تاريخ

مجالات البناء الحضاري للمجتمع الاسلامي

مجالات البناء الحضاري للمجتمع الاسلامي

منذ أن قدم النبي المدينة المنورة بدأ في وضع أسس البناء الحضاري الذي سيقوم عليه المجتمع الإسلامي، والذي ينظم شؤونه وينطلق منه لأداء رسالتها السمحة التي جاءت بها للإنسانية جمعاء ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (سورة الأنبياء، الآية ١٠٧).

فالإسلام دين نظام وانتظام، شمل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والثقافية.
وتُعدُّ الهجرة إلى المدينة المنورة وما حفَّتها من تضحيات قدمها المهاجرون، وما قابلهم به الأنصار من إيثار، خطوة
مهمة في البناء الحضاري للمجتمع الإسلامي؛ لأنها تشكل تحولًا فاصلاً في تاريخ الدعوة الوليدة، فعمل الرسول على تأسيس المجتمع وفق مبادئ الإسلام وقيمه، فأصبح المسلمون في المدينة يشكلون مجتمعًا مستقلاً يعمل على إقامة مؤسساته، ويسعى إلى توثيق الروابط بين مكوناته الاجتماعية.

ما معنى حضارة؟

الحضارة لغة: بمعنى الحضر والحاضرة أي عكس البداوة، وتدل على نوع خاص من الحياة وهو الاستقرار والرُّقي.

الحضارة اصطلاحًا: هي جملة ما يقوم به أو ينتجه شعب من الشعوب في ظل دولة ما في جميع مجالات الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية والثقافية والفنية.

الحضارة الإسلامية: هي جملة ما أنتج ماديًّا ومعنويًّا في ظل دولة إسلامية.

مجالات البناء الحضاري للمجتمع الإسلامي:

شمل البناء الحضاري للمجتمع الإسلامي مجالات عدّة، أهمها ما يأتي:

١- المجال السياسي:
جاء الإسلام ليكون قوة تغيير في حياة العرب والأمم الأخرى؛ لذلك عمل الرسول وَ * على إرساء نظم سياسية ليُكوِّن للدولة
الإسلامية هويتها السياسية الحضارية التي تميزها من غيرها، ومن أهم الملامح السياسية للدولة في العهد النبوي ما يأتي:

بناء المسجد الذي أصبح مركز عبادة وقيادة، فإلى جانب أنه يلتقي فيه المسلمون للصلاة، أصبح مركزًا إداريًّا تدار منه الدولة، وفيه يستقبل الرسول 18 الوفود، ويبعث منه صحابته إلى المناطق المجاورة معلمين ومرشدين وسفراء، وفيه تعقد الرايات للسرايا والغزوات.

كتابة الصحيفة التي توضّح العلاقة بين مكونات مجتمع المدينة المنورة من المسلمين (المهاجرين والأنصار) واليهود، فكانت الصحيفة دستورًا ينظّم بناء الدولة الداخلي.

إرسال الرسل إلى عمان وأقاليم الدول المجاورة؛ لدعوتهم إلى الإسلام، كما يتضح من الشكل .

خريطة رسائل النبي محمد لملوك الدول المجاورة

إرساء نظام مبني على “الشورى” بين المسلمين؛ ليكون منطلقًا لنظام الحكم في الدولة، فنظام الشورى يفتح المجال لأفراد المجتمع للمشاركة في البناء الحضاري؛ وذلك بتقديم المشورة التي تضمن لمجتمعهم صلاحه و تطوّره.

٢- المجال الاجتماعي:
يتضمن الدين الإسلامي أحكامًا وقيمًا تنظم جوانب المجتمع وتلبي احتياجات الناس، لذلك عمل النبي على وضع الأسس الاجتماعية في مجتمع أراده أن يكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا، ومن أبرز هذه الملامح:
أ- الصلح بين الأوس والخزرج بعد صراعات مريرة كانت بينهم في الجاهلية.
ب- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وما تبع ذلك من تضحيات كبيرة من جانب الأنصار الأمر الذي وثّق العلاقة بين مكونات المجتمع الإسلامي.
ج- تقوية النسيج الداخلي للمجتمع من حيث تنظيم أحكام الزواج والطلاق والميراث وإزالة الطبقية، والعدل والمساواة بين جميع فئات المجتمع.

٣- المجال الاقتصادي:
حرص النبي على تنمية الموارد العامة للدولة الإسلامية الناشئة والنهوض باقتصادها، ومن أبرز ملامح الاقتصاد الإسلامي:
أ- تحديد فرض الزكاة في الأموال وبيان مصارفها المشروعة.
ب- شكّلت الصدقات والغنائم موارد مهمة لبيت مال المسلمين.
ج- حث النبي على أن يكون للمسلم مهنة وصنعة يعتمد عليها في كسب رزقه.
د- تحريم الممارسات الاقتصادية التي تورث الضغينة بين أفراد المجتمع مثل: الربا، والغش.
وبهذا استطاع النبي أن يؤسس مجتمعًا يقوم اقتصاده على التكافل الاجتماعي واعتباره من مبادئ
الدين، كما يقوم اقتصاده على حب العمل والحرص على تأديته بأمانة مهما كانت طبيعة المهنة سواء كانت
زراعية أو رعوية أو تجارية أو صناعية أو كان العمل وظيفة في الدولة.

٤- المجال العسكري:
يعدُّ الأمن والاستقرار عنصرًا أساسيًّا في بناء الدول ونشأة الحضارات وتطورها؛ لذلك عمل النبي على وضع قواعد أساسية للشؤون العسكرية في الدولة الجديدة لتكون مرجعًا أساسيًّا لمراحل تطور الجيش في الحضارة الإسلامية فيما بعد، ومن هذه الأسس:
أ- وحدة القيادة، فكان النبي هو القائد العام للجیش.
ب- طاعة القائد والانضباط العسكري الذي ألزم به النبي رار الجنود.
ج- سمو الغاية التي يحارب من أجلها المسلمون، وهي أن تكون كلمة الله هي العليا.
د- وضع النبي أحكامًا عامة يسير عليها الجيش الإسلامي عند خوض الحرب بهدف حماية الإنسان وممتلکاته مهما اختلف دینه وعرقه.

٥- المجال التعليمي:
اهتمّ النبي بمجال التعليم من أجل بناء الإنسان وتقوية علاقته بربه سبحانه وتعالى، فحرص على تطبيق ما جاء به القرآن من حث على طلب العلم، فكان يعلِّم أصحابه ما يفیدهم في دینهم ودنياهم، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة منها: (مَنْ سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنة)) رواه الإمام الربيع بن حبيب، كما عمل على تطبيق ذلك عمليًّا حيث أمر أن تكون فدية بعض أسرى المشركين في غزوة بدر تعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة.

مواضيع مشابهة

الصين تاريخ وجغرافيا وسكان واقتصاد

bayanelm

درس اليابان للصف التاسع لمنهج سلطنة عمان

bayanelm

التواجد العماني في شرق افريقيا

bayanelm