
علاقات الدولة الفاطمية مع دول الجوار
مع الدولة الحمدانية
كان الحمدانيون، وهم سلالة عربية شيعية إثنا عشرية، يحكمون المنطقة الممتدة بين الجزيرة الفراتية وشمال الشام، مع حلب كعاصمة لهم. وعند فتح الفاطميين لمصر، تولوا حكم المنطقة الجنوبية من الشام، بما في ذلك فلسطين ودمشق ولبنان، مما أثار قلق الحمدانيين من التوسع الفاطمي في الشمال. رغم ذلك، كان أمراء بني حمدان يقيمون الخِطبة للخليفة الفاطمي في حلب وحمص، ويرفعون الأذان “بحيّ على خير العمل، محمد وعلي خير البشر”. ومع ذلك، كانوا يعارضون وجود الفاطميين في مناطقهم، وبالتالي كانوا يساندون القرامطة في محاربتهم ضد الفاطميين.
وفي عام 364هـ، عندما تغلب أفتكين التركي (من موالي معز الدولة) على الفاطميين، عمد إلى مد نفوذه في الشام، مما دفع الفاطميين إلى إرسال جيش كبير لضم مناطق الحمدانيين. استنجد سعيد الدولة الحمداني بالبيزنطيين الذين أرسلوا قواتهم لمد يد العون له. بعد وفاة سعيد الدولة، تولى ابنه منصور الذي اعترف بالخلافة الفاطمية، وأصبحت حلب تحت الحكم الفاطمي.
لكن في وقت لاحق، تولى عزيز الدولة فاتك إمارة حلب تحت سلطته، ثم خرج عن طاعة الخليفة الفاطمي في عام 409هـ، ما دفع الفاطميين إلى إعداد الجيوش لاستعادة المدينة. لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم بعد اختفاء الحاكم بأمر الله. ومع مقتل عزيز الدولة فاتك، استعادت الدولة الفاطمية حلب، ولكنها فقدتها في النهاية لصالح المرداسيين عام 1025م.
مع الدولة الأموية في الأندلس
في إطار سياسات الفاطميين التوسعية، سعى الفاطميون إلى نشر المذهب الإسماعيلي في الأندلس، وذلك عبر إرسال دعاة مثل أبي جعفر أحمد بن محمد بن هارون البغدادي. ورغم هذه المحاولات، لم يتمكن الفاطميون من التأثير بشكل كبير في الأندلس، بسبب تعميق المذهب المالكي في المنطقة ومحاربة الشيعة من قبل الدولة الأموية. علاوة على ذلك، دعم الفاطميون الثوار ضد الأمويين في الأندلس مثل عمر بن حفصون، ما دفع الأمير عبد الرحمن بن محمد إلى اتخاذ خطوات مضادة، منها تحالف مع قبائل مغراوة في المغرب ومهاجمة الفاطميين في شواطئهم.
استمرت الصراعات العسكرية بين الفاطميين والأمويين عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث استهدفت أساطيل الفاطميين سواحل الأندلس في عدة مناسبات، كما قام الفاطميون بحملات على الأراضي الأندلسية. ومع مرور الوقت، ومع انتقال عاصمة الفاطميين إلى مصر، انخفض الاهتمام الفاطمي بالتوسع غربًا.
مع الدولة العباسية
بدأت العلاقة بين الفاطميين والعباسيين بشكل متوتر، خصوصًا بعد تأثيرات البويهيين الشيعة في الخلافة العباسية. في فترة حكم البويهيين، دعم الفاطميون العلاقات مع البويهيين، لكن مع تراجع قوة بني بويه وتنامي القوة العباسية، ساءت العلاقات بين الفاطميين والعباسيين. حاول الفاطميون التأثير في العراق وأرسلوا دعوات للإمام الفاطمي، بينما قمع العباسيون هذه المحاولات وحدثت مواجهات عدة.
مع الدولة القرمطية
القرامطة كانت طائفة شيعية انشقت عن الفاطميين بعدما اختلفوا حول عقيدة العصمة. كانت العلاقة بين الفاطميين والقرامطة في البداية طيبة، إلا أن القرامطة حاولوا التمرد على قيادة الفاطميين، وهو ما أدى إلى سلسلة من المواجهات المسلحة. لم يتردد القرامطة في التمرد، حيث هاجموا مكة في عام 930م وسرقوا الحجر الأسود، مما أثار غضب الفاطميين. وبعد عدة محاولات فاشلة من الفاطميين لاستعادة الحجر الأسود، تدهورت العلاقة بشكل كبير.
مع الدولة السلجوقية
مع بداية حكم السلاجقة في العراق والشام، ساءت العلاقة مع الفاطميين بشكل كبير. فبعد دعم الفاطميين لثورة البساسيري ضد العباسيين، انتصر السلاجقة على البساسيري وأعادوا الخلافة العباسية إلى قوتها. وفي معركة حلب، تراجع الفاطميون أمام السلاجقة الذين اجتاحوا مناطقهم. وعمقت خسارة الفاطميين حلب من موقفهم في الشام، وفي مرحلة لاحقة، نجح السلاجقة في ضم معظم الشام وفلسطين من أيدي الفاطميين.
مع الإمبراطورية البيزنطية
دخلت العلاقات الفاطمية البيزنطية في مرحلة توتر بعد أن تمكن الفاطميون من السيطرة على جزيرة صقلية وهزيمة البيزنطيين في البحر المتوسط. سعى الفاطميون لإقامة تحالفات مع دول منافسة لبيزنطة مثل بلغاريا، ولكن هذه التحالفات فشلت بسبب الخيانة البيزنطية. تبادل الطرفان الغزوات، حيث هاجم الفاطميون سواحل بيزنطة، وفي المقابل، دخل البيزنطيون مناطق الشام التي كانت تحت سيطرة الفاطميين. وأثناء عهد الحاكم بأمر الله، نجح الفاطميون في انتزاع بعض الانتصارات البرية والبحرية ضد البيزنطيين، ولكن مع بداية الحروب الصليبية، انقطعت العلاقات المباشرة.
مع مملكة بيت المقدس
في عام 1099م، وقعت مذبحة ضخمة بعد أن تمكن الصليبيون من الاستيلاء على القدس من الفاطميين. خاضت الجيوش الفاطمية معركة دفاعية ولكنها فشلت في حماية المدينة. بعد سقوط القدس، خسر الفاطميون آخر ممتلكاتهم في الشام. على الرغم من محاولات الفاطميين لاستعادة فلسطين، تمكن الصليبيون من إحكام قبضتهم على المنطقة.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30459