الاكتشافات الجغرافية ونتائجها
دوافع قيام الاكتشافات الجغرافية
ارتبطت الاكتشافات الجغرافية بالنهضة الأوروبية ، فقد تهيأت للمكتشفين سفن أكثر صلابة وسعة وتجهيزاً مقارنة بالسفن السابقة ، كما أن اكتشاف البوصلة واستخدامها في الملاحة البحرية ، أسهم بصورة فاعلة في تحديد الاتجاهات ، وسهولة الوصول إلى البلاد الجديدة .
تعددت عوامل قيام الاكتشافات الجغرافية ، وتنوعت جنسيات المكتشفين ودوافعهم ، فبعض هؤلاء كان تاجراً ويبحث عن مكان جديد لتسويق تجارته والعودة بسفنه محملة بالسلع والبضائع من المناطق التي يصل إليها، وكان الطلب في تلك الفترة
على أنواع معينة من السلع التجارية ، أبرزها التوابل والبهارات والحرير.
كانت الهند والصين ، ومعظم مناطق جنوب شرقي آسيا، هي المصدر الأساسي للحرير والتوابل، ولكن الطريق إليها عبر البحر المتوسط والبحر الأحمر فالمحيط الهندي (طريق الحرير البحري)، وكذلك طريق الحرير البري ، كان محفوفا بالمخاطر ، فقد تعددت الدول التي كانت تسيطر على هذه الطرق ، وقامت كل دولة بفرض أسعار عالية على ما تبيعه من بضائع للأوروبيين .
كان الأوروبيون بأمس الحاجة إلى هذه السلع ، ولكن أسعارها مرتفعة ، ويتعرض قسم منها للتلف، من طول الرحلة وسوء التخزين ، فبدأوا بالبحث عن طريق جديد يصلهم بالهند مباشرة دون اللجوء إلى شراء هذه السلع من التجار الإيطاليين ، فيحصلون بذلك على سلع رخيصة، ونوعيتها جيدة، وتصل إلى بلادهم بسرعة وبسھولة .
لم تكن التجارة هي السبب الوحيد للاكتشافات الجغرافية ، فلقد توافرت لدی بعض المكتشفين رغبة في البحث عن الذهب ، بينما فكر آخرون في نشر الديانة المسيحية في الأراضي الجديدة ، وأبحر بعضهم بعيداً للبحث عن أراضٍ جديدة بناء على رغبة ملو کهم، حیث اشتد التنافس في هذه الفترة بين ملوك أوروبا وأمرائها لتوسيع ممتلكاتهم بالبحث عن مواقع جديدة .
من أسباب قيام الاكتشافات الجغرافية :
البحث عن طرق تجارية جديدة تعطي الأوروبيين حرية التجارة وتوفر لهم السلع التي يحتاجونها دون وسيط تجاري.
نشر الديانة المسيحية في الأراضي المكتشفة .
الرغبة في الثراء السريع بالبحث عن مواطن الذهب ومصادره .
التنافس بين الدول الأوروبية لزيادة ممتلكاتها من الأراضي.
بدأت الاكتشافات الجغرافية بالجهود البرتغالية التي قادها الأمير هنري ابن ملك البرتغال (١٣٩٤-١٤٦٠)، الذي أنشأ مدرسة للبحارة وبناء السفن، ومن أشهر المكتشفين البرتغاليين ، فاسكو دي جاما الذي كان يهدف إلى اكتشاف طريق جديد يربط بين البرتغال والهند. وفي عام ١٤٩٧م غادر البرتغال بأربع سفن مجهزة.
واعتبر هو ورفاقه أول المكتشفين الأوروبيين الذين يتجهون لاستكشاف آسيا بالدوران حول قارة أفريقيا، حيث وصلوا
الهند وجهزوا سفنهم بما يحتاجونه من التوابل والبهارات، ثم عادوا ثانية إلى البرتغال، بعد رحلة استغرقت عامين، وتعد
هذه الرحلة بداية لرحلات متعددة، تمكن فيها البرتغاليون من إقامة المستعمرات والمراكز التجارية على طول الطريق
إلی الهند.
دخل الإسبان ميدان التنافس على اكتشاف أراضٍ جديدة، بهدف امتلاكها والإفادة من خيراتها، وفي الوقت الذي كان فيه الأوروبيون يعتقدون بأن الأرض مستوية، كان كريستوفر كولمبوس يفكر بالرحلة من أوروبا إلى الهند، فأبحر عام ١٤٩٢م عبر المحيط الأطلسي،
وكانت رحلته طويلة وشاقة، وبعد أسابيع من الرحلة شاهد كولمبوس وبحارته من بعيد جزءاً من اليابسة، فنزلوا هناك، وفي اعتقادهم أنهم وصلوا الهند، ولكنهم في الحقيقة نزلوا بعض الجزر الواقعة على ساحل أمريكا الجنوبية. وكانوا بذلك أول مجموعة أوروبية تصل إلى أمريكا الجنوبية، والتي أطلق عليها كولمبوس ((العالم الجديد)).
وحاول فيردناند ماجلان البحث عن طريق جديد نحو الهند ، معتقداً أن بإمكانه الإبحار حول أمريكا الجنوبية ، ففي عام ١٥١٩م أبحر من إسبانيا غرباً بخمس سفن، وتمكن هو ورفاقه من الدوران حول أمريكا الجنوبية ، وعبور المضيق الذي عرف ، فيما بعد، بمضيق ماجلان .
كانت رحلة ماجلان طويلة وشاقة ، وواجهت السفن العديد من المصاعب والأهوال ، ومات عدد كبير من البحارة ، بل إن
ماجلان نفسه مات في إحدی جزر المحيط الهادي، وتمكنت سفينة واحدة فقط من الصمود ، والتوجه غرباً نحو السواحل
الأفريقية ثم العودة إلى إسبانيا ، وعلى متنها ١٨ ملاحاً ممن كتبت لهم النجاة . وهم الذين سجل لهم التاريخ أنهم أتموا
رحلة ماجلان بالدوران حول الأرض ، وإثبات كرويتها بعد ثلاث سنوات من الإبحار.
كان للإنجليز دور فى الاكتشافات الجغرافية ، فقد فكّروا، أيضاً ، باكتشاف طريق جديد يصلهم بالهند، ففي عام
١٤٩٧م أبحر الإنجليزي ((جون كابوت)) من الجزر البريطانية واتجه غرباً، واكتشف أجزاء من أمريكا الشمالية ، ولكنه لم
يجد طريقاً جديداً إلى آسيا ، وأعلن ملك بريطانيا أن جميع ما اكتشفه كابوت يعد أرضا تابعة للتاج البريطاني .
وسار الفرنسيون على نهج من سبقهم من المكتشفين، متطلعين إلى امتلاك الأراضي وإيجاد طرق تجارية جديدة، وتوفرت الرغبة لدى الفرنسي ((جاك كارتييه)) الذي أبحر عام ١٥٣٤م من فرنسا إلى أمريكا الشمالية، واكتشف هناك نهر ((سانت لويس)) في ” كندا”، وحقق إنجازا لدولته فرنسا حيث اعتبرت الأراضي المكتشفة في كندا أرضاً فرنسية.
كان للاكتشافات الجغرافية نتائج عدة ، أبرزها:
التطور في صناعة السفن والمعدات البحرية للإبحار مسافات بعيدة ، ولمدة طويلة .
إثبات كروية الأرض بعدما كان الأوروبيون يعتقدون بأنها مسطحة .
اطلع الأوروبيون على ثقافات حضارات أخرى كانت قائمة في العالم الجديد .