
التوسع والفتوحات في الدولة الفاطمية
بعد استقرار الأمور للفاطميين في إفريقية، قرروا التوسع في أراضي المغرب الأقصى (مراكش). نشأ نزاع مع حكام الأدارسة في المغرب، حيث تمكن القائد الفاطمي موسى بن أبي العافية من هزيمتهم في سنة 312هـ. ولكن بعد هذا الانتصار، تمرد موسى بن أبي العافية على الفاطميين وتحول ولاؤه إلى عبد الرحمن الناصر لدين الله أمير الأندلس. ورداً على ذلك، أرسل الإمام عبيد الله المهدي ابنه أبا القاسم في عام 315هـ لاستعادة السيطرة على المغرب، وهو ما تحقق بعد معركة ناجحة.
كما اضطُرَّ الفاطميون لخوض حرب مع الخوارج في المغرب، حيث ثار عليهم خارجي يُدعى “أبا زيد”، ونجح الفاطميون في القضاء على ثورته في سنة 336هـ على يد الخليفة المنصور بنصر الله، الذي أسس مدينة “المنصورية” لتكون عاصمة الفاطميين في إفريقية. وبعد وفاة الخليفة المنصور في 341هـ، تولى ابنه المعز لدين الله، أحد أبرز حكام الفاطميين.
الفاطميون ومصر
كانت مصر في عهد الفاطميين تحت حكم الدولة الإخشيدية، وقد حاول الفاطميون الاستيلاء على مصر عدة مرات في السنوات بين 302هـ و332هـ، ولكنهم فشلوا أمام جيش الإخشيديين بقيادة محمد بن طغج. وبعد وفاة آخر حكام الإخشيديين، أبي المسك كافور في سنة 357هـ، دخلت مصر في حالة من الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، ما جعلها عرضة للغزو الفاطمي. فاستغل الفاطميون هذه الظروف وأرسلوا جيشاً بقيادة جوهر الصقلي في عام 358هـ، الذي استطاع فتح مصر بسهولة. ومنذ ذلك الحين، بدأ الفاطميون في بناء قاعدة لهم في مصر.
بناء القاهرة المعزّية
أمر جوهر الصقلي فور وصوله مصر ببناء مدينة جديدة لتكون عاصمة للفاطميين. وتم تأسيس “القاهرة المعزّية” في 17 شعبان سنة 358هـ. كانت القاهرة مدينة متعددة الأعراق، حيث تم تقسيمها إلى أحياء مخصصة للبربر والصقالبة والروم. وسرعان ما أصبحت القاهرة مركزاً سياسياً وثقافياً للفاطميين.
التوسع في بلاد الشام والحجاز
في سنوات لاحقة، واجه الفاطميون تحديات من دول أخرى في المنطقة، مثل القرامطة. على الرغم من محاولات القرامطة لاحتلال القاهرة، نجح الفاطميون بقيادة جوهر الصقلي في صد هجماتهم. ومع مرور الوقت، تمكن الفاطميون من السيطرة على بلاد الشام في سنة 363هـ، واستولوا على الحجاز بعد هزيمة أشراف الحجاز، مما جعل الدولة الفاطمية تمتد من المغرب حتى مشارف العراق.
النتائج والتأثير
بحلول منتصف القرن العاشر الميلادي، كانت الدولة الفاطمية قد أصبحت واحدة من أقوى الإمبراطوريات في العالم الإسلامي، مع امتدادها من المغرب الأقصى في الغرب إلى مشارف العراق في الشرق. وقد أسهم الفاطميون في نشر المذهب الشيعي الإسماعيلي وأثروا بشكل كبير في ثقافة العالم الإسلامي.
بالإضافة إلى التوسع العسكري، كانت الدولة الفاطمية متميزة بتطوير النظام الإداري، وعملوا على تحسين الزراعة والتجارة، واهتموا بتطوير المدن التي أسسوا فيها مشاريع كبيرة مثل الجامع الأزهر الذي بدأ بناؤه في 359هـ.
الخلاصة
تُعتبر الفتوحات الفاطمية فترة حاسمة في تاريخ شمال إفريقيا والشرق الأوسط. من خلال استغلال الأزمات السياسية والاقتصادية في المناطق المجاورة، تمكن الفاطميون من تأسيس دولة قوية امتدت على مساحات واسعة من الأراضي، وأثروا في التاريخ السياسي والديني للمنطقة بشكل كبير.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30443