مدخل الى علم المساحة
يُعد علم المساحة (Surveying) الأساس لتخطيط وتنفيذ معظم المشاريع الهندسية على سطح الأرض، مثل إنشاء المباني والطرق والمطارات والسدود وشق قنوات الري، ولا تقتصر أهمية علم المساحة في الأعمال الهندسية فحسب، بل تعتمد عليه عددٌ من العلوم الأخری، مثل علم الجغرافيا وعلوم البحار والعلوم الزراعية والعسكرية، ويُعرف علم المساحة بأنه: العلم الذي يختص بقياس المواقع النسبية للظواهر على سطح الأرض أو بالقرب منه، بحيث تظهر بمواقعها الصحيحة بعد رسمها على الخرائط.
تطور علم المساحة
ترجع بدايات علم المساحة إلى آلاف السنين، منذ آن بدأ الإنسان في تشييد المدن والآثار الضخمة في الحضارات المختلفة.
فقدماء المصریین استخدموا علم المساحة في مجالات متنوعة، مثل قياس الملكيات الزراعية وتحديدها لجمع الضرائب، إذ
كانوا يستخدمون الحبال المدرّجة في قياس المسافات.
أما اليونانيون فقد اخترعوا أول جهاز في المساحة لقياس الارتفاع، عُرف بالديوبتر (Diopter) ، كما أولى الرومان
اهتمامًا بالغًا بعلم المساحة لإنجاز الأعمال الإنشائية المختلفة؛ حيث اخترعوا العديد من الأدوات المساحية التي استخدموها في حساب الارتفاع عن سطح البحر وتحديد الاتجاهات.
وساهم العلماء المسلمون مساهمة فعّالة في تطور علم المساحة؛ فقاموا بقياس المسافات بين المدن وأطوال السواحل والطرق، كما اهتموا بقياس الزمن، وبنوا العديد من المراصد، واخترعوا عددًا من الأجهزة لقياس الزوايا وتحديد الاتجاهات، ويُعد الإسطرلاب (Astrolabe) من الأجهزة التي طورها المسلمون، واستخدموها في مجالات عديدة، واشتهر عدد من العلماء المسلمين في مجال المساحة منهم الإدريسي والبلخي والمسعودي والبتاني والبيروني وغيرهم.
أضف إلى معلوماتك
الإسطرلاب
آلة فلكية قديمة أطلق عليه العرب ذات الصفائح، وكلمة إسطرلاب من أصل يوناني، وتعني «قياس النجوم»، ولا يُعرف على
وجه التحديد من اخترع الإسطرلاب، ولكن يُقال أن مخترعه هو اليوناني كلاوديويس البطلمي، واستخدم العرب الإسطرلاب في تحديد المواقع في البحار ومعرفة التوقيت وتحديد اتجاه القبلة وغيرها من الاستخدامات.
وبرع العمانيون في مجال المساحة، ويُستدل على ذلك من خلال نظام الأفلاج التي تُعد معلمًا هندسيًا وحضاريًا يؤكد براعة العمانيين في توظيف علم المساحة واستخدام المقاييس، والأدوات المساحية والهندسية المختلفة في شق الأفلاج، واستخراج المياه وتوزيعها.
ومع بداية عصر النهضة في أوروبا اهتمت حكومات الدول بعلم المساحة كمرحلة مهمة من مراحل إنتاج الخرائط، فبدأت بأخذ قياسات عن سطح الأرض؛ لاستخدامها في رسم الخرائط الإدارية للدولة، وخرائط توزيع الموارد الطبيعية، ومع التقدم العلمي والتقني في القرن العشرين تطور علم المساحة تطورًا ملحوظًا، واتسعت تطبيقاته؛ فاختُرع العديد من الأجهزة المساحية الحديثة، كما اعتُمد على الأقمار الصناعية في أخذ القياسات المختلفة عن الظواهر الجغرافية الموجودة على سطح الأرض.