
اليمن الساساني: مرحلة من تاريخ اليمن القديم
تعد اليمن الساساني واحدة من المراحل التاريخية المهمة في جنوب شبه الجزيرة العربية، حيث كانت إحدى المقاطعات التابعة للإمبراطورية الساسانية في أواخر العصور القديمة. هذه المنطقة التي تتطابق تقريباً مع حدود اليمن الحديثة شهدت العديد من التحولات السياسية والاجتماعية التي أثرت في تاريخ المنطقة.
التاريخ والاحتلال الفارسي
على الرغم من أهمية هذه الفترة، إلا أن الساسانيين لم يتركوا بقايا أثرية واضحة في اليمن، وتستند المعلومات المتوفرة عن الاحتلال الفارسي إلى مصادر مؤرخين مسلمين وبعض الإشارات التي ذكرها مؤرخون من العصر البيزنطي. في القرن التاسع الميلادي، ذكر بطريرك القسطنطينية، فوتيوس، في إحدى كتاباته أن خسرو، ملك الفرس، قد أطلق حملة ضد الإثيوبيين، الذين كانوا حلفاء للرومان في المنطقة، وسمح للفرس باحتلال مناطق في اليمن.
إحدى المصادر التاريخية التي تذكر هذا الاحتلال، هو كتاب “شهرستانهای ایرانشهر” الذي أشار إلى أن الملك الفارسي فريدون قد بنى مدينة حِميَر بعد أن قتل ملكها، مسروق، مما أدى إلى إخضاع الأرض تحت السيطرة الفارسية.
الاحتلال الساساني في اليمن: بداية الغزو
في عام 570 ميلادي، استعان سيف بن ذي يزن، القائد الحميري، بالفرس لمساعدته في طرد الاحتلال الحبشي من اليمن. استجاب كسرى أنوشروان لهذا النداء وأرسل جيشًا بقيادة القائد الفارسي وهرز، الذي ساعد سيف بن ذي يزن في هزيمة الإثيوبيين وطردهم من اليمن. ومع هذا الدعم الفارسي، تم تنصيب سيف بن ذي يزن ملكًا تابعًا للإمبراطورية الساسانية.
رغم ذلك، فإن اليمن لم يشهد استقرارًا تامًا بعد هذا الحدث، حيث كانت البلاد ما تزال تخضع لسيطرة فاسدة وتابعة للفرس. اهتمام الساسانيين بالسيطرة على اليمن كان مرتبطًا بتأمين الطريق التجاري الذي يربط القسطنطينية بالهند والشرق الأقصى، وهو طريق كان له أهمية استراتيجية وتجارية هائلة في ذلك الوقت.
المرحلة الأخيرة من الاحتلال الساساني
مع مرور الوقت، وفي عام 575 أو 578 ميلادي، قُتل سيف بن ذي يزن على يد الإثيوبيين، مما استدعى عودة وهرز إلى اليمن مرة أخرى لمواصلة دعم الفرس. في هذه المرة، قام وهرز بتأسيس حامية فارسية كبيرة في اليمن وأعاد تنصيب معدي كرب، ابن سيف، ملكًا على اليمن. خلال هذه الفترة، بدأ الجنود الفرس وأسرهم في التزاوج مع السكان المحليين، وأصبح نسلهم يعرف باسم “الأبناء”.
تختلف المصادر حول تأثير الأبناء على المجتمعات المحلية، لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول مدى تأثرهم بالزرادشتية أو بالمعتقدات الدينية الأخرى في اليمن مثل الوثنية العربية الجنوبية أو المسيحية.
النهاية والتحول إلى الإسلام
استمر النفوذ الساساني في اليمن حتى وفاة كسرى الثاني في عام 628 ميلادي. بعد ذلك، أسلم باذان، آخر حكام اليمن الساسانيين، وأتباعه من الأبناء، وبدأت وفود القبائل اليمنية في التوافد إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) لإعلان إسلامهم. بعد وفاة باذان، قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتعيين ولاة على اليمن، حيث تم تقسيم البلاد إلى عدة ولايات تحت حكم الدولة الإسلامية.
على الرغم من أن الأبناء احتفظوا بهويتهم خلال الفترة الإسلامية، إلا أنهم تم استيعابهم تدريجيًا في المجتمع المحلي، ليختفوا لاحقًا من السجلات التاريخية.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30542