
قائمة حكام سبأ
تعتبر مملكة سبأ واحدة من أبرز الممالك القديمة في جنوب شبه الجزيرة العربية، والتي شكلت جزءًا هامًا من التاريخ العربي القديم. من خلال النقوش القديمة والوثائق الأثرية، استطعنا أن نعرف الكثير عن حكام هذه المملكة الذين حكموا من أواسط القرن الثامن قبل الميلاد وحتى القرون الميلادية الأولى. على الرغم من أن هناك بعض الثغرات في الوثائق التاريخية، إلا أن الباحثين تمكنوا من بناء تسلسل زمني لحكام سبأ على مدار العصور.
المرحلة الأولى: بداية التوثيق السياسي (القرن الثامن – الخامس قبل الميلاد)
ظهرت أولى النقوش السبئية في منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، وتعود هذه النقوش إلى ما يقارب عام 750 ق.م وفقًا لآراء العلماء مثل الفرنسي كريستيان روبن. وفيما يخص بداية تشكيل الكيان السياسي لمملكة سبأ، فقد بدأ مع بزوغ أولى الملامح السياسية للقبيلة، حيث شهدت مملكة سبأ في هذه الفترة زعماء كبار حاولوا توحيد القبائل المجاورة وزيادة نفوذ سبأ في المنطقة.
الحكام في الفترة قبل المكاربة (عصر الزعامة السبئي):
قضت سبأ هذه الفترة تحت حكم الزعماء الذين لم يحملوا لقب “مكرب”، والذي كان يعني الشخص الموحد. تعتبر هذه الفترة تمهيدية لتأسيس الدولة السبئية بشكل رسمي. في هذا الوقت كان “يدع إيل بن ذمار علي” واحدًا من أقدم الزعماء السبئيين الذين وصلتنا عنهم معلومات تاريخية. وتعتبر النقوش التي ظهرت في هذه الفترة أساسية في بناء الفهم الأولي لتاريخ المملكة السبئية.
التسلسل الزمني للحكام في عصر الزعامة:
- ذمار علي (750 ق.م تقريبًا)
- يدع إيل بن ذمار علي (740 ق.م)
- يكرب ملك بن ذمار علي (730 ق.م – 700 ق.م)
هذه الفترة شهدت أهم التحولات في تاريخ سبأ، فقد بدأ المكرب الأول “يثع أمر وتر” في وضع أسس الدولة السبئية بشكل رسمي، حيث استخدم أولًا لقب “مكرب” ليُصبح علامة على القوة السياسية المركزية في المنطقة.
عصر المكاربة (القرن السابع – الرابع قبل الميلاد):
يعود بداية تأسيس الدولة السبئية بشكل واضح إلى حوالي عام 715 ق.م عندما قرر “يثع أمر وتر” أن يطلق على نفسه لقب “مكرب”، وهو ما يعني الموحد. وُجد هذا اللقب الذي حمله الحكام السبئيون لاحقًا خلال الفترة الزمنية الممتدة حتى بداية القرن الرابع قبل الميلاد. قام “يثع أمر وتر” بتوسيع الأراضي السبئية من خلال شراء الأراضي وتوسيع العلاقات التجارية مع المناطق المجاورة مثل تيماء والعراق. وُثّقت العديد من الحملات العسكرية التي قام بها “يثع أمر” وأفراد حكومته لفرض سيطرة سبأ على مناطق مختلفة، وكذلك لتحالفاتهم العسكرية مع قبائل وممالك أخرى.
أبرز حكام المكاربة:
- يثع أمر وتر بن يكرب ملك (730 ق.م – 710 ق.م)
- سمه علي ذريح بن يدع إيل (710 ق.م – 700 ق.م)
- يثع أمر بين بن سمه علي (700 ق.م – 690 ق.م)
شهدت هذه الفترة ازدهار التجارة مع شمال الجزيرة العربية وتزايد القوة العسكرية لسبأ، كما شهدت أيضًا توسيع الأراضي بشكل كبير. تأثرت سبأ بالحروب الداخلية والخارجية، بما في ذلك الصراعات مع ممالك مثل قتبان ومعين. وعلى الرغم من هذه التحديات، تمكنت سبأ من الحفاظ على قوتها والنمو المستمر خلال تلك الفترة.
التحولات الهامة في لقب المكرب إلى الملك (القرن الرابع قبل الميلاد):
في بداية القرن الرابع قبل الميلاد، بدأت تظهر تغييرات كبيرة في المملكة السبئية. أصبح لقب “مكرب” أقل استخدامًا، حيث بدأ “يدع إيل بين بن يثع أمر” في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد باستخدام لقب “ملك” بدلاً من “مكرب”، مما يعكس التحول السياسي الذي شهدته سبأ.
الحكام في العصر الملكي:
- يدع إيل بين بن يثع أمر (400 ق.م – 390 ق.م)
- سمه علي ينوف بن يثع أمر (390 ق.م – 370 ق.م)
- يثع أمر وتر؟ (370 ق.م – 350 ق.م)
- يكرب ملك ذريح؟ (350 ق.م – 330 ق.م)
العصر الريداني (القرن الأول الميلادي):
في أواخر القرن الأول قبل الميلاد، سيطرت الأسرة الريدانية على مملكة سبأ بعد فترة من التحولات السياسية. بدأ “يدع إيل بين” في استعادة السيطرة على سبأ وضم لقب “مكرب سبأ وذي ريدان” الذي أصبح يطلق على حكام سبأ في تلك الفترة. ومع الغزو الروماني للمنطقة، أصبحت العلاقة بين مملكة سبأ والإمبراطورية الرومانية تتسم بالتعاون والولاء المتبادل.
أبرز حكام الريدانيين:
- يدع إيل بين (24 ق.م – 15 ق.م)
- مجهول (15 ق.م – 5 ق.م)
- ذمار علي وتر يهنعم (5 ق.م – 20م)
- كرب إيل وتر يهنعم الأول (40م – 70م)
تمكن حكام سبأ من إقامة علاقات دبلوماسية مع الإمبراطورية الرومانية وفتح قنوات تجارية واسعة مع مناطق أخرى مثل الأنباط وأكسوم. وساهمت هذه العلاقات في استقرار سبأ لفترة طويلة.
الضعف والانهيار (القرن الثاني الميلادي):
على الرغم من القوة التي كانت تتمتع بها مملكة سبأ في البداية، إلا أن القرن الثاني الميلادي شهد تدهورًا ملحوظًا في قوتها. تعرضت مملكة سبأ لعدة ضربات من قِبل جيرانها وخاصة من ممالك مثل قتبان. كما تعرضت للاحتلال الأكسومي في العديد من الفترات.
التحولات الأخيرة:
- الشرح يحضب الأول (120م – 125م)
- ياسر يهصدق (120م – 130م)
- شمر (130م – 135م)
- ذمار علي يهبر (135م – 175م)
الاندماج مع ممالك أخرى:
خلال هذه الفترات من الانهيار والضعف، حاول حكام سبأ استعادة قوتهم من خلال تحالفات مع ممالك أخرى مثل حمير وحضرموت. في تلك الأوقات، دخلت سبأ في صراعات مع الأكسوميين الذين كانوا يوسعون نفوذهم في الجنوب العربي.
السقوط النهائي لمملكة سبأ (القرن السادس الميلادي):
مع منتصف القرن السادس الميلادي، أصبحت مملكة سبأ تحت سيطرة الأكسوميين. في حوالي عام 530م، قُتل آخر ملك شرعي لسبأ، يوسف أسار يثأر، خلال معركة ضد قوات أكسوم. وكان هذا الحدث هو النهاية الفعلية لمملكة سبأ بعد فترة من الحروب الطويلة والصراعات الداخلية.
الخلاصة:
مملكة سبأ كانت واحدة من أقدم وأعظم الممالك في شبه الجزيرة العربية. على مدار عدة قرون، مرّت بتطورات سياسية واجتماعية هائلة، وكان لحكامها دور بارز في التجارة والاقتصاد والسياسة في المنطقة. وعلى الرغم من انهيارها في النهاية، فإن تأثيرها السياسي والثقافي استمر في المنطقة، حيث تركت إرثًا من النقوش التاريخية والمعمارية التي تعكس ازدهارها العظيم في العصر القديم.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=30536