القطاعات الاقتصادية وأبرز الأنشطة في الصين
أولاً: الزراعة
تمتلك الصين (١٫٢٢) مليون كم٢ من الأراضي الصالحة للزراعة، والتي تمثل ١٣٪ من المساحة الكلية للصين في عام ٢٠١٠م، وتتركز المناطق الزراعية في الشمال والشمال الشرقي ومجرى نهر اليانجتسي الأوسط والأسفل ودلتا نهر اللؤلؤ وحوض سيتشوان.
على الرغم من النمو السكاني السريع والتحولات الاقتصادية، فإن الصين لا تزال البلد الزراعي الأول في العالم تبعًا لنتائج الإحصاء الزراعي الأول عام ١٩٩٨م لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). مع ذلك فإن مكانة القطاع الزراعي في الاقتصاد الصيني لم تعد تحظى بأهميتها السابقة نتيجة للتطور السريع للأنشطة غير الزراعية، ومع ذلك تظل الزراعة المصدر الأول للمعيشة لشريحة كبيرة من سكان الصين. وتبلغ نسبة العاملين في الزراعة ٦٠٪ من نسبة العمال الصينيين.
وتعاني المناطق الريفية والزراعية عموما من مشاكل طبيعية وبشرية. وأخطر المشاكل الطبيعية هي مشكلة التصحر وتآكل التربة حيث تصل نسبة الأراضي المعرضة للتصحر إلى حوالي (٣٧٪)، ويزداد تفاقم هذه المشكلة نتيجة للأسباب الآتية:
زيادة مساحة الأراضي الصحراوية التي تشكل ثلث المساحة الإجمالية للبلاد.
الجفاف الذي يسيطر على المناطق الشمالية من البلاد .
الإفراط في استغلال الأراضي الزراعية .
وبالمقابل تعمل الحكومة الصينية على مواجهة هذه المشكلة بالعديد من المشاريع التي توقف استمرار التصحر حفاظا على البيئة الأحيائية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولتحقيق الأمن الغذائي والمائي والبيئي. وكانت النتيجة زيادة حجم الإنتاج الزراعي وارتفاع دخل المزارع من (٨٢) دولارًا إلى (١٦١) دولارًا سنويًّا. ومن أهم المحاصيل الزراعية في الصين الحبوب والأرز حيث تصل مساهمة الصين من الإنتاج العالمي من الأرز إلى (٢٨,٧٪) لعام ٢٠١١م، وتتركز زراعة الأرز في الحوض الأسفل من حوض نهر اليانجتسي، حيث تتميز هذه المنطقة بانبساطها وانخفاض أراضيها وتنتشر بها الأنهار والبحيرات فيوفر ذلك الموارد المائية اللازمة للزراعة، وتنتشر بالمنطقة نفسها زراعة الشاي وتربية دودة القز.
يعد الأرز المصدر الأساسي للغذاء بالنسبة إلى الصينيين. وفي الماضي كان الناس يحيون بعضهم بعضًا بعبارة “هل تناولت أرزك اليوم؟”.
وعلى المدى الطويل حافظت الصين على نمو سريع في إنتاج الحبوب وقطاعات التشجير وتربية الدواجن والأسماك، وقد أسهم ذلك في النمو السريع وارتفاع مستوى معيشة الفرد. وتطمح الحكومة إلى تعزيز قطاع الزراعة وتطويره من خلال زيادة مساحات الأراضي الزراعية ورفع إنتاج الحبوب ومساعدة المزارعين بإنشاء صناديق لإعانتهم.
ويعتبر نهر اليانجستي هو أطول أنهار الصين، وهو ثالث أطول نهر بالعالم بعد النيل والأمازون. ويعد سد “الأودية الثلاثة” على نهر اليانجستي أشهر مشروع هيدروليكي في العالم، حيث بدأ إنشاؤه عام ١٩٩٤م، وهو أكبر مشروع للطاقة الكهربائية في الصين.
ثانيًا : الصناعة
اعتمدت الصين في بناء هيكلها الاقتصادي على تطوير الصناعة الحديثة وإنعاش قدرات الإنتاج الصناعي ببناء قواعد وأحزمة صناعية حول المدن. وساعدت وفرة المعادن على ازدهار الصناعة في الصين، حيث إنها تمتلك جميع أنواع المعادن تقريبًا، وتحتل مركز الصدارة في احتياطي العديد من الأنواع لاسيَّما الفحم. ومن أهم القواعد الصناعية التي أُنشئت في أولى
فترات الإصلاح الاقتصادي قواعد صناعة الحديد والصلب في مدينتي آنشان وتبشي في شمال شرقي الصين الغنيتين بالموارد المعدنية. وتتمتع هذه المدن بأسس صناعية جيدة .
إضافة إلى إنشاء مجموعة من المؤسسات الصناعية الرئيسية الكبيرة الحجم في العديد من المدن مثل بكين. واهتمت الصين بتوزيع الصناعات الاستراتيجية لتعزيز القوة الصناعية في البر الصيني، كما استطاعت أن تؤسس نظامًا صناعيًّا واسع النطاق يشمل القطاعات المختلفة . وتميزت الصناعة الصينية بقدرتها على مواجهة الصناعات الأخرى ذات الجودة العالية
من خلال إنتاج سلع شبيهة لها بأسعار وكلفة أقل، ففتح ذلك سوقا عالمية. وفيما يلي بعض من أهم الصناعات الناشئة في الصين :
صناعة السيارات :
شهدت صناعة السيارات نموا سريعا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما جعلها في المرتبة الأولى في عام ٢٠١١م بمعدل إنتاج
١٨,٤١٨ مليون سيارة وبنسبة ٢٣٪ من الإنتاج العالمي للسيارات. وتتجه صناعة السيارات في الصين نحو نمطين مختلفين
هما:
أ- استيراد قطع غيار السيارات وتجميعها في الصين. وقد واجهت الحكومة هذا النمط برفع الرسوم الجمركية عن هذه القطع .
ب- ابتكار سيارات جديدة بعلامات صينية خاصة ، ويتطلب ذلك تحفيز الإبداع والاعتماد على القوة الذاتية. وقد تم دمج العديد من شركات السيارات الصغيرة لتشكيل شركات كبرى تعزيزا لقدرتها البحثية والتصنيعية والتصميمية الكاملة وزيادة حجم الإنتاج للأسواق الداخلية والخارجية.
صناعة الأجهزة الكهربائية المنزلية :
تشهد هذه الصناعة نموا وانتشارا لافتين في الأسواق التجارية في الصين، حيث ارتفع حجم مبيعاتها السنوي من (٨٪) إلى (١٤٪) خلال السنوات الأخيرة، ويقبل المستهلكون على هذه الصناعات لأسباب عدة منها الشركات التنافسية الجديدة التي تظهر في الأسواق التي تقدم تصاميم جديدة منافسة وبأسعار أقل، إضافة إلى الشركات القديمة في هذا المجال، كما أن هذه الصناعة تشجع المستهلكين باقتصادها للطاقة. ومن أبرز هذه الصناعات أجهزة التلفاز، والألعاب المحمولة، والثلاجات،
والغسالات، أجهزة الميكرويف، وغيرها الكثیر.
ومن أبرز الصناعات في الصين :
الحديد والصلب والمنسوجات الصوفية والقطنية والحريرية بسبب تربية دودة القز والسيارات والمعدات الثقيلة والطائرات والمعدات الزراعية والإلكترونيات.
وتعتمد الصناعات على مدى توافر مصادر الطاقة، ونظرًا للنمو الاقتصادي الهائل الذي حققته الصين فإن حاجتها إلى مصادر الطاقة المختلفة زادت، وتحولت من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة في هذا المجال، فمثلاً ازدياد معدل النمو الاقتصادي
(١٠٪) في السنوات الأخيرة استدعى زيادة الإنتاج من الطاقة الكهربائية ما بين (١٣ و١٤٪) لمواكبة هذا النمو. وتحاول الصين حماية البيئة والمحافظة عليها باتباع الأسلوب الذكي للطاقة (الأقل هدرا)،
وفرض المزيد من قوانين الرقابة البيئية للتقليل من التلوث في المدن الکبرى.
ثالثاً: الخدمات
صاحبت النمو الاقتصادي زيادة هائلة في أعداد سكان المدن وأعداد المدن نفسها. لا يرتكز الاقتصاد في الصين على قطاع الخدمات مثل: اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، ويعود ذلك إلى قوة القطاع الزراعي في البلاد واعتماد السكان والدولة عليه. مع ذلك فإن هذا القطاع يعد القوة الدافعة والمحفزة للنمو الاقتصادي لاسيما فيما يتعلق بمجال المواصلات والاتصالات والسياحة والمالية والمطاعم والبيع والنقل. ويرحب المجتمع الصيني بالخدمات الاجتماعية واستغلالها خاصة تلك التي تهدف إلى تسهيل معيشة المواطنين.
ولا تزال هناك بعض المصاعب التي تواجه قطاع الخدمات الناشئ تتم معالجتها بوضع القوانين وتوحيد معايير الممارسات التسويقية والتجارية والالتزام بها لضمان استمرارية نمو هذا القطاع.
