
بيلا: مدينة عريقة في شمال مصر
مدينة بيلا هي إحدى المدن المصرية التاريخية الواقعة في أقصى شمال مصر، وتتبع إداريًا محافظة كفر الشيخ. تُعد بيلا عاصمة مركز يحمل نفس الاسم، وهي تتمتع بتاريخ طويل وموقع جغرافي مميز، بالإضافة إلى دورها الإداري والثقافي في المحافظة. في هذا المقال، نسلط الضوء على تاريخ المدينة، سكانها، تقسيمها الإداري، والسمات المميزة لها.
التاريخ العريق لبيلا
مدينة بيلا ليست وليدة العصر الحديث؛ بل تمتلك تاريخًا قديمًا يمتد لعدة قرون. ورد اسمها في الوثائق التاريخية باسم “بيولا”، وذلك في العديد من المصادر الإدارية القديمة. في أعمال الروك الصلاحي التي جمعها ابن مماتي، وُصفت بيلا كواحدة من قرى أعمال الغربية، وهو التصنيف الإداري الذي كان شائعًا في العصر الأيوبي.
كما ذُكرت المدينة في كتاب “التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية” لابن الجيعان، والذي أحصى القرى المصرية في عصر الروك الناصري. واستمر ذكرها في العصور العثمانية باسم “بيولا”، حيث أُدرجت ضمن قرى ولاية الغربية وفقًا للتربيع العثماني الذي أجراه سليمان باشا الخادم في عهد السلطان سليمان القانوني. ومع بداية العصر الحديث، وتحديدًا في عام 1228هـ/1813م، ظهرت باسم “بيلا” ضمن القرى التي شملها مسح محمد علي باشا، لتصبح جزءًا من مديرية الغربية قبل أن تتبع محافظة كفر الشيخ لاحقًا.
السكان
تُعد مدينة بيلا مركزًا حضريًا مكتظًا بالسكان في محافظة كفر الشيخ. وفقًا للتعداد السكاني لعام 2006، بلغ عدد سكان المدينة حوالي 67,211 نسمة. يتوزع السكان بين 33,320 ذكرًا و33,891 أنثى، مما يبرز التوازن الديموغرافي في المدينة. تتميز بيلا بحيوية سكانها وتنوعهم الاجتماعي، حيث يعمل العديد منهم في الزراعة، التجارة، والحرف اليدوية، إلى جانب الوظائف الإدارية والخدمات.
التقسيم الإداري لمركز بيلا
تُعتبر بيلا عاصمة المركز الإداري الذي يحمل اسمها. يتكون مركز بيلا من أربع قرى رئيسية، بالإضافة إلى 10 قرى توابع وأكثر من 222 عزبة. هذا التقسيم يعكس الأهمية الإدارية والاقتصادية للمدينة في الإقليم. فيما يلي استعراض للقرى الرئيسية وتوابعها:
1. أبشان:
- القرى التابعة: العالمية، كوم الحجنة، دار السلام، البياض.
- تُعد أبشان منطقة زراعية غنية وتشتهر بزراعة المحاصيل الأساسية مثل الأرز والقمح.
2. الكوم الطويل:
- القرى التابعة: الكراكات، عمارة، الكشكوة، الوقف، الخمسين، المحضى، القواسم، الناصرية.
- تُعرف الكوم الطويل بالأراضي الزراعية الخصبة التي تُستخدم في زراعة الخضروات والفاكهة.
3. كفر الجرايدة:
- القرى التابعة: الشطوط، كفر قتة، كفر العجمي، الحوة.
- تتميز كفر الجرايدة بأنها مركز للحرف اليدوية والتجارة المحلية.
4. أبو بدوي:
- القرى التابعة: حاذق، الهمة، أبو مرزوق.
- تشتهر أبو بدوي بتربية الماشية والإنتاج الحيواني إلى جانب الزراعة.
الطابع الجغرافي لبيلا
تقع بيلا في موقع استراتيجي شمال مصر، حيث تطل على دلتا النيل، مما يمنحها تربة زراعية غنية وخصبة تُستخدم في زراعة مجموعة واسعة من المحاصيل الزراعية مثل القمح والأرز والقطن. يُعد المناخ المعتدل الذي يسود المنطقة عاملًا مهمًا في دعم النشاط الزراعي على مدار العام.
الحياة الاقتصادية
تُعتبر الزراعة النشاط الاقتصادي الأساسي في بيلا والمناطق المحيطة بها، حيث يعتمد السكان على زراعة المحاصيل الرئيسية مثل الأرز والقمح والفواكه. كما تسهم الصناعات اليدوية والتجارة المحلية في تعزيز النشاط الاقتصادي للمدينة.
الثقافة والمجتمع
يمتزج في بيلا الطابع الريفي الأصيل مع الحياة الحضرية، مما يخلق مجتمعًا مميزًا يتسم بالترابط العائلي والعادات والتقاليد الأصيلة. تتميز المدينة أيضًا بوجود عدد كبير من المدارس والمساجد التي تعكس اهتمام سكانها بالتعليم والثقافة. تقام في المدينة والمناطق المحيطة بها العديد من الاحتفالات الدينية والمناسبات الاجتماعية التي تُظهر الروح الجماعية والتآلف بين سكانها.
أهمية بيلا في السياق المحلي
باعتبارها عاصمة لمركز بيلا، تلعب المدينة دورًا محوريًا في إدارة شؤون الإقليم وتقديم الخدمات الحكومية للمناطق المحيطة. كما تمثل مركزًا تجاريًا وزراعيًا هامًا يوفر الموارد والمنتجات للسوق المحلي، مما يعزز مكانتها بين مدن محافظة كفر الشيخ.
التحديات والتطلعات
مثل العديد من المدن المصرية، تواجه بيلا تحديات تتعلق بالبنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية. ومع ذلك، فإن الجهود الحكومية والمجتمعية المستمرة تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة، من خلال مشاريع تنموية تهدف إلى تحديث البنية التحتية وتعزيز الخدمات التعليمية والصحية.
ختامًا
بيلا، هذه المدينة العريقة التي تحمل إرثًا تاريخيًا يمتد عبر العصور، تستمر في لعب دورها كمركز حيوي في محافظة كفر الشيخ. بفضل موقعها الجغرافي المميز، وتنوعها السكاني، وثراء أراضيها الزراعية، فإن بيلا تعد نموذجًا مصغرًا للروح المصرية التي تجمع بين الأصالة والحداثة. ومع تطور المدينة المستمر، تُظهر بيلا قدرتها على التكيف مع التحديات المستقبلية، مع الحفاظ على طابعها الفريد.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30352