اقتصاد

الطاقة حياة العالم

الطاقة حياة العالم

للطاقة في حياة الإنسان موقع لا يدانيه شيئ آخر، فاستمرار الحياة نفسها رهن بحصول الإنسان على الطاقة من الغذاء
ليستخدمها في مختلف أعماله.

وكانت النار – وهي الصورة الحرارية للطاقة – أولى صور الطاقة التي عرفها الإنسان، فأصبح يستخدمها في حياته اليومية المعتادة. واستمرت الطاقة ملازمة للإنسان، وتتجدد بينهما العلاقة وتزدهر بالتعرف إلى صور الطاقة الأخرى والاستفادة منها.

ويختلف توزع موارد الطاقة المتاحة من منطقة إلى أخرى على الأرض، فهي قد تتركز في أماكن معينة بينما تخلو أماكن أخرى من هذه الموارد، فالبلاد المتقدمة التي تؤوي حوالي ربع سكان العالم تمتلك ثلثي موارد الوقود الأحفوري وتستهلك أيضًا حصة أكبر منه؛
ففي الولايات المتحدة أقل من ٦٪ من سكان العالم ولكنها تستهلك ٣٠٪ من كل الطاقة. أما الهند التي فيها ما يناهز ٢٠٪ من سكان العالم فلا ينالها إلا ٢٪ من الطاقة العالمية.

وكما يختلف توزع الطاقة في العالم، تختلف أيضاً نوعية الوقود المستخدم في إنتاج الطاقة وكميته وأساليب استخدامه من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر، فالوقود الذي استخدمه الإنسان في الماضي يختلف عنه في يومنا هذا؛ فقد استخدم في الماضي الأخشاب ومخلفات الحيوانات لتدفئة منزله وطهي غذائه، أما اليوم فنجده يحرق الفحم والنفط والغاز لتوليد الطاقة في وسائل نقله من مكان إلى آخر، ويستخدمها في تدفئة مسكنه وطهي طعامه. ومن خلال عملية ميكانيكية يتم فيها احتراق هذا الوقود مما ينتج عنه طاقة حرارية تمكن الإنسان من تسيير مركباته و إضاءة ليله. وما نشاهده اليوم من مخترعات وأجهزه وأدوات كلها أصبحت في متناول الإنسان نتيجة لاستخدامه للوقود الذي أسهم بطريقة مباشرة في تسيير المركبات أو
غير مباشرة عن طريق إنارة المنشآت العمرانية والمدن.

الطاقة … من المصادر التقليدية إلى المصادر الحديثة:
تنقسم المصادر الأولية للطاقة إلى قسمين : مصادر متجددة، ومصادر غير متجددة، والرسم التالي يوضح ذلك.

المصادر الاولية للطاقة


قبل الثورة الصناعية كان الإنسان يستخدم القوة الجسدية وقوة الحيوان (بعد استئناسه) في تحريك وإدارة أدواته التقليدية التي استخدمها في حياته اليومية مثل أدوات الري كالزاجرة في الشكل التالي

الزاجرة

واستخدم الإنسان الأخشاب كوقود للتدفئة وطهي الطعام ثم بدأ يستخدمها لبناء مسكنه وصنع قوارب للتنقل.

وبعد أن عرف الإنسان الشراع بدأ يستغل سرعة الرياح في عملية التنقل المائي، وفي القرن الثالث عشر الميلاد ياستخدم الإنسان الفحم في توليد الطاقة اللازمة للصناعة، وتدرج استخدام الإنسان لمصادر الوقود من عصر إلى آخر. (جدول ١).

جدول يوضح تطور استخدام الطاقة في العالم


ومن الصعوبة تحديد الفترة التاريخية لاستخدام بعض مصادر الطاقة، حيث أنها مرتبطة بمن استخدمها في البداية وبالأقاليم أو الدول التي بدأت هذا الاستخدام. وكذلك بعض مصادر الطاقة التي مازالت قيد التجارب والإنتاج، وعلى الرغم من التقدم الذي حدث في بعض تقنيات الاستخدام لدى بعض دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية حيث نجد أن بعض هذه الدول حققت تقدما في استخدامها، ولكن بعض مصادر الطاقة الجديدة لا تمثل إلا جزءًا صغيرًا من إنتاج الطاقة واستهلاكها في هذه الدول. فتسهم الطاقة الشمسية المستخدمة في بعض الدول المتقدمة بنسبة ١٪ فقط من جملة مصادر الطاقة المتجددة.

إنتاج الطاقة واستهلاكها :
من المهم الإجابة عن بعض التساؤلات حول إنتاج الطاقة واستهلاكها والتي من أهمها :
ما الوضع الراهن لإنتاج الطاقة في العالم؟ .. ما المصادر الأكثر شيوعًا في إنتاج الطاقة حاليا؟ ولماذا؟ .. ما أبرز المناطق العالمية إنتاجا للطاقة؟ وما أبرز الدول المستوردة لها؟ .. وما الواقع الحالي لاستهلاك الطاقة؟ .. ما العوامل المؤثرة في أسعار الطاقة؟ … وكيف نفسر تأثير تقلبات أسعار الطاقة على التنمية الشاملة؟

هل تعلم

يقاس إنتاج الطاقة بالوحدة الحرارية البريطانية (Quadrillion British Thermal Unit (BTU)) الوحدة الحرارية البريطانية الواحدة تساوي ١٠٢٤ واط تقريبا. الواط: هو الطاقة الكهربائية التي يستهلكها الجهاز في الساعة الواحدة.

(OECD) اختصار لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتضم ثلاثين دولة.

تتباين معدلات إنتاج الطاقة الأولية، واستهلاكها من إقليم إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، ويمكن إرجاع أسباب ذلك إلى مدى
التطور الاقتصادي، والثقافة المستخدمة، والمستوى المعيشي للإقليم. ويوضح الشكل التالي تطور التزود بمصادر الطاقة في العالم خلال الفترة (من ١٩٧٣ – ٢٠٠٤م).

شكل يوضح التزود بالطاقة في العالم حسب الأقاليم العالمية من (١٩٧٣-٢٠٠٤م).

ويختلف نصيب الفرد من الطاقة، أيضا، من إقليم إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، وتتأثر كمية استهلاك الطاقة أو الوقود بالمستوى الاقتصادي للدولة وبالتالي المستوى المعيشي للسكان ومستوى دخل الفرد.
ويوضح الشكل التالي متوسط نصيب الفرد من الطاقة التجارية في العالم.

متوسط نصيب الفرد من الطاقة التجارية في العالم
استهلاك الطاقة في العالم حسب نوع الوقود.

هل تعلم :

إن الطاقة التي تستخدمها الدول ذات الدخل المنخفض في صحارى أفريقيا أقل سبع مرات مما تستهلكه الدول ذات الدخل المرتفع في العالم .

وأن (٢٥٪) فقط سكان القارة الأفريقية يستطيعون الحصول على الطاقة، وأن (٥٦٪) من مجموع الطاقة المستخدمة يأتي من مصادر تقليدية كالخشب والمخلفات النباتية والحيوانية، وأن أكثر من عشرين دولة تستخدم المصادر التقليدية للطاقة يوجد ١٧ منها في قارة أفريقيا، ودولتين منها في قارة آسيا. وواحدة في أمريكا الجنوبية.
لقد أسهم تزايد الطلب على الطاقة من المصادر التقليدية (الخشب والمخلفات النباتية) في تقلص مساحات الغابات في بعض الدول، فمثلاً: فقدت الدول ذات الدخل المنخفض حوالي (٤٥ ألف) كلم٢ من الغابات بين عامي (١٩٩٠-٢٠٠٥م) يضاف إلى ذلك فقدان (٣٨ألف) كم٢ في الدول ذات الدخل تحت المتوسط.

أمن الطاقة … تنافس أم تعاون … ؟
لا تقتصر أهمية الطاقة على مستهلكيها سواء أكان هذا الاستهلاك مرتفعًا أم منخفضًا، بل إن أهميتها تكمن في كون الطاقة
ومصادرها يفرض على كل من المنتج أو المستهلك أن يتعايشوا في بيئة يحصل كل واحد منهم على المردود الأمثل من إنتاج الطاقة و استهلاکها.

ومن هنا علينا أن ندرك الحقيقة القائلة: ((إن المنتجين بحاجة إلى الطلب الآمن، بينما المستهلكون بحاجة إلى الإمدادات الآمنة، وأن الدور الأساسي لسوق الطاقة هو التوفيق بين هاتين الحاجتين)). فكيف نحقق ذلك ؟

قدرت الوكالة الدولية للطاقة (Intermational Energy Agency) (IEA) في عام (٢٠٠٥م) أن صناعة الطاقة العالمية سوف تتطلب استثمارات لا سابق لها بحدود (١٦) تريليون دولار أمريكي خلال السنوات الثلاثين القادمة، وأن الصناعات تحتاج إلى الطاقة لإنتاج السلع في حين يحتاجها الأفراد للحفاظ على نوعية حياتهم، وأن البلدان المنتجة تريد أسعارًا منصفة تمكنها من العثور على إمدادات النفط وتطويرها وإنتاجها، وأن الدول المستهلكة تحتاج إلى طاقة بأسعار معقولة تبني عليها اقتصادها.

فما الوضع القائم بين هذه القوى التنافس أم التكامل؟ فإن كان تنافسًا فكيف يمكن إيجاد سبيل للتخلص من هذا التنافس؟ هل الحل في المناداة بإيجاد قواعد جديدة تتسم بالشفافية؟ أم في المناداة بضرورة التعاون والتفاهم بين الدول للوصول إلى حل مرضي للأطراف المعنية؟

وللوصول إلى حل مقنع فإنه ينبغي أن ندرس فوائد كل من المنافسة والتعاون، ومضارهما.

يبدو أن المنافسة في مجال سوق الطاقة مضرة لكل من المنتجين والمستهلكين، والدليل على ذلك ما حدث من أزمات سابقة في الطاقة نتيجة الاختلاف في وجهات النظر السياسية. كما يحدث التنافس أيضًا ضد القوانين المنظمة لإنتاج النفط، مثل معارضة الدول الكبرى لنظام أوبك لحصص الإنتاج، أو الجدل القائم حول الخصخصة أو التأميم لقطاع الطاقة.
وهناك التنافس القائم بين التنمية الاقتصادية والمسؤولية البيئة (استدامة البيئة) بمعنى أنه كيف يمكن تحقيق النمو الاقتصادي بصورة مفيدة وفي الوقت نفسه نلبي متطلبات التنمية البيئية المستدامة؟

وفي المقابل نجد أن التعاون والتفاهم والحوار قد أوجد الكثير من الحلول المفيدة لتأمين إمدادات الطاقة للمستهلكين والحصول على عوائد مجزية للمنتجين والدليل على ذلك، ما نراه من مشاريع شراكة عملاقة بين الدول والشركات متعددة الجنسيات في مجال الغاز أو النفط في مناطق كثيرة من العالم مثل روسيا والمكسيك والسعودية وكذلك سلطنة عُمان.

وخلاصة القول أنه من الخطأ أن نتساءل من الذي سيربح؟ البلدان المنتجة أم المستهلكة؟ الصناعات المنتجة أم الصناعات
المستهلكة؟ البلدان الصناعية أم البلدان النامية؟ صناعات الطاقة التقليدية أم الناشئة ؟

الطاقة والبيئة … سبب ونتيجة :

من أين يأتي معظم ما يستخدمه الإنسان الآن من طاقة؟ … وما العوامل المؤثرة في ازدياد استهلاك الطاقة؟ … وكيف يؤثر
استخدام الوقود الأحفوري على البيئة والتنوع الحيوي؟ … كيف يسعى شركاء الطاقة إلى حماية البيئة؟ وهل هناك دلائل على نجاح هذه المساعي؟ … كيف ستؤثر بدائل الطاقة المستقبلية على البيئة؟

وتتلخص عوامل ازدياد استهلاك الطاقة على مستوى العالم في ازدياد أعداد السكان، وتنوع حاجاتهم للطاقة، محاولة منهم لرفع مستوياتهم المعيشية والاقتصادية . ولقد أدت العوامل السابقة إلى الاستهلاك المفرط للوقود الأحفوري (الفحم، والبترول، والغاز الطبيعي) الأمر الذي نتج عنه تأثيرات سلبية على البيئة أهمها:

١) التلوث الناتج عن حرق الوقود نتيجة انبعاث أكاسيد كل من الكربون والكبريت والنيتروجين، وهذه لها تأثيرات سلبية على
مناخ الكرة الأرضية.
٢) تلوث مياه البحار والمحيطات والمياه الجوفية الناتج عن تسرب البترول أو مشتقاته.
٣) تلوث التربة الذي قد يضر بالتنوع الحيوي على الأرض.

إن المساعي التي يبذلها شُركاء الطاقة لحماية البيئة والحد من الآثار السلبية لحرق الوقود الأحفوري، ما زالت خجولة وتواجه
الكثير من الجدل غير المقنع، ولكن من المنصف أن نقول أن معظم الدول تدرك مدى خطورة التأثيرات السلبية لزيادة استخدام الطاقة من مصادرها التقليدية (الفحم والنفط والغاز الطبيعي)، وقد أنجزت الكثير في مجال حماية البيئة من هذه التأثيرات. نذكر منها:
١) سن القوانين والتشريعات البيئية المنظمة لاكتشاف صناعة الطاقة وإنتاجها .
٢) إبرام الاتفاقيات الدولية التي تحدد الأسس المعتمدة والمقاييس الملزمة في مجال الطاقة .
٣) تشجيع البحث العلمي ودعم التطور التكنولوجي في سبيل إنتاج طاقة نظيفة، أو إنتاج سيارات تستهلك القليل من الطاقة، أو استخدام التوربينات الغازية لتوليد الكهرباء، وابتكار أجهزة لحجز الكربون واصطياده.
٤) البحث عن بدائل أخرى للطاقة من غير الموارد الناضبة. وفي هذا المجال تبرز طاقة الهيدروجين، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الحيوية، وغيرها من موارد الطاقة المتجددة.

طرق حجز الكربون ودفنه

من هم شركاء الطاقة …
١- الحكومات، وما تمثله من سياسات وأنظمة وقوانين.
٢- شركات أو قطاعات الإنتاج.
٣- المستهلكين (قطاع النقل، وقطاع توليد الكهرباء والصناعة، والأفراد في المنازل).

ماذا نقصد بحجز الكربون :
يتم ابتكار أجهزة خاصة توضع في المداخن تعمل على اصطياد غاز ثاني أكسيد الكربون (Co2) الذي ينطلق مجتمعًا
من المداخن، ويمكن نظريًا بعد اصطياده التخلص منه بدفنه في المحيطات، أو في مكامن النفط أو الغاز الناضبة، أو في
التشكيلات الجيولوجية، أو بإعادة حقنه في مكامن النفط المنتجة كوسيلة لدعم الاستخلاص البترولي. وتطبق هذه الطريقة
حاليًا في عدد من الدول، وقد تكون كندا أحد الأمثلة. أما فيما يتعلق بتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في الطبقات
الجيولوجية العميقة، فإن هذه الطريقة مستخدمة حاليًا في النرويج.

مواضيع مشابهة

طرح أربعة مواقع جديدة لتعدين الجبس في مزاد علني بظفار

bayanelm

قطاع الهيدروجين الأخضر يفتح فرص عمل وتوطين كبرى في عُمان

bayanelm

OQEP تحتفل بإطلاق هويتها التجارية الجديدة

bayanelm