تاريخ

الامامة في عمان (132-280 هجري-749-893 ميلادي)

الامامة في عمان (132-280 هجري-749-893 ميلادي)

  • لماذا كانت البصرةُ مَطنَ المذهبِ الإباضيّ؟
  • كيفَ كانت عَلاقَةُ عُمانَ بالدولةِ العباسيَّةِ؟
  • ما أهمُ الْمنجزاتِ الحضاريَّةِ الغمانيَّةِ في عهدِ الإمامةِ؟

كانتْ عُمانُ منْ أوائِلِ البلدانِ في شِبهِ الجزيرةِ العربيةِ التي دخلتْ في الإسلامِ طَوْعًا، فقدْ بعثَ الرَسولُ ، الصحابيَّ عَمْرَو بنَ العاصِ برسالةٍ إلى مَلِكَيْ عمانَ يومَئذٍ جيفرَ وعبدِ ابني الجُلَنْدَى يدعوهُما وقومَهما إلى الإسلامِ، فأَسلما وأسلمَ الناسُ، فَأقرَّ الرسولُ اََّّ،عَمْرُو بنَ العاصِ عامِلاً له علی عُمانَ يَجْمَعُ الصَّدقاتِ.

وبقي عَمْرُو بْنُ العاصِ في عُمانَ إلى أنْ بلَغَهُ خبرُ وفاةِ النبِيِّ ِ، فعادَ إلى المدينةِ ومَعَهُ وَفْدٌّ من أهْلِ عُمانَ على رأْسِهِ عبدُ بْنُ الجُلَنْدَى ليقدِّموا التعازيَ إلى خليفةِ رسولِ الله ، أبي بَكْرِ الصدّيقِ رضيَ اللهُ عَنْهُ، وقد أثْنى أَبو بَكْرٍ على أهلِ غُمانَ، وأقرَّ جيفرَ وأخاهُ على مُلْكِ عُمانَ، وبَعْدَ وفاتِهِما حَكَمَ عُمانَ عُبادُ بْنُ عبدِ بْنِ الجُلَنْدَى، وذلكَ في خِلافَةِ عُثمانَ بنِ عفَانَ وعليٍّ بنِ أبي طالب رضيَ اللّهُ عَنْهما.

وعِندما انْتقلَ الحُكْمُ من الخلفاءِ الراشدينَ إلى الأمويينَ، واجهتِ الدَّولةُ الأمويةُ حركاتِ مُعارضَةٍ قويةً من بيْنِها، حركةُ الإباضيةِ. والإباضيةُ مَذَهَبٌ إسلاميُّ أسَّسهُ فقيةٌ من أزدِ عُمانَ سكنَ البصرةَ هوَ الإمامُ جابرُ بنُ زيدٍ، وانضمَّ إليهِ الأَزدُ وغيرُهم من قبائلِ البصرةِ. ولكنَّ هذا المذهبَ لم يُنْسبْ إلى الإمامِ جابرِ بنِ زيدٍ، وإنما نُسِبَ إلى أحدِ تلاميذهِ وهو الإمامُ عبدُاللهِ بنُ إباضِ التميميِّ.

وعِندمَا تُوفّيَ الإمامُ جابِرٌ سَنَةَ ٩٣هـ، خَلَفهُ في رئاسَةِ المذهبِ الإباضيِّ تلميذه أبو عبيدةَ مُسلمُ بنُ أبي كريمةَ الذي قامَ بإرسالِ حَمَلَةِ العِلَّم لنَشرِ المذهبِ الإباضي في مُختلِفِ أرجاءِ البلادِ الإسلاميةِ.

كانت غمانَ في الفترات التي خضعت فيها للدولة الأموية تتُبغ البصرة، فالوالي الذي كان يحكم البصرةَ كان يحكمُ غمان أيضاً، وذلكَ لأنَّ البصرةَ وغمانَ مرتبطتان ببعضِهما بالطريقِ البحريّ عَبْر مياهِ الخليجِ العربيِّ، وبالطريقِ البريِّ عَبْرَ الإحساءِ التي تقغ
اليومَ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ،وكانتْ نتيجةُ ذلكَ أنْ أصبحتْ البصرةُ المكانَ المفضَّلَ لِهجرةِ العُمانيينَ والسكنِ فيها، كما كانتْ تجارةُ عمانَ عَبْرَ العِراقِ لا تمرُّ إلا عَبْرَ البصرةِ، وتجارةُ البصرةِ لا تَصِلُ إلى المشرقِ إلاّ عَبْرَ عمانَ.

نشرَ حَمّلَةُ العِلْمِ الذينَ جاءوا مِنَ البصرَةِ المذهبَ الإباضيَّ في عُمانَ، فاستجابتْ لهمَّ مُعظمُ القبائلِ الأَزْديةِ، وعندَما قامتِ الدولةُ العباسيةُ عَينَتْ جُناحَ بنَ عُبادَةَ الهنائي والياً على عُمانَ، ثمَّ عزلتْهُ وعيَّنتْ ابنَهُ محمدَ بنَ جُناحٍ، وفي عهدِهِ أَعلنَ
الغُمانيونَ عن قيام الإمامةِ في عُمانَ ببيَعْةِ الجُلَنْدَى ابنِ مسعودِ سنة ١٣٢هـ فكان ذلكَ أوّلَ إعلانٍ لاستقلالِ عُمانَ عنِ الدولةِ العباسيةِ.
ولم تُعَمَّرْ هذهِ الإمامةُ طويلاً إذَّ سرعانَ ما أرْسَلَ الخليفةُ العباسيُّ أبو العباسِ السَّفاحِ حَمْلَةً عسكريةُ بقيادَةِ خازمٍ بنِ خُزَيّْمةَ انتهتْ باستِشهادِ الإمامِ وإعادَةِ عُمانَ إلى سيادةِ الدولةِ العباسية سنةَ ١٣٤هـ.

من هم حملة العلم الى عمان؟

  • موسى بنُ أبي جابر الأزكويُّ .
  • بشيرُ بنُ المنذرِ النزوائيُّ.
  • منيرُ بنُ النيِّرِ الرياميُّ.
  • محمدُ بنُ المعلا الكندي.
  • محبوبُ بنُ الرحيلِ المخزوميُّ

استمرَتْ غُمانُ خاضعَةً للدولةِ العباسيةِ حتَّى سنةِ ١٧٧ هـ حيثُ اجتمعَ عددٌ من علماءِ الإباضيةِ، وقرّروا انتزاعَ عُمانَ من سلطَةِ الدولةِ العباسيةِ، فبايعوا محمدَ بنَ أبي عفَانَ إماماً على عُمانَ، ثم عزلوهُ واختاروا الوارِثَ بنِ كعب الخروصيِّ سنةَ ١٧٩هـ وفي عهدِهِ أرسلَ الخليفةُ العباسيُّ هارونُ الرشيدُ حملةَ عسكريةَ لمنَّعِ استقلالِ عُمانَ ، ولكنَّ الحملةَ فشلتْ، وحافظتْ عُمانُ على استقلالِها.
وهكذا تكوَّنَتْ الإمامةُ الثانيةُ في عُمانَ التي استمرَّتْ لأكثر من مائةَ سنةٍ أصبحتْ عُمانُ خلالَها مَرْجِعَ المذهبِ الإباضيِّ لكلِّ أتباعِهِ، وتولَى خلالَ تلكَ الفترةِ عددٌ منَ الأئمة المشهورينَ الذين ضَربوا أروعَ الأمثلةِ في العدلِ. وشهَدِتْ عُمانُ ازدهاراً ورخاءً، وأصبحتْ نزوى عاصمةَ الإمامةِ في عُمانَ حتَّى سُمِّيتْ (بيضةَ الإسلامِ) لكَثْرَةِ من كانَ فيها منَ العلماءِ وأَهْلِ الصلاحِ .

ضَعُفَتِ الإمامةُ في عُمانَ في عهدِ الإمامِ عزَانِ بنِ تَميم الخروصيَّ نتيجة لاختلافِ القبائِلِ العُمانيةِ فيما بينَها، فَطَلب بعضُها معونةٌ منَ الدولةِ العباسيةِ فأسرَعَ الخليفةُ العباسيُّ المُعتَضِدُ (٢٥٦-٢٧٩هـ) بإرسالِ جيش إلى عُمانَ بقيادَةِ محمدٍ بن نور، فاستولى على مدنِ عُمانَ، ودَخلَ نزوى، وأكثرَ منَ القَتّْلِ والإفْسادِ، وأعادَ عُمانَ إلى سيطرةِ الدولةِ العباسيةِ، ولأَجُلِ ذلكَ سمّاهُ العُمانيون مُحمدَ بنَ بورٍ .
وانقطعتِ الإمامةُ في عُمانَ مدةً أربعينَ سنةَ ثمَّ أَخَذتْ تَظْهُرُ وتَختفي بَيْنَ حينٍ وآخرَ بِحَسَبِ قوةِ الدولةِ العباسيةِ وَضَعْفِها، وكانَ آخِرُ إمامٍ مُحمدَ بنَ خَنْبَشٍَ وانتقلَ الحكمُ منْ بعدِهِ إلى النباهِنَةِ سنةَ ٥٥٧هـ.

مواضيع مشابهة

الحضارة الإسلامية في وسط آسيا وجنوبها

bayanelm

الحوار بين المنهجية وشروط النجاح

bayanelm

الحضارة المصرية القديمة

bayanelm