تاريخ

التراث العالمي وثقافة السلام

التراث العالمي وثقافة السلام

التراث .. والسلام
يتطلب التراث كثيرا من الاهتمام على المستويين المحلي والعالمي، كما أن حمايته والحفاظ عليه من أحداث الزمن وتأثيراته أمر يحتم علينا جميعا الاهتمام بهذا الموروث الذي خلفّه لنا أجدادنا وصنعوه من وحي تسامحهم، واحترامهم المتبادل.

ولكي يتم الاعتناء بما أنجزه الإنسان لا بد لنا جميعا أن نتعاون ونتفاهم من أجل ثقافة السلام التي هي أساس الحياة، والتي منها ولأجلها نحقق طموحاتنا وآمالنا ونساهم في بناء كوكبنا وندفع بعجلة تقدمه و ازدهاره.

فمنذ إنشاء منظمة اليونسكو وهي تعمل على ربط مسألة حماية التراث العالمي بالسلام والأمن الدوليين، فخصصت سنة ٢٠٠٠م ((سنة دولية لثقافة السلام))، وحددت فيها عناصر ثقافة السلام المتمثلة في احترام الحياة بكل أنواعها، دون تمييز بين البشر على هذه الأرض، ونبذ العنف بكافة أشكاله المؤدية إلى الأضرار الجسدية والجنسية والنفسية والاقتصادية الاجتماعية، لاسيما عند الأطفال والمراهقين والنساء. كذلك التعاون والتضامن والإسهام في تنمية المجتمعات ذكورا وإناثا في حدود الاحترام المتبادل ومبادئ الديمقراطية، والعدل والحرية والتسامح وحقوق الإنسان. إن مواقع التراث العالمي تساعدنا على فهم ثقافة السلام من خلال الإبداعات الرائعة للطبيعة والإنسانية التي لا تنضب، بل تكثر وتتجدد بفكر الإنسان وروعة إبداعاته حقبة بعد حقبة.

وفي أثناء الحروب يتعرض كثير من المواقع التراثية الثقافية منها أو الطبيعية لدمار وقصف وإبادة، وتتضرر بالتالي مرافق الدولة وتتعطل حركة الاقتصاد السياحي فيها. ومن الأمثلة على ذلك ما حصل لمعالم مدينة وارسو التاريخية ببولندا من أسواق وكنائس وغيرها في عام ١٩٤٤م في أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد أعادت الحكومة بناء معالم مدينة وارسو وأدرجت في قائمة التراث العالمي عام ١٩٨٠م.

وفي عام ١٩٥٤م تبنت الأمم المتحدة في مؤتمر لاهاي حماية الممتلكات الثقافية في حالة حدوث نزاع مسلح، وعلى الجميع
التقيّد بالأحكام الصادرة، وهي التقليل من النزاع المسلح في مواقع التراث الثقافي، ووضع استراتيجيات لحماية تلك المواقع، وتنظيم قوات عسكرية مهمتها حماية تلك المواقع الأثرية. كما أن الابتعاد عن الحروب هو طريق السلام، وإن التفاهم
والتسامح بين الشعوب يحفظان هذا التراث الرائع الذي أبدع في صنعه الإنسان والطبيعة في حقبة تاريخية سالفة، ولذلك فإن إنقاذ التراث الطبيعي والثقافي له أهمية كبيرة في حياة الإنسان بشكل عام.

مواقع التراث .. رمز السلام
يدل كثير من مواقع التراث العالمي على معاني السلام والعدل والحرية وحقوق الإنسان، فتعطي الإنسانية فضاءً رحبا لتحقيق
الآمال والأحلام التي ترسمها مخططات أذهان الأجيال لحياة ملؤها السعادة والوئام. وترسل لنا المواقع الأثرية رسالة يجب أن نعمل من أجلها ألا وهي رسالة السلام لتستمر الحياة عبر الأزمان، وتذكّرنا بين حين وآخر بأن السلام يجب أن ينتشر ويعم كل الناس في هذا الكو کب، خاصة وأننا نحن بني البشر نقترب الآن من بعضنا بعضا بفضل فكر الإنسان وإبداعاته واختراعاته، لذا تكاتفت المجتمعات الدولية في الحفاظ على هذا التراث وعملت على صونه وحمايته حتى يستمر في إرسال رسائل السلام.

ويعد (ووترتون) الجليدي الدولي للسلام رمزا من رموز السلام، وهو عبارة عن متنزَّه يشتمل على بحيرات متعددة وأنهار جلیدية، يقع على الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. وقد أدرج هذا الموقع في قائمة التراث العالمي سنة ١٩٩٥م، فهو يرمز إلى السلام الدائم والأمن بين الدولتين الجارتين، فقد أعطى هذا الموقع رسالة سلمية بعيدا عن الحروب والتعصب والعنف، وذلك لأن التمتع بالجمال الطبيعي يصفي الذهن ويعزز التفكير الإيجابي المبدع ويحافظ عليه ويهتم به ليبقى مدى الدهر للجميع.

منتزه ووترون

قُبَّةُ جيناكو في هيروشيما باليابان هي الأخرى أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي للسلام في عام ١٩٩٦م، والأهمية البالغة للقبة تكمن في أنها الوحيدة التي بقيت، رغم قربها من مركز انفجار القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما في أغسطس ١٩٤٥م التي راح ضحيتها ما يقرب من (١٤٠,٠٠٠) شخص.

قبة جيناكو باليابان

ومنذ عام ١٩٥٢م أصبحت القبة متنزَّها ونصبا تذكاريًا للسلام، وهي بذلك تحذر الأجيال القادمة من ويلات الحروب ومخاطرها.

مواضيع مشابهة

انجازات الاوائل طريق المستقبل

bayanelm

جمهورية الصين الشعبية والعلاقات العمانية

bayanelm

عالمنا نحو مستقبل مشرق للانسانية

bayanelm