل، ورفع جودة المنتج. وتؤكد الوزارة أيضًا على الأهمية البالغة للالتزام باللوائح، والتي تشمل الحصول على التصاريح المطلوبة، واتباع المعايير الفنية المعمول بها لحفر الآبار، وصيانتها، وتنظيفها، وتعميقها، ومراقبة حدود استخدام المياه يوميًا. وتعتبر هذه التدابير ضرورية للحفاظ على موارد المياه الجوفية وحمايتها من الإفراط في استخراجها والتلوث.