القطاع الصناعي يقود النمو الاقتصادي في سلطنة عمان
وكان أبرز المساهمين في هذا النمو الصناعات الكيميائية الأساسية التي شهدت زيادة بنسبة 6.4% والصناعات التحويلية الأخرى التي نمت بنسبة 6.3%، حيث ارتفع الناتج في هذه القطاعات إلى 338.2 مليون ريال عماني و545.2 مليون ريال عماني على التوالي.
العوامل المحفزة للنمو الصناعي
أعرب سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة عن ارتياحه للنمو السريع الذي يشهده القطاع الصناعي في السلطنة، مؤكداً أن القطاع الصناعي في السلطنة يتفوق على المتوسط العالمي، ففي حين نما الإنتاج الصناعي العالمي بنسبة 0.9% فقط في الربع الأول من عام 2024، شهدت الصناعات التحويلية في السلطنة توسعاً أكبر بسبب الدعم الحكومي القوي والتركيز على تعزيز المنتجات المحلية للأسواق المحلية والدولية.
وعزا الدكتور ماسن نجاح القطاع إلى تبني تقنيات جديدة في إدارة سلسلة التوريد، مما ساعد على تبسيط العمليات وتعزيز كفاءة الإنتاج. كما طبقت العديد من المصانع العمانية أنظمة تتبع متقدمة وتقنيات لوجستية، مما ساهم في تحقيق نمو مستدام على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية مثل تقلب أسعار الطاقة وانقطاعات سلسلة التوريد. بالإضافة إلى ذلك، تكيف المصنعون العمانيون استراتيجيًا مع التغيرات في أسعار المواد الخام والطاقة، مما جعلهم أكثر مرونة في مواجهة الضغوط الخارجية.

الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار
القدرة التنافسية المتزايدة لسلطنة عمان
حظيت جهود عُمان في التنمية الصناعية بتقدير عالمي، حيث احتلت السلطنة المرتبة 53 عالميًا والرابعة إقليميًا في مؤشر الأداء الصناعي للتنافسية 2024 الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو). ويعكس هذا الترتيب فعالية سياسات عُمان الرامية إلى تحسين القدرة التنافسية لقطاعها الصناعي.
وتواصل وزارة التجارة والصناعة وتشجيع الاستثمار دعم القطاع من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم الحوافز الضريبية وتسهيل الحصول على الائتمان، الأمر الذي سهل على المستثمرين تأسيس وتوسيع أعمالهم. بالإضافة إلى ذلك، توفر الحكومة الأراضي والخدمات بأسعار تنافسية للمشاريع الصناعية، مع التركيز بشكل خاص على الصناعات ذات الأولوية العالية والتقنيات المتقدمة.
تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في التصنيع
ولتعزيز هذا القطاع، تستثمر عُمان في البحث والتطوير والتقنيات الرقمية والأتمتة. وقد أنشأت الوزارة مراكز بحثية لتعزيز الابتكار ودعم الشركات الناشئة من خلال حاضنات التصنيع. ويضمن التعاون مع المؤسسات الأكاديمية التطبيق العملي للبحث العلمي والتقني في الصناعة. وعلاوة على ذلك، تشجع الوزارة استخدام الأتمتة والذكاء الاصطناعي في المصانع، مما يحسن كفاءة ودقة عمليات الإنتاج مع خفض التكاليف.
وأكد الدكتور ماسن على أهمية تبني الحلول الرقمية مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت ذات أهمية متزايدة لتحديث قطاع التصنيع في عُمان. ومن خلال الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار، تسعى عُمان إلى جذب الاستثمارات الأجنبية في الصناعات المتقدمة ووضع نفسها كقائدة في التقدم التكنولوجي في المنطقة.
نمو الصادرات والشراكات الدولية
كما أدى نمو القطاع الصناعي في عُمان إلى زيادة كبيرة في الصادرات غير النفطية. وبحلول نهاية مايو 2024، ارتفعت الصادرات غير النفطية بنسبة 11.2٪، لتصل إلى 3.045 مليار ريال عُماني وتمثل 31٪ من إجمالي صادرات الدولة. ومن بين قصص النجاح البارزة الارتفاع الهائل في الصادرات إلى كوريا الجنوبية، والتي زادت بنسبة 1000٪، مدعومة باتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية. بلغت الصادرات إلى كوريا الجنوبية خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024 288 مليون ريال عُماني، مدفوعة بمنتجات مثل النافثا والميثانول والألمنيوم والأسماك.
ومع دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ بشكل كامل، من المتوقع أن ترتفع الصادرات العمانية غير النفطية بشكل أكبر في السنوات القادمة. وتهدف الاتفاقية إلى خفض أو إلغاء التعريفات الجمركية وتعزيز المنافسة بين الأسواق، وتعزيز الاقتصادات المفتوحة والتعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية.
الآفاق المستقبلية والمبادرات الاستراتيجية
تحدد الاستراتيجية الصناعية العمانية 2040 رؤية الحكومة للنمو المستدام للقطاع. وتشمل المبادرات الرئيسية الترويج للمنتجات الوطنية في الأسواق المحلية والدولية، وتنمية الموارد البشرية للقطاع الصناعي، وتحديث البنية الأساسية. وتتعاون وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار مع مختلف الجهات لتقديم برامج تدريبية متخصصة وتعزيز الابتكار في القوى العاملة.
وأكد مازن بن حميد السيابي مساعد المدير العام للصناعة أن الحكومة تعمل بشكل فاعل على دعم ريادة الأعمال الصناعية من خلال تنظيم الفعاليات التجارية وتوفير التسهيلات التصديرية، مشيرا إلى أن هذه المبادرات، إلى جانب الاستثمارات الاستراتيجية في البنية الأساسية، تهدف إلى تعزيز الناتج الصناعي وخلق فرص عمل جديدة.
من المتوقع أن يظل القطاع الصناعي في عُمان ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والتنويع. ومع استمرار الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار والبنية الأساسية، فإن القطاع في وضع جيد لتحقيق النمو المستدام والمساهمة في الأهداف الاقتصادية طويلة الأجل للبلاد بموجب رؤية عُمان 2040. — ONA