عمان العصور القديمة وصدر الاسلام
تربَّعت عُمان على قمة المجد الحضاري، وقامت بدور كبير عبر العصور القديمة وصدر الإسلام، وظهر على أرضها
ملوك وقادة وعلماء وصحابة فضلاء، وأبدعت في فنون العلم.
مسميات عمان … عبر الزمان
لقد اختلفت الآراء حول تسمية عُمان، منها: أنها مشتقة من المعنى اللغوي وهو الاستقرار والإقامة، وكذلك تُنسب إلى
عُمان بن سبأ بن يفثان، وقيل نسبة إلى قبيلة عُمان القحطانیة، كما نسبت بعض الآراء اسم عُمان إلى وادٍ في اليمن يسمى
عُمان هاجر منه الأزد.
وقد أطلقت بعض الحضارات القديمة (الشكل ٣٤) على عُمان مسميات مختلفة، فقد عرفت في الكتابات السومرية والبابلية باسم ((ماجان/مجان))، وأطلق الفرس على شمال عُمان اسم ((مزون))، كما ورد في الكتابات الرومانية اسم ميناء في عُمان يسمى عُمانه (Omana).
وعلى الرغم من تغير اسماء بعض الكيانات التاريخية والسياسية في المنطقة العربية إلا أنَّ اسم عُمان ظل فترة زمنية طويلة امتدت إلى اليوم، يشغل مساحته المعروفة من أرض العرب.
شخصية تاريخية عُمانية
الملكة شمساء: تربعت على عرش مجان منذ حوالي ٤٠٠٠ سنة، وقد كان الصراع الاقتصادي على أشده ولكنها استطاعت
بحنكتها السياسية إبرام اتفاقية مع الملك سرجون الأكادي ملك سومر وآكاد لصد الأطماع الخارجية المحيطة بعُمان، حيث
بعث الملك مندوبًا له لتوقيع هذه الاتفاقية.
ذكر مؤلف كتاب الطواف حول البحر الإريثري:
إنَّ ميناء (عُمانا) في العصور القديمة كان يصدِّر عددًا من البضائع، مثل: قوارب تدعى ماداراتا، والصبغ الأُرجواني، والملابس، والذهب.
عريقة وحضارة قديمة آثار …عُمان
تم اكتشاف العديد من المواقع الأثرية في عُمان والتي تبرهن على قيام مستوطنات بشرية وتجمعات سكانية في السواحل والأودية وسفوح الجبال، وقد عُثر في هذه المواقع على أدوات حجرية وفخارية الشكل(٣٦)، بالإضافة إلى بعض الأدوات المعدنية.
ولا تكاد تخلو محافظة من محافظات عمان من موقع أثري قديم؛ مما يدل على ثراء الحضارات التي قامت على أرضها ويوضّح الشكل(٣٧) بعض هذه المواقع.
موقع بات الاثري
اكتُشِفَ في موقع بات بولاية عبري العديدُ من المدافن ذات بناء هندسي فريد، يدل على التقدُّم المعماري في
عُمان قديمًا ووجود طقوس واعتقادات دينية لما بعد الموت، ونظرًا لأهمية مستوطنة بات فقد أدرجتها منظمة
الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في قائمة التراث العالمي عام ١٩٨٨م.
في عام ٢٠١٨م نجحت السلطنة في تسجيل مدينة قلهات (الشكل ٣٩) ضمن قائمة التراث العالمي نظرًا لمكانتها التاريخية، يعود تاريخ هذه المدينة إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
بعض الرموز والنقوش الاثرية العمانية القديمة
هجرات عربية نحو عُمان
استقبلت عُمان عددًا من الهجرات العربية، من أبرزها: قبيلة الأزد، وقبائل بني سامة بن لؤي، وقبائل عبد القيس (الشكل ٤١)، وقد كان لدخولها عُمان أثر كبير على الحياة السياسية والاقتصادية فيها، حيث شكلت مع القبائل العربية التي كانت موجودة في عُمان قوة سياسية تمكنت من طرد الفرس بقيادة مالك بن فهم الأزدي ، كما أسهمت هذه القبائل في إنعاش النشاط الاقتصادي، إذ قامت بشق الأفلاج كفلج الملكي في ولاية إزكي نسبة إلى مالك بن فهم، الذي كان له الأثر الكبير
في ازدهار النشاط الزراعي بهذه المدينة.
شمس الإسلام تشرق على عمان
دخل العُمانيون الإسلام طواعية فقد بعث الرسول َله برسالته إليهم مع عمرو بن العاص، ثم تبعتها رسائل أخرى يوضِّحها الشكل (٤٢).
وفد رهط من قبيلة ثمالة بزعامة عبدالله بن علس الثمالي ورهط من بني الحدان بزعامة مسلية بن هزان الحداني
إلى رسول الله فكتب لهم:
((هذا كتاب من محمد رسول الله لبادية الأسياف ونازلة الأجواف مما حازت صحار)).
الأسياف: جمع مفردها السّيف، وهو ساحل البحر.
رسالة إلى أهل دما (السيب):
((من محمد رسول الله إلى أهل عُمان أما بعد، فأقروا بشهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأدّوا الزكاة وخطوا المساجد)).
خرج وفد من أزد عُمان إلى رسول الله فيهم يبرح بن أسد الطاحي، فأعطاهم رسالة جاء فيها:
(( من محمد رسول الله إلى من يقرأ كتابي هذا، ممن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة ، فله أمان الله
وأمان رسول الله)).
وقد شارك العُمانيون في الفتوحات الإسلامية، مثل: فتح بلاد فارس، وبلاد الشام، كما كانت لهم مشاركة واضحة في فتح مصر، إذ كان سدس الجيش الذي دخل الإسكندرية من قبيلة المهرة العُمانية، التي استوطن بعض أفرادها مصر بعد استقرار الأمن ودخول أهلها الإسلام.
اضف الى معلوماتك
من القبائل العُمانية التي وفدت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قبائل الحدان التي تنسب إلى الحدان بن
شمس، ومن زعمائهم صبرة بن شيمان الحداني الذي كان على رأس الأزد في جيش عثمان بن أبي العاص الذي
خرج من عُمان لفتح بلاد فارس، وذلك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وقد هاجر بعض بني الحدان إلى
البصرة وبنوا لهم مسجدًا عُرف باسم ((مسجد الحدان)).